بقلم د/ سمر أبو السعود

يعد الفساد واحدٌ من أكبر المشكلات التي تعاني منها أفريقيا، لاسيما وأنه أحد الظواهر التي تتفاقم وتزداد تدهورا وسوءاً بمرور الوقت، حيث تغلغل بشكلٍ كبير في جميع مفاصل ومؤسسات الدول الأفريقية وتوطن فيها، وبعد أن كان مجرد وسيلة للحياة أصبح الآن وسيلة لجمع الثروات؛ فأدى إلى زيادة معدلات الفقر لدى عامة الشعب في مقابل تراكم ثروات النخب الحاكمة وأصحاب الشركات الكبرى بصورة هائلة، والفساد هو العائق الأكبر أمام تنمية الدول الأفريقية؛ فهو يعوق التنمية الإدارية ويُضعِف الأداء الحكومي، ويؤثر سلباً على الكفاءة الاقتصادية، وكما أنه يقضي على المبادرات والمشروعات المحلية، فضلاً عن أنه يزيد من حدة المشكلات الاجتماعية ويغذيها مثل انتشار الجريمة وزيادة حدة المشكلات المتعلقة بالأسرة.

أولاً: تطور ظاهرة الفساد في أفريقيا خلال الاستعمار:

ظهر الفساد في أفريقيا بقوة في أعقاب الاستعمار الغربي لها، ثم استشرى واستفحل بمرور الوقت حتى أصبحت أفريقيا بالصورة التي هي عليها الآن في الأذهان والمتمثلة في كونها موطن الفساد بامتياز. وبرغم ذلك فلا يمكن القول بأن الفساد لم يكن موجوداً في أفريقيا قبل الاستعمار، ولكنه تبلوَر بصورة واضحة في أعقابه[1]، كما أنه لا يمكن الجزم بأن ذلك كان مقصوداً، وإنما جاء نتيجة لممارسات الحكام الاستعماريين، فانتقال الفساد إلى الشعوب التي تم استعمارها من الغرب كان نتيجة حتمية، خاصةً وأن الاستعمار جاء امتداداً للنظام الاقتصادي الجديد الناجم عن الثورة الصناعية والتي أفرزت الفساد[2]، فقد جاء الاستعمار تلبيةً لمتطلبات الثورة الصناعية الأوروبية المتمثلة في الحاجة إلى توفير المواد الخام وفتح أسواق جديدة، مما جعل استعمار أفريقيا هو الحل الأمثل لتوفير كلتا الحاجتين.[3]

  1. فرض الهياكل الضريبية على المجتمعات الأفريقية:

الاقتصادات الأفريقية التقليدية كانت اقتصادات غير نقدية، وبالتالي فقد كانت تفتقر إلى وجود الهياكل المالية والاقتصادية التي يمكن للفساد العبور من خلالها، فالفساد يتطلب وجود نظام نقدي متطور يقوم على تمييز واضح بين المصالح، وقد أدخل المستعمر الغربي تلك الهياكل إلى أفريقيا، حيث كان في حاجة إلى وجود هياكل ومؤسسات مشابهة لتلك الموجودة لديه في أوروبا حتى يتمكن من إدارة مستعمراته وفقاً لما اعتاد عليه، دون الأخذ في الاعتبار مدى حاجة الشعوب الأفريقية الحقيقة لتلك االهياكل من عدمها، فكانت الهياكل الضريبية من أكثر الهياكل التي عززت من نمو الفساد في أفريقيا[4]، فقد فُرِضَت الضرائب الإجبارية على الشعوب الأفريقية لصالح القوى الاستعمارية، حيث كانت هذه هي الوسيلة التي يتم من خلالها توفير العمالة الأفريقية الرخيصة من جهة، وإجبارها على العمل في مزارع البيض ومناجمهم من جهة أخرى، خاصةً وأن الأفارقة كانوا يرفضون العمل لدى المستعمر طواعيةً، فضلاً عن أنهم كانوا يستخدمون نظام المقايضة في تعملاتهم التجارية وليس النظام النقدي، وبالتالي فقد كان لا بد لهم من العمل لدى المستعمر، حتى يتمكنوا من الدفع نقداً، فالنقد اللازم لدفع الضرائب لم يكن متوفراً سوى لديه.

ولم تكن عملية فرض الضرائب في حد ذاتها هي السبب في انتشار السلوك الفاسد، بل الطريقة التي كان يتم من خلالها جمع الضرائب، فقد اعتمد الاستعمار على زعماء القبائل والجماعات في جمع الضرائب، وعندما كان يرفض بعضهم التعاون مع الاستعمار كان يتم استبدالهم بآخرين، وفي سبيل تحفيزهم على جمع أكبر قدر من الضرائب، كان يُسمح لهم بالاحتفاظ بجزء من أموال تلك الضرائب، والتي كانت بمثابة رشوة يتم دفعها للزعماء حتى يتحمسوا لجمع الضرائب، فاستبدل بذلك نظام تبادل الهدايا الذي كان مُتَّبَعاً بين الزعماء الأفارقة وبعضهم البعض بصورته التقليدية قبل الاستعمار ليحل محله نظام منح الرشاوى في صورة عمولات.[5]

وقد يرى البعض أن نظام تبادل الهدايا يمكن تصنيفه كنوع من أنواع الرشوة، ولكن الحقيقة هي أن طبيعة نظام تبادل الهدايا مختلف تماماً، فالهدايا لم تكن تُقدم بغرض الحصول على خدمة أو التعدي على المصلحة العامة للجماعة أو القبيلة، كما أنها لم تكن تتضمن أية انتهاكات للاعتبارات الأخلاقية السائدة، وكانت تُقدم من منطلق المؤاخاة والمحبة، أما فكرة منح نسبة من الضرائب التي يتم جمعها ترتب عليها تراكم الملكيات الخاصة، والاتجاه إلى نمط حياة استهلاكي مشابه لنمط حياة المستوطنين، وبمرور الوقت أصبح من الصعب التخلي عن هذا النمط، وأصبح الزعماء التقليدين لا شعورياً يُسيئون استخدام مناصبهم لتوفير أكبر قدر ممكن من الضرائب حتى يتمكنوا من تغطية تكاليف النمط الاستهلاكي الجديد لحياتهم، وهي النقطة التي بدأت تتشكل من خلالها منظومة الفساد السياسي والإداري والاجتماعي في أفريقيا، فالمكاسب التي حصل عليها الزعماء الأفارقة من جمع الضرائب الباهظة جعلتهم يتجاهلون الآثار والنتائج السلبية المترتبة عليها، والتي كان من أبرزها اختلال منظومة الاقتصاد الأفريقي التقليدي المعتمد على الزراعة والرعي والصيد، فقد اضطرت الغالبية العظمى من الرجال إلى العمل في مناجم البيض ومزارعهم كرهاً، مما ترتب عليه انخفاض الإنتاج الزراعي حيث أصبحت الزراعة تعتمد على النساء، وتدهور البنية التحتية التقليدية للقرى لغياب الرجال لفترات زمنية طويلة عنها، حيث كانوا هم من يقومون بعمليات إصلاح المنازل والمرافق العامة، وحتى أولئك الذين رفضوا العمل في المناجم والمزارع المملوكة للمستوطنين، اضطروا إلى بيع المواشي التي يمتلكونها نقداً بثمنٍ بخس حتى يتمكنوا من الوفاء بالتزاماتهم الضريبية.[6]

  • استخدام سياسة فرق تسد في إدارة المستعمرات:

اتبعت القوى الاستعمارية سياسة فرق تسد سواء في إدارة المستعمرات أو بين الجماعات الإثنية في أفريقيا؛ فكان يتم تقسيم المستعمرات إلى قسمين هما المستعمرة والمحمية[7]، فكانت المستعمرة تدار بصورة مباشرة من جانب الإدارة الاستعمارية، وكانت تشهد كل عمليات التنمية من رصف طرق وبناء مدارس ومستشفيات وجامعات … إلخ، بينما كانت تدار المحمية من خلال الزعماء التقليديين، فكان القسم التابع للمحمية مُهمل تماماً لا يحصل أبناؤه على أي قدر من التعليم ولا يشهد أي نوع من التنمية.[8]

كما كانت تستخدم سياسة فرق تسد بين الجماعات الإثنية وبعضها البعض بغرض التمكن من تقويض تلك الجماعات وإخضاعها والسيطرة عليها، وتعد بريطانيا من القوى الاستعمارية التي برعت في استخدام هذه السياسية[9]، فدائماً ما كانت تقوم بتفضيل جماعة ما أو عدد من الجماعات وتمنحها المزيد من السلطات والامتيازات على حساب باقي الجماعات بهدف تأمين ولاء الجماعة الممنوح لها السلطة والامتيازات، وخلق حالة من التنافس بين الجماعات لوأد أي محاولة للوحدة بينها في مواجهة الاستعمار، حتى وصل الأمر في بعض الأحيان إلى إحداث حالة من الفرقة والانقسام بين الجماعات الموالية للاستعمار ذاتها[10]، فكان يتم منح امتيازات كبيرة لبعض هذه الجماعات، ومنح امتيازات أقل للجماعات الأخرى بما يثير الكراهية والضغائن بينها، وبذلك يضمن الاستعمار عدم اتخاذ موقف موحد لتلك الجماعات في مواجهته من جهة، ووجود بديل في حال انقلبت عليه الجماعة الرئيسية الموالية له من جهة أخرى.

ثانياً: تطور ظاهرة الفساد في أفريقيا بعد الاستقلال:

أنشأ المستعمر الأوروبي الهياكل والمؤسسات الأفريقية بالشكل الذي يضمن له الحفاظ على مصالحه في أفريقيا حتى بعد استقلالها، حيث توارثت الدول الأفريقية المستقلة حديثاً تلك الهياكل والمؤسسات والتي تحولت بمرور الوقت لخدمة مصالح النخب السياسية بدلاً من الاستعمار.

  1. استخدام الاستعمار لسياسة فرق تسد مع حركات التحرير:

فكما استُخدِمَت هذه السياسة في حكم وإدارة المستعمرات، استُخدِمَت أيضاً في مرحلة النضال من أجل الاستقلال بهدف إضعاف حركات التحرير التي اجتاحت أفريقيا في الخمسينيات مطالبةً بالاستقلال، فاستخدمت هذه السياسة مع أعضاء حركات التحرير[11]، حيث كان يتم قَبول التفاوض مع أشخاص دون الآخرين من أعضاء نفس الحركة، أو التفاوض مع إحدى الحركات وقبول شروطها دون الأخرى، كما كان يتم منح بعض الحركات عدداً من المزايا والمكافآت دون الآخرين، مما أدى في النهاية إلى وقوع العديد من الانقسامات والانشقاقات في صفوف حركات التحرير من جهة، وولاء بعض من هؤلاء للسلطات الاستعمارية من جهة أخرى، كما سعى الاستعمار إلى شراء البعض من خلال تقديم المزايا المادية والمكافآت المجزية في مقابل خيانتهم لذوييهم[12]، ولعل تاريخ حرب الاستقلال في كينيا خير مثالٍ على ذلك، حيث سُجِّلت العديد من حالات تسليم حراس منازل مقاتلي الاستقلال إلى الإدارة الاستعمارية مقابل الحصول على خدمات ومزايا شخصية.

نتيجة لما سبق، تغلغلت حالة الانشقاق والانقسام في كامل نسيج الدولة الأفريقية بعد الاستقلال، مما شجع على استشراء مظاهر الفساد في تلك الدول، حيث ظهرت “المحسوبية الإثنية” بعد أن اتجه الزعماء والقادة الأفارقة بعد الاستقلال إلى تفضيل أعضاء جماعاتهم الإثنية، وهو ما عزز انتشار عدد آخر من الممارسات الفاسدة مثل الاختلاس، فقد كان يتم التغاضي عن المختلسين لمجرد انتمائهم للجماعة الإثنية المفضلة للزعيم، كما كان يتم تعيين أهل الثقة في المناصب الإدارية والسياسية الهامة حتى وإن كانوا لا يمتلكون الخبرة والكفاءة اللازمة، أو أن يكونوا مؤهلين لذلك.[13]

  • الاعتماد على النموذج الاستعماري للحكم بعد الاستقلال:

اعتمد غالبية الزعماء والقادة الأفارقة في أعقاب الاستقلال على النموذج الاستعماري في إدارة دولهم الوليدة، وهو ما نتج عنه بالتبعية استمرار انتشار الممارسات الفاسدة في الهياكل والمؤسسات المختلفة، فلم يسع أي من القادة الأفارقة إلى استحداث نموذجٍ جديدٍ لإدارة الدولة يتناسب مع طبيعة وخصوصية الحالة الأفريقية[14]، وقد ذكر نكروما أن “الزعماء والقادة الأفارقة  قبل الاستعمار كانوا يتمتعون بامتيازاتٍ وسلطاتٍ محدودة، وعندما جاء الاستعمار منحهم السلطات والامتيازات بصورة غير المحدودة لضمان ولائهم له”[15]، فأصبح هؤلاء القادة والزعماء يتخذون قراراتهم بما يحقق مصالح الاستعمار، ودون إيلاء أية أهمية للقيم والأعراف السائدة محلياً لضمان استمرار تدفق السلطات والامتيازات الممنوحة لهم في التدفق عليهم، وبقي الحال على ما هو عليه بعد الاستقلال، وكل ما هنالك أنه تم استبدال أولئك الموالين للاستعمار بالموالين للرئيس الجديد[16]، والذين استغلوا مناصبهم وسلطاتهم في جمع ثرواتهم الشخصية بصورة غير مشروعة، فكانت النتيجة أن باءت كافة محاولات وضع حدٍ لذلك بالفشل، فالنخب السياسية تتصدى لأية محاولة من شأنها تقليص الامتيازات والصلاحيات الممنوحة لهم، وهو ما أسهم في تفشي وانتشار الفساد في أفريقيا بعد الاستقلال.[17]

  • استخدام الدساتير الموروثة عن الاستعمار:

عندما أدركت القوى الاستعمارية أن الدول الأفريقية في طريقها للحصول على الاستقلال إن عاجلاً أو آجلاً، بدأت في التفاوض مع القادة والزعماء الوطنيين بشأن منح دولهم استقلالها، على أن يتم تشكيل الدساتير الجديدة لتلك الدول تحت إشراف الإدارة الاستعمارية[18]، فتم وضع دساتير منحت الاستعمار السيطرة والهيمنة غير المباشرة على الدول الأفريقية بعد الاستقلال، في مقابل السماح للنخب السياسية بالتلاعب في تلك الدساتير لصالحها، وهو ما ترتب عليه صياغة قوانين الدساتير بصورة تدعم ممارسات الفساد؛ حيث أنها تدعم مركزية السلطة، وتُضعف المشاركة الديمقراطية، وتزيد من سيطرة وهيمنة الدولة على الأنشطة الاقتصادية، مما ترتب عليه في النهاية عدم توافر الإرادة السياسية اللازمة لمكافحة الفساد في الدول الأفريقية والتصدي له.[19]

وكما وُضعت الدساتير الأفريقية بشكلٍ يُضعِف من دوّر المجتمع المدني، وضعت أيضاً بشكل يمنح المؤسسة الرئاسية صلاحيات وسلطات هائلة تتركز غالبيتها في يد الرئيس، وهو ما يمنح نظامه شرعية قانونية كبيرة، في المقابل تجاهل أصوات المعارضة والمجتمع المدني تماماً، كما أن غالبية مؤسسات الدولة مسئولة أمام الرئيس فقط بموجب الدستور وليس أمام الشعب، وهو ماجعل المسئولين الحكوميين مجرد مساعدين للرئيس، كل ما يؤهلهم لتولي مناصبهم هو ولائهم له وثقته بهم، دون أدنى اهتمام لاعتبارات لخبرة والكفاءة، وبمرور الوقت وتوارث هذا النموذج في إدارة الدولة جيلاً بعد جيل أصبح الفساد متأصلاً ومستشرياً في كافة قطاعات الدولة ومؤسساتها، وعلى كافة المستويات.[20]

  • انتهاء الحرب الباردة وظهور الأجندة العالمية الجديدة:

بحلول التسعينيات وانتهاء الحرب الباردة لصالح الولايات المتحدة الأمريكية، سقطت الرأسمالية والاشتراكية، وظهرت الأجندة العالمية الجديدة ببنودها السبعة والمتمثلة في (الديمقراطية والحكم الرشيد – التكيف الهيكلي – حقوق الإنسان – حقوق المرأة والطفل – حقوق الأقليات – حقوق الجماعات المهمشة – الحفاظ على البيئة)، والتي أفرزت الفساد المتفشي في أفريقيا بشكله وممارساته الحالية، فهذه الأجندة لا تتعدى كونها محاولة من الغرب لفرض قيمه وممارساته على الدول النامية، حتى وإن كانت هذه القيم والممارسات لا تتناسب مع طبيعة البيئة الداخلية لتلك الدول، فكانت النتيجة ظهور الممارسات الفاسدة في أفريقيا بصورة فجة في أعقاب البدء في تنفيذ بنود هذه الأجندة، خاصةً ما يتعلق منها بالديمقراطية والتكيف الهيكلي، فقد طُبقت الديمقراطية بصورة مشوهة ومنقوصة أفرزت الفساد المتعلق بالأحزاب والعملية الانتخابية، كما أفرز تطبيق الخصخصة جيوشاً من العاطلين عن العمل بعد تسريحهم من مؤسساتهم في القطاع العام وبيعها للقطاع الخاص، حيث اتجه غالبية هذه الأعداد الكبيرة من العاطلين عن العمل والفاقدين لمصدر رزقهم وحتى أولئك كذلك الذين ظلوا يعملون في شركاتهم إلى انتهاج عددٍ من الممارسات الفاسدة مثل الرشوة والمحسوبية واختلاس المال العام وغيرها من الممارسات الفاسدة.[21]

ثالثاً: طبيعة الوضع الحالي لظاهرة الفساد في أفريقيا:

في إطار ما سبق، يتضح أنه على الرغم من أن بداية ظهور الفساد في أفريقيا جاء بعد الاستعمار الغربي لها، إلا أنه لا يمكن الإلقاء باللوم كاملاً على الاستعمار، فالقادة الأفارقة مُنِحوا الفرصة كاملةً بعد استقلال دولهم للتصدي للفساد ومواجهته، ولكنهم فضَّلوا الإبقاء عليه لضمان تحقيق مصالحهم الشخصية على حساب مصالح شعوبهم، فأكثر ما تفتقر إليه أفريقيا في سياق مكافحة الفساد والتصدي له هو عدم توافر الإرادة السياسية اللازمة لذلك، فليس من الصعب ملاحظة أن جهود مكافحة الفساد في أفريقيا غالباً ما يتم تعطيلها من جانب النخب الحاكمة والقيادة السياسية فيها، والتي تعتمد على الفساد وممارساته لضمان وجودها واستمرارها في الحكم، فهو الأداة التي تُمكنهم من الهيمنة على الموارد والثروات واستخدامها في تعزيز بقائهم واستمرارهم في الحكم.

  1. الفساد السياسي:

أصبح بقاء واستمرار القادة الأفارقة في الحكم مرهوناً بمدى قدرتهم على توفير المنافع المادية لأنصارهم، أو شراء المعارضين المحتملين لهم، فكانت النتيجة اغتيال وسجن ونفي أكثر من نصف الرؤساء الذين تولوا السلطة في أفريقيا[22] منذ الاستقلال وحتى التسعينيات[23]، واتجاه النصف الثاني إلى تطبيق الديمقراطية بصورةٍ مشوهة ومفتقرة للسمة الأبرز التي يمكن أن تَحُد من الفساد المستشري في الدول الأفريقية وهي (التداول السلمي للسلطة) فذات الحزب وذات الحكومة وذات الشخص يستمرون في حكم الدولة لعقود متتالية، حتى أن منهم من يحكم بلاده منذ ما يزيد عن 40 عاما وحتى الآن. [24]

وقد أدى انتشار الفساد السياسي على النحو السابق بصناع القرار في أفريقيا إلى القبول بسلع وخدمات دون المستوى نتيجة لعدم امتثال المسؤولين للمحاسبة والعقاب أو شراء سلع وخدمات لا يوجد حاجة لها على الإطلاق، وإنشاء أسواق لسلع غير ضرورية بالمرة، والمثال الأبرز لتلك المسألة هو تخصيص نسبة كبيرة من الناتج القومي الإجمالي في الدول الأفريقية لشراء المعدات العسكرية برغم عدم وجود حرب فعلية أو حتى محتملة يمكن أن تخوضها تلك الدول وذلك مقابل الحصول على رشوة أو عمولة، كأن يتم تقديم رشوة من شركات السلاح للمسؤولين في الدول الأفريقية، أو أن يتم تقديم هذه المعدات كجزء من إحدى برامج المساعدات، فأصبح الحصول على قاذفة صواريخ ذو أولوية لدى صانع القرار عن تطوير منظومة الري، أو رصف طريق سريع، أو تحسين البنية التحتية.[25]

  • الفساد البيروقراطي:

وارتبط انتشار الفساد السياسي في أفريقيا بانتشار وتفشي الفساد البيروقراطي فيها، وهو الفساد المؤسسي الناجم عن ضعف وهشاشة مؤسسات الدولة، وغياب القواعد واللوائح التنظيمية والرقابية التي تحكم عملها، وفساد العاملين والموظفين بالجهاز البيروقراطي الذين يتلقون الرشوة مقابل تقديم الخدمات الروتينية لعامة الشعب[26]، وترجع البداية إلى تبني غالبية الدول الأفريقية في الفترة التي تلت الاستقلال وحتى أوائل التسعينيات الفكر الاشتراكي، فكانت الدولة هي رائدة الأعمال، والمساهم الأكبر في صنع القرار الاقتصادي وإقامة المشروعات، مما أدى إلى صعوبة الفصل بين الفساد السياسي والبيروقراطي في أفريقيا، فكلاهما متادخل ومترابط مع الآخر بصورة كبيرة، بل إنهما يكادا أن يكونا متطابقين، فمركزية اتخاذ القرارات الاقتصادية والسيطرة على موارد الدولة من قبل النُخب الحاكمة في إطار الصلاحيات الواسعة التي كانت تمتلكها تلك النخب بموجب الدساتير من جهة، وضعف الجانب الرقابي والقضائي بموجب ذات الدساتير من جهة أخرى، نتج عنه في النهاية تحول مؤسسات الدولة إلى مناجم من الثروات لذوي المناصب العامة من السياسيين والإداريين[27]، فبدأت الممارسات الفاسدة في الظهور بصورة فجّة كما هي عليه الآن؛ لا سيما وأن النُخب الفاسدة في أفريقيا دائماً ما تكون محمية من قبل المؤسسة الرئاسية وأحياناً من قبل الرئيس ذاته[28]، ولعل امتلاك الغالبية العظمى من القادة والزعماء والرؤساء الأفارقة – إن لم يكونوا كلهم- الذين تولوا السلطة في أعقاب الاستقلال هم وذويهم لثروات وأملاك لا تتناسب بأي حال من الأحوال مع العوائد الرسمية للمناصب التي تولوها من أوضح الأدلة والبراهين على ذلك.[29]

  • العلاقة بين الفساد السياسي والبيروقراطي:

أدى تركيز السلطة في يد الرئيس إلى تسييس الجهاز البيروقراطي للدولة، فتفشت ظاهرة المحسوبية، وأصبح الولاء للدولة مرادفاً للولاء لشخص الرئيس أو لأفراد نخبته[30]، وقد أدى هذا التسييس إلى عدم خضوع الجهاز البيروقراطي للمسائلة وحكم القانون، كما أنه لم يعد خاضعاً لأي رقابة من أي نوع، وهو ما كان بمثابة دعوة واضحة وصريحة للفساد، نتج عنها خلق شبكة لتوزيع النفوذ والسلطة، وأصبح يتم إساءة استخدام الوظائف العامة بهدف تحقيق مكاسب وثروات شخصية وليس فقط تقديم الخدمات للنخبة السياسية، فأصبحت الخدمات تُقدم أيضاً لمن يدفع أكثر وأصبحت ثقافة الفساد هي السائدة في الجهاز الإداري للدولة الأفريقية، فقد بدأت المحسوبية لصالح النخبة السياسية وانتهت بالرشوة لتحقيق ثروات ومكاسب شخصية.[31]

كذلك أدى تركيز السلطة في يد المؤسسة الرئاسية في الدول الأفريقية إلى وجود حالة من التواطؤ بين النظام السياسي والجهاز البيروقراطي والسلطة القضائية، فلم يعد للقانون أي سيادة فعلية فيما يخص الشئون العامة إلا عندما تشاء المؤسسة السياسية ذلك[32]، وأصبح الجهاز البيروقراطي في غالبية الدول الأفريقية مجرد امتداد للحزب الحاكم، والبرلمانات أصبحت هي الجهة التي يَسُن من خلالها الرئيس القوانين التي يريدها، حتى السلطة القضائية أصبح الرئيس وحزبه هما المتحكمين بها، خاصة فيما يتعلق بقضايا الفساد، حيث قُوضت قدرتها على الفصل في تلك القضايا وإصدار الأحكام بشأن المذنبين طالما أن الرئيس وحزبه لا يرغبون في ذلك، فالرئيس بموجب الدستور هو من يقوم بتعيين القضاة والمحلّفين وهو من يقوم بترقيتهم وكذلك إقالتهم.[33]

في إطار ما سبق، يمكن القول بأنه على الرغم من أن عملية مكافحة الفساد في أفريقيا قد تبدو صعبة ومعقدة، إلا أنها ليست مستحيلة، فهي تطلب أولاً وجود الرغبة والإرادة السياسية الحقيقية لذلك، ثم تطلب سن القوانين والقواعد اللازمة، ثم إنشاء الأجهزة والبرامج المناسبة لمكافحة كل شكل من أشكال الفساد، على أن تتضمن هذه البرامج آليات قوية للحساب والعقاب يوفرها نظام قانوني قوي وقادر على ملاحقة الفاسدين ومقاضاتهم أياً من كانوا دون استثناءاتٍ أو خوف، وأياً ما كانت مواقعهم في السلطة أو مناصبهم التي يتولونها[34]، فماذا إذا صدر قانون في أي من الدول الأفريقية يقضي بمعاقبة أي شخص يثبت تورطه في قضية ما من قضايا الفساد بالسجن المشدد لفترة طويلة دون حصانة لأي منصب أو موقع يشغله مع مصادرة جميع ممتلكاته؟

مراجع الدراسة:


[1] William Easterly, “Can Foreign Aid Save Africa?”, (New York: Saint John’s University, Clemens Lecture series 2005, No. 17, December 2005), p. 15.

[2] يؤرخ الكثيرون لبداية ظهور الفساد بشكله الحالي إلى الثورة الصناعية في القرن الـ19 ، حيث أنجبت الثورة الصناعية اقتصاداً معقداً يعتمد على عمليتي التمويل والاستثمار، مما يتطلب وجود شبكة مصرفية هائلة، ونظم ائتمانية وقانونية معقدة، وهو ما نتج عنه اللجوء لذوي الياقات البيضاء وهم مجموعة من المستخدمين والفئات الدنيا من الطبقة المتوسطة الذين لا يعملون بأيديهم والذين يرتدون الياقات البيضاء تمييزاً لهم عن العمال اليدويين الذين لا يرتدون مثل هذه الملابس، حيث ظهر ما يعرف باسم جرائم ذوي الياقات البيضاء، وهي جرائم فساد بامتياز، وتشير إلى الجرائم غير العنيفة والمرتكبة لدوافع مالية من قبل رجال الأعمال وأصحاب النفوذ، وتشمل الاحتيال والرشوة ومخططات بونزي والتجارة من الداخل والاختلاس والجرائم الإلكترونية وانتهاك حقوق الطبع وغسيل الأموال وانتحال الشخصية والتزييف … للمزيد أنظر:

  • د. عبد الوهاب الكيالي (محرر)، موسوعة السياسة، (بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، دار الهدى للطباعة والنشر، الجزء الثالث، 1999)، ص 774.

– Munyae M. Mulinge and Gwen N. Lesetedi, “Interrogating Our Past: Colonialism and Corruption in Sub-Saharan Africa”, in African Journal of Political Science, (Dar el Salaam: African Association of Political Science, Vol. 3, No. 2, 1998), p. 17.

[3] Osoba, S.O. (1996) “Corruption in Nigeria: Historical Perspectives”, Review of African Political Economy, (London: Taylor & Francis Ltd., Vol. 23, No.69, September 1996), Pp.371-386.
[4] Munyae M. Mulinge and Gwen N. Lesetedi, Op.Cit., p. 18.

[5]  ففي بوتسوانا على سبيل المثال كان يتم منح القادة والزعماء التقليديين نسبة 10% من إجمالي الضرائب التي يجمعونها … للمزيد أنظر:

  – Munyae M. Mulinge and Gwen N. Lesetedi, Op.Cit., Pp. 18-19.

[6] Idem.

[7] تعد سيراليون وإرتريا من أبرز الأمثلة على إدارة الأقاليم الاستعمارية بطريقة المستعمرة والمحمية… للمزيد أنظر:

 – د. ابراهيم أحمد نصر الدين، تجارب حركات التحرير الأفريقية، (القاهرة: دار المصري للنشر، الطبعة الأولى، 2010)، ص ص 26-27.

– سمر محمد حسين أبو السعود، مرجع سبق ذكره، ص ص 37-38.

[8] Munyae M. Mulinge & Gwen N. Lesetedi, Op.Cit., p. 19-20.

[9]  من أبرز الأمثلة على ذلك تعامل الاستعمار البلجيكي مع جماعتي الهوتو والتوتسي في رواندا وبوروندي وتعامل الاستعمار البريطاني مع البوجاندا في أوغندا، والإيبو في نيجيريا، والشونا في زمبابوي … للمزيد أنظر:

– A. D. Roberts, “The Sub-Imperialism of the Baganda”, in Journal of African History,(Cambridge: Cambridge University Press, Vol. 3, Issue 3, November 1962), Pp. 435-450.

– Warren Weinstein & Robert Schrire, Political Conflict and Ethnic Strategies: A Case of Burundi, (New York: Maxwell School of Citizenship and Public Affairs, 1976).

– Chester L. Hunt & Lewis Walker, Ethnic Dynamics: Pattern of Intergroup Relations in Various Societies, (Homewood, Illinois: The Dorsey Press, 1974).

– John Day, “The Insignificance of the Tribe in the African Politics of Zimbabwe Rhodesia”, in The Journal of Commonwealth & Comparative Politics, (London: Taylor & Francis Ltd., Vol. 18, Issue 1, 1980).

[10] من الأمثلة على ذلك استخدام بريطانيا لهذه السياسة في مالاوي، والتي كانت تعرف في ذلك الوقت باسم نياسا لاند (Nyasaland)، فقد كانت تمنح الامتيازات لأكثر من جماعة ولكن كان يتم تفضيل جماعة شعب نجوندي عن باقي الجماعات … للمزيد أنظر:

– Owen J. M. Kalinga, Historical Dictionary of Malawi (Historical Dictionaries of Africa), (Lanham: Scarecrow Press, Rowman & Littlefield Publishing Group, 4th edition, December 2011), Pp. 65-72.
–  Munyae M. Mulinge and Gwen N. Lesetedi, Op.Cit., Pp. 19-20.

[11] مثل ما حدث في إرتريا في أعقاب الحرب العالمية الثانية مع جمعية حب الوطن المنوط بها التفاوض مع بريطانيا بشأن تقرير مصير الشعب الإرتري عام 1941 وكانت هذه الجمعية تضم الإرتريين بمختلف طوائفهم وأقاليمهم، وهو ما لم يصادف هوى بريطانيا فقامت بالتعاون مع الحكومة الإثيوبية عام 1943 بالوعز لدى بعض القائمين على الجمعية من خلال شراء الذمم وتقديم الوعود بتقليدهم مناصب عليا من جهة، وممارسة التهديد بل وأحياناً العنف ضد القايدات الرافضة للانصياع من جهة أخرى، وهو ما تسبب في النهاية إلى فقدان الجمعية لقوتها وكفائتها وقدرتها على تحقيق أهدافها بعد أن كانت قد حققت الكثير قبل الاتجاه إلى تفتيتها … للمزيد أنظر:

–  د. ابراهيم أحمد نصر الدين، تجارب حركات التحرير الأفريقية، مرجع سبق ذكره، ص ص 28-43.

[12] Munyae M. Mulinge & Gwen N. Lesetedi, Op.Cit., Pp. 20-21.
[13] Idem.

[14] George Robb, White-collar Crime in Modern England, (London: Cambridge University Press, 1992), Pp. 125 – 130.

[15] Kwame Nkrumah, Class Struggle in Africa, (London: Panaf Books Ltd.,3rd Print, 1972), p. 60.

[16] David K. Leonard, African Successes: Four Public Managers of Kenyan Rural Development, (California: California University Press, 1991) Pp. -2829.

[17] Munyae M. Mulinge and Gwen N. Lesetedi, Op.Cit., p. 22

[18] مثل الترتيبات الدستورية للفيدرالية الإثيوبية / الإرترية في الخمسينيات، والترتيبات الدستورية الناميبية خلال السبعينيات … للمزيد أنظر:

– د. ابراهيم أحمد نصر الدين، تجارب حركات التحرير الأفريقية، مرجع سبق ذكره، ص ص 51-54، 108-127.

[19] Munyae M. Mulinge & Gwen N. Lesetedi, Op.Cit., Pp. 22-23
[20] Kempe Ronald HoPe Sr., African Political Economy: Contemporary Issues in Development, (Armonk: M.E. Sharpe, 1st Edition, 1997), Pp. 88-100.

[21] د. ابراهيم نصر الدين، دراسات في النظم السياسية الأفريقية، مرجع سبق ذكره، ص 387.

[22] تم اغتيال ما يزيد عن 20 رئيس أفريقي إما بسبب الانقلابات العسكرية، أو الحروب والصراعات الأهلية، من أبرزهم: عبد الرشيد علي شارماركي في الصومال 1969، فرانكويس تومبالبي في تشاد عام 1975، مورتالا محمد في نيجيريا عام 1976، محمد أنور السادات في مصر عام 1981، توماس سانكارا في بوركينا فاسو عام 1987، أحمد عبدالله عبد الرحمن في جزر القمر عام 1989، صاموئيل دوي في ليبيريا عام 1990، محمد بو ضياف في الجزائر عام 1992، ملكيور ندادي في بوروندي عام 1993، إبراهيم باري في النيجر عام 1999.

[23] Clark Gibson, Barak Hoffman & Ryan Jablonski, “Did Aid Promote Democracy in Africa? The Role of Technical Assistance in Africa’s Transitions”,in World Development, (Amesterdam: ElSevier Ltd.,Vol. 68, 2015), Pp. 325 – 328.

[24] فعلى سبيل المثال، تولى عمر بونجو حكم الجابون لمدة 42 عاماً (1967-2009)، وكذلك معمر القذافي (1969-2011)، وتولى جوزيه إدواردو دوس سانتوس الحكم في أنجولا الحكم لمدة 38 عاماً (1979-2017)، وروبرت موجابي في زيمبابوي 37 عاماً (1980-2017)، كما تولى محمد حسني مبارك الحكم في مصر لمدة 30 عاماً (1981-2011)، ويتولى الرئيس الكاميروني “بول بيا” حكم الكاميرون منذ عام 1982، والرئيس الأوغندي “يوري موسيفيني” منذ عام 1986، وأخيراً الرئيس “تيودور أوبيانج نجوما” في غينيا الاستوائية منذ عام 1979 وحتى الآن.

[25] George Moody-Stuart, “Corruption in Africa: The Role of the North”, in Ayodele Aderinwale (ed.), Corruption, Democracy and Human Rights in East and Central Africa, (Entebbe: Intec Printers Ltd, Africa Leadership Forum, December 1994), Pp. 80-81.

[26] د. شادية فتحي، مرجع سبق ذكره، ص ص 118 -123.

[27] Kempe Ronald HoPe Sr. Op.Cit., Pp. 88-100.

[28] Stephen O. A. Ouma, S.O.A. (1991) “Corruption in Public Policy and its Impact on Development: The Case of Uganda Since 1979”, in Public Administration and Development, (Hopoken: Gohn Wiley & Sons Ltd.,Vol. 11, Issue 5, September 1991), Pp. 472-490.

[29] George B. N. Ayittey, Africa Betrayed, (Basingstoke: Palgrave Macmillan US Ltd. 1st Edition,1992), p. 295.
[30] Adebayo Adedeji, “Africa in transition: the challenges of pluralism, democracy, governance and development”, in African Journal of Finance and Management, (Dar Elsalam: The institute of Finance & Management, Vol. 4, No. 1, 1995), Pp. 10-16.
[31] Kwesi Kwaa Prah, “Socio-Cultural Dimensions of Ethics and Accountability in African Public Services”, in Sadig Rasheed & Dele  Olowu (eds.), Ethics and Accountability in African Public Services, (Addis Ababa: ICIPE Science Press,1st Edition, 1993), Pp. 14 -18.

[32] L. Adamolekun & C. Bryant, Governance Progress Report: The Africa Region Experience, (Washington, DC: World Bank Group, 1994).

[33] Munyae M. Mulinge and Gwen N. Lesetedi, Op.Cit., Pp. 23-24.

[34] Okori Uneke, “Corruptionin Africa South of the Sahara: Bureaucratic Facilitator or Handicap to Development?”, in The Journal of Pan African Studies, (California: Africology, Vol.3, No.6, March 2010), p. 114.