بقلم / حامد المسلمي

باحث دكتوراه العلوم السياسية، كلية الدراسات الأفريقية العليا، جامعة القاهرة

أجندة 2063 الإطار الاستراتيجي المشترك من أجل نمو شامل وتنمية مستدامة، هي الأجندة الخمسينية التي وضعتها الدول الأفريقية في اليوبيل الذهبي لتأسيس منظمة الوحدة الأفريقية- والتي تحولت إلى الاتحاد الأفريقي-، وذلك بغرض تنسيق وتوحيد الجهود لنهضة القارة على مدار الفترة الممتدة من 2013 إلى 2063 والتي تمتد لخمسين عامًا.

•   استعراض تاريخي للجهود الوحدوية الجماعية

توجت المحاولات الأفريقية للعمل الوحدوي المنظم بتأسيس منظمة الوحدة الأفريقية عام 1963 في أديس أبابا، ومن هذا الوقت بدأ العمل الوحدوي الأفريقي بغرض تصفية الاستعمار والتنمية الاقتصادية، ونجحت المنظمة بتصفية الاستعمار التقليدي في المستعمرات البرتغالية والانجليزية والفرنسية والأسبانية، وكذلك تصفية نظم الفصل العنصري في روديسيا الجنوبية (زيمبابوي) وجنوب أفريقيا. وقد نجحت المنظمة في تحقيق هذا الغرض، كما وضعت اتفاقية الجماعة الاقتصادية أبوجا 1991 والتي دخلت حيز النفاذ في 1994 وذلك لتحقيق نهضة اقتصادية ونمو مستدام، ومع عدم قدرة المنظمة وميثاقها على تحقيق الأهداف المرجوة، أرتأى القادة الأفارقة إلى ضرورة إنشاء كيان جديد قادر على مواجهة التحديات الجديدة التي تواجه القارة الأفريقية، وتحولت منظمة الوحدة الأفريقية إلى الاتحاد الأفريقي في 2001.

ومع الاحتفال باليوبيل الذهبي للعمل الوحدوي الأفريقي في 2013، قرر القادة الأفارقة وضع أجندة لتطوير العمل الوحدوي الأفريقي بغرض تحقيق “الرؤية الأفريقية نحو أفريقيا متكاملة ومزدهرة يسودها السلام ويمسك مواطنوها بزمام قيادتها وتمثل قوة ديناميكية في الساحة الدولية”.

ولذلك كلفت قمة الاتحاد الأفريقي (اليوبيل الذهبي) مفوضية الاتحاد الأفريقي بمساندة وكالة التخطيط والتنسيق للشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا والبنك الأفريقي للتنمية ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا بإعداد أجندة قارية مدتها خمسون عامًا من خلال عملية تمثل الجماهير قوتها الدافعة نحو تحقيق أفريقيا التي نريدها، وهي التي أطلق عليها “أجندة 2063”.

•   طموحات وأهداف أجندة 2063.

أولًا: حددت الأجندة طموحات أطلق عليها الطموحات السبعة وهم؛

1- أفريقيا مزدهرة ترتكز على النمو الشامل والتنمية المستدامة.

2- قارة متكاملة، متحدة سياسيًا تستند على مثل الهوية الأفريقية ورؤية نهضة أفريقيا.

3- أفريقيا يسودها الحكم الرشيد والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون.

4- أفريقيا يسودها السلام والأمان.

5- أفريقيا لها هويتها الثقافية القوية الراسخة وتراثها المشترك وقيمها وأخلاقياتها المشتركة.

6- أفريقيا يتولى مواطنوها قيادة دفة تنميتها وتعتمد على طاقات الشعوب الأفريقية، لا سيما النساء والشباب، وترعى الأطفال.

7- أفريقيا قوية ومتحدة تعد لاعبًا وشريكًا عالميًا مرنًا ومؤثرًا.

ثانيًا: أهداف أجندة 2063 المرتبطة بالطموحات السبعة.

    حددت أجندة 2063 عددًا من الأهداف والآليات التنفيذية لكل هدف والمرتبط بالوصول للطوحات السبعة للأجندة، وبلغت هذه الأهداف عشرون هدفًا ومع كل هدف الآليات التنفيذية المفصلة والاستراتيجيات الاسترشادية اللازمة على كافة المستويات الوطني والإقليمي والقاري لتحقيق هذه الأهداف على أرض الواقع، وهي؛

1- مستوى عال من المعيشة ونوعية الحياة والرفاهية للجميع

2- مواطنون على مستوى عال من التعليم وثورة في المهارات مرتكزة على العلم والتكنولوجيا والابتكار.

3- الصحة ومواطنون يتمتعون بتغذية جيدة.

4- الاقتصادات المحولة ووظائف العمل.

5- الزراعة الحديثة لزيادة الإنتاجية والإنتاج.

6- الاقتصاد الأزرق/ المحيطي من أجل تسريع النمو الاقتصادي.

7- الاقتصادات والمجتمعات المحلية المرنة مناخيًا والمستدامة بيئيًا.

8- أفريقيا المتحدة (اتحادية أو كونفدرالية).

9- إنشاء وتفعيل المؤسسات النقدية والمالية القارية الرئيسية.

10-       إنشاء البنية التحتية عبر أفريقيا الحديثة الطراز.

11-       تعزيز القيم الديمقراطية، الممارسات والمبادئ العالمية لحقوق الإنسان والعدالة وسيادة القانون.

12-       إرساء المؤسسات المقتدرة والقيادة المحولة على جميع المستويات.

13-       صون السلم والأمن والاستقرار.

14-       أفريقيا مسستقرة ومسالمة.

15-       منظومة أفريقية للسلم والأمن تقوم بمهامها وأداء وظيفتها بكامل طاقتها.

16-       النهضة الثقافية الأفريقية قبل بروزها.

17-       المساواة الكاملة بين الجنسين في جميع مجالات الحياة.

18-       تمكين الشباب وحقوق الأطفال.

19-       أفريقيا كشريك رئيسي في الشؤون العالمية والتعايش السلمي.

20-       تتولى أفريقيا المسؤولية الكاملة عن تمويل تنميتها.

•   التقاطع بين الإجندة 2063 والأهداف الإنمائية المستدامة للأمم المتحدة.

تتقاطع أجندة 2063 مع الأهداف الإنمائية المستدامة للأمم المتحدة، ومنها؛ القضاء على الفقر والجوع بجميع أشكاله في كافة أنحاء العالم، وتحقيق الأمن الغذائي والتغذية المسحنة وتعزيز الزراعة المستدامة، وكذلك تعزيز النمو الشامل والمستدام وتحقيق التشغيل الكامل والمنتج والعمل اللائق للجميع، وجعل المدن والتجمعات السكنية البشرية شاملة وآمنة ومرنة ومستدامة. وجاءت في أجندة 2063 “مستوى معيشي مرتفع، حياة كريمة ورفاهية لجميع المواطنين” وفي هذا السياق حددت الأجندة المجالات ذات الأولوية لعام 2063 لتحقيق هذا الهدف؛ الاهتمام بالدخل، الوظائف، العمل اللائق، والقضاء على الفقر والجوع والسعي لتحقيق المساواة، بالإضافة إلى الضمان الاجتماعي والحماية الاجتماعية بما في ذلك الأشخاص ذوي الأعاقة، وإنشاء مساكن حديثة بأسعار معتدلة وصالحة للسكن وخدمات أساسية جيدة.

وفي هذا الإطار فإن الأجندة تتقاطع وتتفق مع الأهداف الإنمائية المستدامة للأمم المتحدة في كافة المجالات كضمان تعليم جيد وشامل ومتعادل وتعزيز فرص التعليم مدى الحياة للجميع، وضمان حياة صحية وتعزيز الرفاهية للجميع في جميع الأعمار، وتعزيز نمو اقتصادي مستقر ومستدام وشامل، وتوظيف كامل ومنتج وعمل لائق للجميع، وبناء بنية تحتية مرنة، وتعزيز صناعة شاملة ومستدامة، والتصينع وتحقيق المزيد من الإبداع والابتكار، الاهتمام بالنظم البيئية، الإدارة المستدامة للغابات ومكافحة التصحر، والحد من ضعف وتدهور الأراضي وفقدان التنوع الأحيائي.

•   من المجالات والمشروعات الرائدة في أجندة 2063.

أحتوت الأجندة على عدد من المجالات والمشروعات الرائدة في أفريقيا، أهمها؛

1- الشبكة المتكاملة للقطار فائق السرعة؛ وذلك لربط جميع العواصم الأفريقية والمراكز التجارية من خلال القطار الأفريقي لتسهيل حركة السلع والخدمات والأشخاص.

2- جامعة أفريقية افتراضية وإلكترونية.

3- صياغة استراتيجية للسلع، وذلك بتمكين البلدان الأفريقية من الحصول على القيمة المضافة وجني عائد أكبر لسلعها وتنمية المكون المحلي والاندماج في سلاسل القيمة العالمية.

4- إنشاء منتدى أفريقي سنوي، بحيث يجمع معًا القيادات السياسية الأفريقية وممثلي القطاع الخاص والأكاديميات والمجتمع المدني لمناقشة التطورات والقيود، بالإضافة إلى التدابير التي يمكن اتخاذها لتحقيق طموحات وأهداف أجندة 2063.

5- إنشاء منطقة تجارة حرة قارية بحلول عام 2017، وذلك بهدف تسريع وتيرة نمو التجارة الأفريقية البينية وزيادة حجمها باعتبارها محركًا للنمو والتنمية المستدامة.

6- جواز السفر الأفريقي وحركة تنقل الأشخاص.

7- تنفيذ مشروع سد انجا العظيم.

8- الشبكة الإليكترونية الأفريقية.

9- مبادرة إسكات صوت المدافع بحلول عام 2020.

10-       الاستراتيجية الأفريقية للفضاء الخارجي.

11-       إنشاء سوق أفريقية واحدة للنقل الجوي.

12-       إنشاء المؤسسات المالية الأفريقية.

•   ما الذي يميز أجندة 2063 عن كل المحاولات السابقة؟

رغم تعدد المحاولات والجهود الأفريقية للعمل المشترك والتي لم تحقق النتائج المرجوه منها، إلا أن هذه المحاولة تختلف عن المحاولات السابقة لعدد من الأسباب.

1- أن هذه الرؤية لأجندة 2063 لم تكن رؤية نخبوية للقادة الأفارقة فحسب، وإنما تنبني على دراسات ميدانية شارك فيها العديد من الشعوب والجماهير الأفريقية، والذين يمثلون القوة الدافعة لتنفيذ الأجندة.

2- أن الطموحات السبع تم تجزئتها إلى أهداف محددة، ولكل هدف العديد من الآليات التنفيذية والاستراتيجيات الاسترشادية اللازمة لتحقيقها وتنفيذها على كافة المستويات الوطني والإقليمي والقاري.

3- تقسيم الأجندة إلى خمس خطط عشرية كل واحدة منها تستغرق 10 سنوات، مع دراسة شاملة ووافية وكاملة لكل هدف من الأهداف مع الآليات التنفيذية والاستراتيجيات الاسترشادية اللازمة لتحقيقها وتنفيذها على كافة المستويات الوطني والإقليمي والقاري.

4- إن تحديد آليات التمويل المحتملة لتنفيذ أجندة 2063 من أهم ما يُميز الأجندة عن كل المحاولات السابقة، والتي تجعل من الدول الأفريقية تضطلع بمسؤولياتها نحو العمل الوحدوي الأفريقي لتنفيذ الأجندة، وقد حددت الخطة العشرية الأولى (2013-2023) الآليات التمويلية لتحقيق كل طموح من الطموحات السبعة وتنفيذ كل هدف من الأهداف العشرين مع الاستراتيجيات الاسترشادية للتنفيذ، وذلك على كافة المستويات الوطنية والإقليمية والقارية.

5- إنشاء آلية لرصد وتقييم ما تم تنفيذه من الأجندة، ومتابعة التنفيذ على كافة المستويات الوطنية والإقليمية والقارية.

6- أحتواء الأجندة على عدد من المشروعات الرائدة وآليات تنفيذها كما سبق بيانه.

7- الشراكة بين القطاع العام والخاص، والعمل الحكومي ومؤسسات المجتمع المدني.

8- أن هذه الرؤية تم صياغتها بواسطة كافة الأطراف المعنية بتنمية أفريقيا، مفوضية الاتحاد الأفريقي ووكالة التخطيط والتنسيق للشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا والبنك الأفريقي للتنمية ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا، والاستناد إلى الدراسات الميدانية ورغبات الشعوب الأفريقية.

9- التأكيد على أن أفريقيا لن تنهض إلا بسواعد أبنائها.