أماني ربيع

تقترب المجاعة بسرعة من الصومال، وأصبح نحو أكثر من 700 ألف شخص مهددين بخطر المجاعة في العام المقبل، بحسب ما حذرت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو).
وعلى الرغم من جهودهم، لا يزال انعدام الأمن الغذائي “كارثيًا”، كما قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، ومن المتوقع أن ترتفع الاحتياجات من الآن وحتى يونيو المقبل بأكثر من ثلاثة أضعاف، من 214000 شخص إلى 727000، حيث يستمر الجفاف والعنف والنزوح في تهديد حياة الناس وسبل عيشهم.
الملايين يواجهون الجوع
ورغم الخطر الوشيك، إلا أن وكالة الأمم المتحدة أكدت أنه لا يزال هناك متسع من الوقت لتلبية احتياجات المجتمعات الريفية التي تعد بين الفئات الأكثر عرضة للخطر، وأضافت الوكالة أيضًا أن الاستثمار على نطاق واسع في الصمود ودعم سبل العيش مطلوب كذلك، لكسر حلقة الجوع.
الجفاف الأطول والأكثر خطورة في تاريخ الصومال الحديث، مع تصاعد أسعار الغذاء وتفاقم الصراع في البلاد، كلها أسباب دفعت الصومال إلى حافة المجاعة، ومن المتوقع أن يكون ما يقرب من مليوني شخص في حالة الطوارئ الرابعة بين شهري يناير ومارس من العام المقبل، وقد يرتفع العدد إلى 2.7 مليون بحلول يونيو، ويمكن أن يواجه نحو سبعمائة وسبعة وعشرين ألف شخص حالة انعدام أمن غذائي كارثية بحلول منتصف العام، ما يعني المجاعة والموت.
تضاعف عدد الأشخاص المتضررين من الجفاف في الصومال هذا العام من 3.2 مليون في يناير إلى 7.8 مليون في أكتوبر، وقالت الأمم المتحدة في الصومال إن النزوح الناجم عن الجفاف زاد بأكثر من خمسة أضعاف إلى ما يقرب من 1.3 مليون شخص في نفس الفترة.


وضع مقلق
وقال المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، جيمس إلدر إن الشباب والأكثر ضعفاً يموتون بالفعل من الأمراض المرتبطة بالجوع، وهناك أمهات يدفن أطفالهن الذين ماتوا جوعا، وهو ما يجعل هناك حاجة ماسة لاستمرار المساعدات وتحسينها، خاصة مع احتمالات حدوث المجاعة من أبريل إلى يونيو من عام 2023، وخوفًا من عدم هطول الأمطار مرة أخرى كما تشير التوقعات الحالية.
أسهم التوسع في المساعدات الإنسانية، بما في ذلك جهود السلطات الوطنية والمحلية الصومالية، في منع انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية الحاد من الوصول إلى المجاعة، وقال آدم عبد المولى، المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في الصومال، إنه حتى أكتوبر، وصلت المساعدات الإنسانية إلى حوالي 6.8 مليون شخص بالمساعدات المنقذة للحياة.
وأشار منسق الشؤون الإنسانية إلى أنه تم النجاح في تجنب المجاعة لكن بشكل مؤقت، وأنه لا تزال هناك حاجة للتمكن من توسيع نطاق العمليات الإنسانية وتحسينها، وتقديم مساعدات مستدامة لشعب الصومال تُسهم في تجنبهم خطر المجاعة مستقبلا.
وأوضح عبد المولى أنه حتى بدون إعلان المجاعة، فإن الوضع مقلق للغاية، حيث يتسع نطاق وشدة حالة الطوارئ مع استمرار النزوح بلا هوادة، ولا تزال أسعار الغذاء والمياه مرتفعة، ولأن الأمطار الحالية كانت ضعيفة وغير كافية لتجديد مصادر المياه والحفاظ على حقول الرعي للماشية.


دعم مستدام
تعيش الصومال حاليًّا، مأساة حقيقية بالرغم من المساعدات الإنسانية التي تصل للبلاد والتي تساعد في منع الوصول إلى المرحلة القصوى وهي المجاعة، لكنها لا تكفي لوقف خطر المجاعة لأكثر من بضعة أشهر في كل مرة، بحسب ممثل منظمة (الفاو) في الصومال إتيان بيترشميت.

وقال بيترشميت، إن هناك حاجة إلى دعم مستدام على نطاق واسع حتى نهاية عام 2023، هذا في حال أراد المجتمع الدولي منع المجاعة وليس مجرد تأخيرها، واصفا الوضع في الصومال الآن بالمأساوي
وأضاف: “يجب اتخاذ إجراءات حقيقية ليس فقط لمساعدة المجتمعات على تلبية احتياجاتها الفورية، ولكن أيضًا حتى يتمكنوا من تكييف سبل عيشهم وبناء المرونة في مواجهة أزمات المناخ والصدمات الاقتصادية، وإعدادهم لما قد يجلبه المستقبل”.
وفقًا لمكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، يضع الجفاف غير المسبوق في منطقة القرن الأفريقي، المجتمعات الزراعية الريفية والرعاة، فضلاً عن مجتمعات النازحين الذين يأتون بأغلبية ساحقة من المناطق الريفية، من بين الفئات الأكثر عرضة لخطر المجاعة، وبحسب منظمة الأغذية والزراعة، يعتمد بقاء كل هؤلاء على بقاء قطعانهم وقدرتهم على زراعة المحاصيل، وهذا ما عرقله الجفاف.
وأضافت منظمة الأغذية والزراعة أن تغذية الأطفال مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بصحة وإنتاجية حيواناتهم، حيث خفضت تربية الماشية من مخاطر سوء التغذية الحاد بنسبة تصل إلى 11% بين الأسر الرعوية، لكن للأسف لم يتمكن الكثير من الحيوانات من إنتاج الحليب، وماتت بمعدل صادم العام الماضي، لافتة إلى أنه من المهم إنقاذ الماشية والحفاظ على صحتها وتغذيتها، لأنها المصدر الوحيد للغذاء والدخل لدى العديد من المجتمعات الريفية.
الوصول إلى المجتمعات الضعيفة
وتعد المساعدة في تكييف سبل العيش لدى الأسر الريفية عملية إنقاذ حقيقية للأرواح، حيث يساعد هذا الدعم الناس على البقاء في منازلهم، ويمهد الطريق للتعافي في المستقبل، وتجنب خطر المجاعة، لكن النقص الحالي في تمويل هذا الدعم، ولأولويات إنتاج الغذاء والتنمية المقاومة للمناخ، يطرح تحديات كبيرة، مما يجعل المجتمعات الضعيفة عرضة للصدمات المناخية والاقتصادية.
على مدى الأشهر الثمانية الماضية، وصلت منظمة الأغذية والزراعة إلى أكثر من 700 ألف شخص في 35 مقاطعة بالمال من خلال خطة توسيع نطاق الوقاية من المجاعة، وتم تقديم أكثر من 24 مليون دولار نقدًا، إلى جانب مساعدات سبل العيش، للمجتمعات الريفية الأكثر تعرضًا للمجاعة.
وتلقى أكثر من 40 ألف شخص بذور وأعلاف للحيوانات وأسمدة ومدخلات زراعية أخرى خلال هذه الفترة، وتمت معالجة 11 مليون حيوان، وتم نقل 27 مليون لتر من المياه إلى المناطق النائية.
تخطط الفاو للوصول إلى أكثر من مليون شخص إضافي في الأشهر المقبلة، لكنها لا تزال بحاجة إلى دعم إضافي لتتمكن من تنفيذ عملياتها، بما في ذلك مساعدة المجتمعات المحلية في المناطق الريفية التي يصعب الوصول إليها والتي يتعذر الوصول إليها.