كتبت – أسماء حمدي
لم تكن الرياضة يومًا سببًا للتفرقة أو التمييز بين الطبقات الاجتماعية، بل كان هدفها إعلاء الروح الرياضية والمنافسة، لكن بعض الرياضات أصبحت حكرًا على الأثرياء وتعد نوعًا ما جزءًا من الرفاهية، كونها تستدعي أدوات وأماكن خاصة.
وفي أوغندا الدولة الواقعة شرق أفريقيا، لطالما كانت رياضة التنس رياضة المجتمعات الاستعمارية، وحتى بعد الاستقلال كانت مخصصة للنخبة، والآن يأمل المتحمسون – مثل المصور الصحفي تيموثي أكولامازيما – في إشعال شغف الجماهير بها.


للأثرياء فقط
تتطلب التنس وهي رياضة ليست مشهورة في أوغندا، معدات وملعبًا مجهزًا جيدًا مع سطح مستوٍ، لكن كل تلك المعدات باهظة الثمن.
تقول صحيفة “الجارديان” البريطانية، إن التنس لعبة أجنبية، جلبها المستعمرون البريطانيون إلى أوغندا، وأنشأوا لها ملاعب خاصة تستخدم حصرًا من قبل الأغنياء فقط في المجتمع، كما أنشأوا ملعب في جامعة ماكيريري وفي نادي كمبالا، بالإضافة إلى ملعب آخر أنشئ بجانب لعبة الكريكيت البيضاوية في لوغوغو، ولا تزال جميعها موجودة حتى الآن.
وظلت هذه الرياضة إلى حد كبير حكرًا على النخبة الأجانب، في البداية البيض ثم الآسيويون بشكل متزايد. وبعد الاستقلال في عام 1962، وجدت ضفوة الطبقة السياسية التي ظهرت حديثًا ولعًا بالتنس، وطوال فترة السبعينيات والثمانينيات، ظلت رياضة للأثرياء فقط، مع إنشاء العديد من الملاعب وتطوير المعدات.
مشهد حيوي
الآن ظهر مشهد تنس صغير ولكنه حيوي في كمبالا، عاصمة البلاد، إذ أصبحت المعدات متاحة على نطاق أوسع وأكثر متانة وأقل تكلفة، ولم يعد التنس مقصورًا على النخبة على الرغم من أنه لا يزال رياضة تنتمي إلى الطبقة المتوسطة، مع وجود ملاعب عامة قليلة ومتباعدة، مع القليل من الاهتمام العام أو الإعلامي.
يعمل مجتمع جديد من عشاق التنس الآن على تغيير هذا، من خلال تنظيم معسكرات رياضية للأطفال خلال العطلات المدرسية وتشجيع مشاركتهم قدر الإمكان، من خلال تداول المعدات المستعملة وصيانة الملاعب بأفضل طريقة ممكنة باستخدام معدات مصنوعة محليًا، وتأمل مجموعة صغيرة من اللاعبين المتفانين في إشعال شغف التنس في كمبالا.
معظم الملاعب في أوغندا مصنوعة من الطين، ويرجع ذلك أساسًا إلى أنها أرخص من الملاعب الصلبة في البناء، لكن الملاعب المصنوعة من الطين تتطلب التنظيف بالفرشاة والري والضغط ووضع العلامات على أساس يومي، في بعض الأحيان تكون المواد اللازمة لذلك مرتجلة، إذ يُستخدم الجير أو الرماد لرسم الخطوط، ويساعد الخيط في تحديد الخطوط وتثبت الخيوط بالأحجار.
تعتبر كرات التنس من أغلى المعدات، إذ تكلف علبة من ثلاث قطع نحو40 ألف شلن أوغندي (9 جنيهات استرلينية)، وتكافح الأكاديميات للحصول على ما يكفي من كرات التنس للعدد المتزايد من اللاعبين، وعادة ما تكتفي بالتبرعات من المهنئين والكرات المستخدمة من اللاعبين المحترفين.


شغف
يعد جون أودوك، البالغ من العمر 64 عامًا، واحدًا من الأوغنديين القلائل المحظوظين بما يكفي لتعلم هذه الرياضة في سن مبكرة في الستينيات، إذ بدأ كصبي كرة وترقى، دون تلقي أي مساعدة من مدرب، ليكون أحد أفضل اللاعبين في البلاد، ممثلا أوغندا في كأس ديفيز 1998، وهو الآن المدرب الوطني لفريق التنس الأوغندي.
ومن بين أولئك الذين يأملون في تقليده، فلورنس نابوليمي البالغة من العمر 8 سنوات، وهي ابنة مدرب التنس تشارلز سينيانج، تقول: “ألهمني أبي في هذه الرياضة، أنا أحب التنس لأنه يساعدني أيضًا في تكوين صداقات جديدة “.
أما باتريشيا نكاوندي، البالغة من العمر 8 أعوام أيضًا، حريصة بنفس القدر على السفر لمسافة 32 كيلومترًا من قريتها بالقرب من ماتوجا، إلى كمبالا لحضور التدريب، وكلاهما تسير على خطى ويني بيرونجي 19 عامًا، التي فازت بالبطولة الوطنية الصيف الماضي.
تقول بيرونجي: “كان بيت طفولتي قريبًا من ملاعب التنس، في طريقي إلى المدرسة كنت دائمًا أشاهد اللاعبين بإعجاب، وكان منزلي في السابق ملكًا لعائلة آسيوية، وقد تركوا وراءهم مضربًا خشبيًا أثار فضولي”.
تضيف: “حاولت لعب التنس لأول مرة في عام 2006 ولم أتوقف منذ ذلك الحين، أحب الرياضة لما تروج له من سمات لدى اللاعبين، وتنمي القيم مثل الانضباط والثقة والتضحية وتساعد عقلي وجسدي على النمو بشكل أقوى”.