كتبت – أسماء حمدي
يسعى النساء الريفيات في بنين، الدولة الواقعة في غرب أفريقيا، للوصول إلى حلول للتغلب على التحديات التي جلبتها أزمة المناخ والصراعات والحروب من خلال زراعة الفطريات كمصدر للرزق والغذاء للحفاظ على الحياة.
من جهة أخرى، يمكن أن يكون الفطر مهمًا إذا كان بإمكانه جلب الأموال إلى المجتمعات الريفية التي تواجه ضغوطًا كثيرة، نتيجة لتغير المناخ وعدم المساواة بين الجنسين بسبب انتشار الهجمات الجهادية في شمال البلاد.
زراعة الفطر
على حافة الغابة، تعطي عالمة الفطريات أوليفيا فادي، درسًا عن الفطر الذي ينمو في الأرض الرطبة حول أشجار محمية توي كيليبو في بنين، وتقوم بتعليم النساء من قرية ياوي أفضل السبل لتسخير القيمة الاقتصادية لهذه المحاصيل، وتشير إلى أنه يمكن زراعة الفطر على مدار السنة، في الحدائق الخلفية، وعلى أرفف مكدسة رأسيا، بدلا من انتظار الفطر الطبيعي في موسم الأمطار.
وفي حديثها لصحيفة “الجارديان” البريطانية، تقول فادي: “هناك 40 نوعًا من الفطر في البلاد، يتم حصاد 2٪ فقط منها حاليًا، وأريد تمكين هؤلاء النساء ومساعدتهن على التحرر من ضغوط المجتمع.”
منذ أواخر عام 2021، كان هناك 28 هجومًا في بنين من قبل الجماعات المتطرفة المنخرطة في الصراع عبر الحدود مع بوركينا فاسو والنيجر، والتي وقع معظمها في حديقة بندجاري الوطنية المعروفة بأسودها وأفراس النهر، لكن الآن يحرسها الجيش وهي منطقة محظورة على المدنيين.
يعتمد انتشار الصراع في منطقة الساحل على تجنيد الرجال الذين لديهم خيارات اقتصادية قليلة، مما يجعل النساء اللواتي يتمتعن بسبل العيش والدخل بديلا مهمًا للأزواج أو أفراد الأسرة الذكور الذين قد ينجذبون إلى الجماعات الجهادية المرتبطة بالقاعدة.
في الوقت الحالي تسعى بنين لأن تصبح دولة متطورة، ويقوم الرئيس باتريس تالون، باستخدام الاستثمار من الضرائب المرتفعة ومنظمات التنمية الدولية، ببناء الطرق وإنارة الشوارع وإنشاء مشروع السياحة الثقافية مع المتاحف والمعارض الجديدة التي تحتفل بتاريخ بنين.
لكن الفرص المتاحة للنساء في المناطق البعيدة عن المراكز الحضرية قليلة، إذ يمتلك 13٪ فقط من النساء في بنين أرضًا و 30٪ يتزوجن قبل سن 18، وفقًا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة.
وتقدم فادي بديلا مثيرًا للاهتمام، إذ يمكن زراعة الفطر في الداخل، بتركيز عالٍ، ليخفف قليلا من الضرر الناجم عن إزالة الغابات بالقطع والحرق، والتي يقوم بها المزارعون لتطهير المزارع من المحاصيل مثل الكاجو، مضيفة: “يُتوقع من النساء العمل وكسب المال، لكن ما يكسبونه من الزراعة لا يكفي، والمال الذي يكسبونه من المتوقع أن يعطوه لأزواجهن”.


تأثير المناخ
تشارك ألبرتين دوسومون ووالدتها روزالين شابي، مع 180 امرأة من 3 قرى في مشروع فادي الرائد، الذي تشرف عليه جامعة باراكو، وتقول دوسومون: “نحن النساء نجني المال من جمع الحطب وجمع الرمال لشركات البناء، ونستخدم ذلك في شراء ملابس للأطفال”.
وتعمل دوسومون في قطعة الأرض التي يملكها زوجها، ويزرعون الذرة والكسافا والبطاطا والأرز، وفي موسم الأمطار يزرعون الفطر لتناوله مع البطاطا المقلية وبيعها في السوق، تقول: “لقد أمطرت كثيرًا في الماضي، لكن الآن لا تمطر كثيرًا.”
وتتسبب رياح الهرمتان، وهي رياح جافة تهب من الصحراء عبر الساحل، بتبريد الساحل الغربي لأفريقيا في الشتاء، لكن أزمة المناخ أدت إلى زيادة التصحر وارتفاع درجات الحرارة بمعدل 1.5 مرة أسرع من المتوسط العالمي.
معالجة الفساد
على الطريق إلى باراكو، أقرب مدينة في ياوي، يراقب الأكاديميون الجامعيون قطع الفطر المنتشرة هناك، في الوقت الذي تنقل فيه الشاحنات كميات من القطن جنوبًا إلى ميناء كوتونو، إذ يصدر معظم القطن في بنين، ولكن بدأ تصنيع المنسوجات مؤخرًا في المجمعات الصناعية المبنية حديثًا.
وتقول الصحيفة، إن الرئيس تالون، جنى أموال عديدة من القطن ولديه خطط للاقتصاد، وبينما كان يتخذ موقفًا متشددًا بشأن المعارضة السياسية، لكنه بذل أيضًا جهودًا لمعالجة الفساد من خلال مضاعفة رواتب السياسيين وموظفي الخدمة المدنية، ويأمل في تشجيع هذا النوع من التكنوقراطية التي تفتقر إليها الطبقات الحاكمة في بنين، ولكنها سهلت التقدم في بلدان مثل نيجيريا وساحل العاج.
ولا تزال بنين بعيدة عن الرأسمالية العالمية، بسبب عدم تواجد شركات متعددة الجنسيات، كما أن هناك اقتصاد غير رسمي، على سبيل المثال، البنزين، الذي يتم استخراجه عبر غرب أفريقيا من قبل شركات مثل شل وتوتال، يتم شراؤه وبيعه في الغالب في قوارير زجاجية على جوانب الطرق، ويشحن بشكل غير قانوني من نيجيريا.
تمكين المرأة
تشكل الزراعة جزءًا كبيرًا من خطة التنمية في بنين، وتشكل 30٪ من الناتج المحلي الإجمالي، لكن القطن والكاجو لهما القليل من الفوائد المستدامة للقوى العاملة النسائية إلى حد كبير، وهناك مساحة لزراعة الفطر والذي يمكن أن يكون سببا كبيرا في تمكين المرأة لمكافحة الجهاد.
وفي حين أن التعزيز العسكري أمر بالغ الأهمية، يتفاوض تالون بشأن صفقات الأسلحة مع رواندا وتركيا والصين، إلا أنه على مستوى المحلي يجب معالجة التشدد، ففي القرى الحدودية، تعتمد استراتيجية التجنيد للجماعات الجهادية على الإكراه الاقتصادي وليس التطرف الديني.
يقول مسؤول سابق: “تأتي العصابات المتطرفة وتسلم أكياس الأرز أو أدوات الزراعة للأسر المتعثرة، ولاحقًا، يعودون ويعطوهم سلاحًا ويقولون تذكروا الأرز الذي قدمناه لك، الآن نحتاج منك أن تفعل هذا من أجلنا”.
من جانبها تقول دوسومون: “نحن على دراية بالوضع في بوركينا فاسو، ونصلي ألا يصل إلى أعتاب بيوتنا”.
وتطلب فادي التي تلقت مؤخرًا 10000 يورو لتمويل مبادرتها لزراعة الفطر من مؤسسة تمويل العلوم، دعمًا إضافيًا من سلطات بنين، والتي تركز على تمكين المرأة الريفية أكثر لمعالجة القضايا الأمنية.
تضيف: “سيساعد تمكين النساء في زراعة الفطر على تأكيد أنفسهم بطريقة تجارية وريادية، بعد ذلك، سوف نتحقق من جودة إنتاج الفطر الطازج ونقدم دورات لتجديد المعلومات، وبعد ذلك، سنترك النساء لمواصلة مشاريعهن، بعد أن يكون لديهن المهارات اللازمة ولن يحتجن إلينا بعد الآن، سيصبحن مستقلين تماما”.