كتب – حسام عيد
بأهداف وآمال التحرر من الطاقة الروسية، ذهبت رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني إلى الجزائر، لتعزيز أمن الطاقة لديها عبر الحصول على المزيد من الغاز الطبيعي الجزائري.
اليوم، أصبحت الجزائر بوابة رئيسة وتنافسية لعبور الغاز الطبيعي إلى الأراضي الأوروبية، وربما تصبح إيطاليا في الفترة المقبلة مركزًا لتوزيع مختلف الطاقات الجزائرية في دول الاتحاد الأوروبي.
وعلى مدار زيارة استمرت ليومين خلال الفترة 22 – 23 يناير 2023؛ توصلت الجزائر وإيطاليا إلى اتفاقات من شأنها تعزيز التعاون بين البلدين، وزيادة صادرات الطاقة الجزائرية إلى أوروبا، ما يعني أن أفريقيا ستصبح وجهة رائجة لأوروبا للتزود بالغاز الطبيعي.
والجزائر هي أول مصدّر للغاز الطبيعي في أفريقيا والسابع في العالم، وكانت تزوّد أوروبا بنحو 11% من احتياجاتها مقابل 47% من روسيا.


5 مذكرات شراكة وتعاون
في يوم الإثنين الموافق 23 يناير 2023؛ وقعت الجزائر وإيطاليا 5 مذكرات “شراكة وتعاون” في عدة قطاعات اقتصادية واجتماعية.
جاء ذلك عقب محادثات أجراها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بالقصر الرئاسي بالعاصمة الجزائر، مع رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، التي تجري زيارة غير محددة المدة إلى البلاد، وفق ما بثه التلفزيون الرسمي.
وشملت المراسم، توقيع شركة المحروقات الحكومية الجزائرية “سوناطراك” ومجموعة الطاقة الإيطالية “إيني” على مذكرتي تعاون.
وتتعلق الأولى بتعزيز قدرات نقل الغاز، والثانية بالحد من انبعاث الغازات المحترقة من خلال حلول تكنولوجية.


كما وقّع مجلس التجديد الجزائري، أكبر منظمات أرباب العمل بالبلاد، مذكرة تعاون وشراكة مع اتحاد الصناعة الإيطالي “كونفيندوستريا”.
إضافة إلى ذلك، تم توقيع مذكرة تعاون بين وكالتي الفضاء في البلدين موجهة للأنشطة السلمية، بحسب التلفزيون الجزائري.
أما المذكرة الأخيرة فهي إعلان مشترك بمناسبة الذكرى الـ20 لتوقيع معاهدة الصداقة وحسن الجوار بين البلدين (27 يناير/كانون الثاني 2003).
وفي مؤتمر صحفي مشترك مع ميلوني عقب المحادثات، قال تبون إن بلاده “حريصة على موقعها كشريك طاقويّ استراتيجي لإيطاليا” وأنه “لمس تقاربًا بين البلدين في الرؤى حول أزمات المنطقة”.


وأضاف أن التبادل التجاري بين البلدين حقق نقلة نوعية، حيث بلغ حجمه 16 مليار دولار في العام 2022، بعدما كان 8 مليارات دولار فقط عام 2021.
خط أنابيب جديد
فيما يتعلق بالمذكرة التي وقعتها “سوناطراك” مع “إيني”؛ فهي تعتمد على تقييم أربعة محاور، أولها رفع قدرة نقل الغاز الحالية، ومد خط أنابيب غاز جديد لنقل الغاز الطبيعي والهيدروجين والأمونيا الزرقاء والخضراء (خط مباشر من سواحل الجزائر إلى سواحل إيطاليا)، ومد كابل كهربائي بحري، ورفع قدرة تمييع الغاز الطبيعي الحالية.
كما ستحدد مذكرة أخرى فرص الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الجزائر، وأفضل التقنيات لتنفيذ هذا التخفيض.
وقالت سوناطراك إن “هذه الاتفاقيات الجديدة ستعزز الشراكة بين إيطاليا والجزائر، وتؤكد الدور الرئيسي لسوناطراك كواحد من موردي الطاقة الرئيسيين لأوروبا”.
وعلى هامش زيارته الجزائر، قال المدير التنفيذي لشركة “إيني” كلاوديو ديسكالتسي، في تصريحات أوردتها وكالة “نوفا” الإيطالية، إن “إمدادات الجزائر من الغاز إلى إيطاليا ستصل إلى 28 مليار متر مكعب في 2024″، مضيفًا أن هذا الرقم “سيتم تجاوزه في 2025”.
إيطاليا.. بوابة أوروبا للغاز الجزائري
ووفق تبون، فإن الجزائر تسعى أن تصبح إيطاليا “مركزًا متوسطيًا وأوروبيًا للغاز الجزائري”؛ حيث تُعد الجزائر مصدّرًا مهمًا للغاز، لثالث أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي.


وتحدث عن اتفاق بين الجانبين بشأن مشروع خط أنابيب جديد يربط الجزائر بجزيرة سردينيا الإيطالية، سينقل الغاز والهيدروجين والأمونيا والطاقة الكهربائية.
وأكد الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، على أهمية مشروع الأنبوب الجديد لنقل الغاز بين الجزائر وإيطاليا، موضحًا أن هذه المنشأة، التي ستسمح للجزائر أيضا بتصدير الكهرباء والأمونيا والهيدروجين “ستنفذ في مدة قصيرة”.
من جانبها أوضحت ميلوني أن الجزائر وإيطاليا تدرسان لهذا الغرض إنجاز أنبوب جديد يسمح أيضا بنقل الهيدروجين والكهرباء، معربة عن تطلع بلادها الى تنويع شراكتها مع الجزائر لا سيما في مجالات البنى التحتية الرقمية والاتصالات والطب الحيوي والصناعة والطاقات المتجددة.
وأضافت أنه في ظل أزمة الطاقة التي تعيشها أوروبا، يمكن للجزائر أن “تصبح رائدة على الصعيدين الأفريقي والعالمي بهذا المجال، “وإيطاليا هي باب دخول وتوريد هذه الطاقة نحو أوروبا”.
فيما قال كلاوديو ديسكالزي، الرئيس التنفيذي لشركة “إيني” للطاقة إن “الجزائر ستورّد 38% من احتياجات إيطاليا من الغاز هذا العام، مثلما فعلت روسيا” قبل أن تخفض التدفقات إلى أوروبا ردًا على العقوبات.
وقبل الحرب الروسية في أوكرانيا، كانت الجزائر أكبر مزود للغاز لأوروبا بعد روسيا والنرويج؛ إذ ترسل كلاً من الغاز الطبيعي المسال وتدفقات الأنابيب إلى القارة.


وتمتلك الجزائر بعضًا من أكبر احتياطيات النفط والغاز في أفريقيا، لكن الإنتاج توقف منذ فترة طويلة بسبب سوء الإدارة ونقص الاستثمار.
ووقعت إيطاليا اتفاقيات عدة مع الجزائر خلال عام 2022، لتعزيز إمدادات الطاقة، إذ أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في ديسمبر الماضي، أن الجزائر تعرض على أوروبا بيع طاقتها الفائضة من الكهرباء، وتخطط لمد أنبوب بطول 270 كيلومترًا تحت البحر باتجاه إيطاليا.
وكشف “تبون” أن الجزائر تسعى أيضًا لمضاعفة صادراتها من الغاز، لتصل إلى 100 مليار متر مكعب سنويًا، مقارنة بـ56 مليارًا في 2022.