نظم “مركز فاروس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية، يوم الإثنين 3 أكتوبر 2022، جلسة عمل مشتركة مع مركز “إيجبشن إنتربرايز”، تحت عنوان: “التكامل العربي الأفريقي: هل يمكن الحديث عن مساحات جديدة للتعاون في ظل المستجدات على الساحة الدولية؟

شارك في الجلسة كل من الأستاذ محمد عبدالحليم مدير مركز إيجبشن إنتربرايز، والأستاذ رامي زهدي عضو الهيئة الاستشارية بمركز إيجبشن إنتربرايز، والدكتور فتحي يوسف محاضر الاقتصاد بكلية التجارة – جامعة بنها، والمستشار الأكاديمي لمركز إيجبشن إنتربرايز، والأستاذة آيات عبدالعزيز الباحثة في الشؤون الأفريقية ومدير وحدة التعاون الدولي والمؤسسي بمركز إيجبشن إنتربرايز.

وأدار اللقاء الباحثة في الشؤون الأفريقية والمنسق العام لـ”مركز فاروس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية الدكتورة نرمين توفيق.

وسلطت الحلقة النقاشية الضوء على عدة محاور أبرزها:

نحو رؤية جديدة لتعزيز التعاون الاقتصادي ودعم التجارة البينية

الاستثمارات العربية الأفريقية المشتركة: الفرص والتحديات

دور القطاع الخاص في دعم التعاون/ التكامل العربي الأفريقي

أهمية العمل السياسي العربي الأفريقي المشترك ووضع استراتيجية عمل لتحقيق ذلك

قضايا ذات اهتمام مشترك: الطاقة، المناخ والأمن الغذائي

ماذا يمكن أن تقدم مصر لدعم التعاون والتكامل العربي الأفريقي؟

المحور الأول من الجلسة النقاشية دار حول الاستثمارات العربية المشتركة في أفريقيا، وما أبرز التحديات في هذا الجانب؟ وكيف يمكن معالجتها؟

وفي هذا الشأن أكد الدكتور فتحي يوسف محاضر الاقتصاد بكلية التجارة – جامعة بنها، والمستشار الأكاديمي لمركز إيجبشن إنتربرايز، أن هذا المحور مهم للغاية، ويأتي في ظل مجموعة من المتغيرات الاقتصادية والعالمية أبرزها الحرب الروسية الأوكرانية، وما ترتب عليها من تغيرات في حجم الاستثمارات،  وما سبقها مثل أزمة كورونا وتبعاتها من عمليات الإغلاق، وبالتالي بدأ الاستثمار يبحث عن فرص جديدة وواعدة يمكن أن تكون أكثر جدوى وفائدة.

يضيف الدكتور فتحي، أن الاستثمارات العربية الأفريقية يمكن تقسيمها إلى مجموعتين متجاورتين “اقتصاد عربي” مقسم إلى 3 مجموعات، الأولى “مجموعة شمال أفريقيا”، والثانية “مجموعة مستوردة للنفط”، والثالثة ” مجموعة تصدر النفط”، وهذا يقود أيضًا إلى الحديث حول الدول المستقبلة للاستثمارات الأجنبية “مجموعة الدول الأفريقية”.

محددات جذب الاستثمارات الأجنبية

قبل الإشارة إلى محددات جذب الاستثمارات الأجنبية لدى الدول الأفريقية، يمكن التنويه هنا إلى أن الاستثمار الأجنبي يعني أن أي جهة تود الاستثمار في شركة وتستحوذ على 10% من استثمارات هذه الشركة هنا يطلق عليه “استثمار أجنبي”، أما عن أهم المحددات فيوضح الدكتور فتحي أنها تتلخص فيما يلي:

  • حجم السوق باعتباره المحدد الرئيسي للاستثمار الأجنبي، فأينما وُجد السوق وُجد الاستثمار، وكلما كان حجم السوق كبيرًا كلما كانت الاستثمارات الأجنبية كبيرة.
  • مؤشرات الاستقرار الاقتصادي الكلي، وهو يعني أن تكون معدلات التضخم في مستواها الطبيعي نفس الشيء بالنسبة لمعدلات البطالة، فضلًا عن المستوى التعليمي الجيد والاستقرار في سعر الصرف، واستقرار معدل النمو الاقتصادي.
  • مؤشرات مرتبطة بالقطاع الخارجي، وتتمثل في درجة الانفتاح التجاري ، وهل هذا الاقتصاد منفتح على العالم الخارجي، من ضمن المؤشرات أيضًا عجز الميزان التجاري، كما أن هناك مؤشرات أخرى تعبر عن مؤشر الحرية الاقتصادية، منها الحوكمة، ومساهمة الدولة في النشاط الاقتصادي.

خصائص الاقتصاد الأفريقي

أضاف فتحي السيد، أن المحددات التي تم الحديث عنها، إذا ما تم إسقاطها على الاقتصاد الأفريقي سوف تقود للإجابة عن خصائص الاقتصاد الأفريقي والتي تتلخص في الآتي :

  • تعد أفريقيا تكتلًا كبيرًا هو الثاني بين قارات العالم؛ حيث يضم 54 دولة وبتعداد يعادل 1.34 مليار نسمة، كما يستحوذ على 30% من ثروات العالم المعدنية، ومثال على ذلك؛ تشكل حصة أفريقيا من معدن الحديد نحو 39% من الاحتياطي العالمي، ومن الذهب  72.5%، أيضًا الكونغو والجزائر يقعان في المركزين الثالث والرابع من حيث احتياطي النفط العالمي، لا ننسى أيضًا أن القارة الأفريقية غنية بمعادن مثل الماس والقصدير، كل ذلك يؤكد أن الثروة المعدنية كبيرة داخل القارة.
  • الثروة البشرية في القارة تمثل 17.2% على مستوى العالم، بمتوسط عمري شبابي 20 سنة، و40% من السكان في سن العمل، وعليه فإن القارة طالما تتوفر فيها الموارد الطبيعية والبشرية وبالتالي هي جاذبة للاستثمارات لانخفاض التكاليف الاستثمارية.
  • الزراعة والأمن الغذائي في أفريقيا من الملفات الهامة فـ53% من أرض القارة صالحة للزراعة، والمستغل من هذه الرقعة حوالي 9% فقط، أما عن النشاط العمالي الزراعي فيمثل 80% من حجم النشاط العمالي بالقارة، وبالنسبة للدول العربية فإن المساحة الصالحة للزراعة في المنطقة العربية تمثل حوالي 5% من المساحة الكلية للوطن العربي، بينما هناك من المساحة الزراعية الإجمالية 18.6% صالحة للمراعي كلها تتركز في السودان وفي الجنوب، وعلى مستوى الأمن الغذائي هناك فجوة تصل إلى 50% ما يشير إلى أزمة حقيقية، وفي سياق متصل الدول العربية لديها موارد مائية تمثل 5% من الموارد المائية على مستوى العالم، ما يشير إلى فقر مائي ملحوظ، وفيما يتعلق بمساهمة المؤسسات التمويلية العربية في القطاع الزراعي الأفريقي فإن النسبة في هذا الجانب تصل إلى 15.2% من جملة التمويل في أفريقيا.

التعاون العربي الأفريقي

تطرق الدكتور فتحي إلى الحديث عن التعاون العربي الأفريقي، موضحًا أنه بدأ من عام 1977، في هذا التوقيت كان الحديث عن انعقاد أول مؤتمر أفريقي عربي بالقاهرة سنة 1977م ، حيث قدم مجموعة توصيات منها ضرورة  تنفيذ مجموعة من المؤسسات تساعد على الاتحاد أفريقيا، وعقد مؤتمر كل عام، وتشكيل مجلس وزراء أفريقي يعقد بشكل سنوي، مع إيجاد لجنة دائمة للتعاون العربي الأفريقي، ولجنة للتفتيش وتنسيق التعاون العربي الأفريقي وكذلك محكمة عربية أفريقية، كل هذه التوصيات خرجت بموجب أول مؤتمر، لكن مع التغيرات السياسية والاضطرابات  وعدم الاستقرار السياسي في دول الاتحاد الأفريقي تأجل ما كانت تطمح إليه الدول العربية خلال تلك الفترة.

ونوه إلى أن بعض المؤسسات التي تم إنشاؤها كانت تساعد في تعزيز التعاون العربي الأفريقي، منها  البنك الأفريقي للتصدير، والمصرف العربي للتنمية الاقتصادية، والمصرف الإسلامي للتنمية كل هؤلاء لديهم دور بارز في التعاون الأفريقي.

الفرص الاستثمارية العربية المتاحة في أفريقيا

حول الفرص الاستثمارية العربية المتاحة في أفريقيا يشير الدكتور فتحي، إلى أنه في عام 2018 ظهرت منطقة التجارة الحرة الأفريقية بتوقيع 44 دولة، وبدأت تسير بمسار جيد، النقطة الأخرى المتعلقة بالفرص هي توسيع الطبقة المستهلكة وزيادة الاستهلاك، أيضًا التوسع في استخدام التكنولوجيا وتطبيقات الثروة الصناعية الرابعة، إضافة إلى كل ما سبق يوجد الاتحاد الأفريقي الذي يعد امتدادًا للدول العربية باعتباره نابعًا من الشراكة بين الإقليمين، ومن ضمن الأشياء التي تشير إلى أهمية الاستثمار في أفريقيا أن القارة أصبحت من أكثر القارات جذبًا للاستثمارات العالمية، ففي عام 2020 كان حجم الاستثمارات 39 مليار دولار، وفي 2021 ارتفع الرقم إلى 83 مليار دولار، وأكبر  الأقاليم صاحبة النصيب الأعلى من هذه الاستثمارات، هو جنوب أفريقيا التي كان لديها استثمارات بـ4 مليار دولار ووصل هذا الرقم إلى 42 مليار دولار، في حين شهد شمال ووسط أفريقيا تراجعًا في حجم الاستثمارات من 10 مليار إلى 9 مليار دولار، أما الصناديق العربية فلديها استثمارات تُقدر بـ12.5 مليار دولار في أفريقيا وهي تمثل 10% من حجم الاستثمارات الخارجية في العالم.

التحديات التي تواجه الاستثمار العربي في أفريقيا

خلال الجلسة النقاشية، سلط الدكتور فتحي الضوء على أهم التحديات التي تواجه الاستثمارات العربية في أفريقيا على رأسها شدة المنافسة مع الدول الأوروبية وأمريكا والصين، على سبيل المثال بريطانيا لها استثمارات في أفريقيا تقدر بـ 65 مليار دولار، وفرنسا بـ60 مليار دولار، والصين بـ 4.3 مليار دولار وبالتالي هناك منافسة شديدة، وهناك تحدٍّ آخر يكمن في عدم الاستقرار السياسي والانقلابات في أفريقيا، أيضًا فرص الحصول على تنوع الموارد هي فرص ضعيفة.

وقدم الدكتور فتحي مجموعة من التوصيات فيما يتعلق بالتوجه العربي لأفريقيا منها ضرورة تحديد ما هي ثقافة الشعوب الأفريقية وتحديد القطاعات الأكثر جاذبية، والاستفادة من تجربة الصين في العديد من المشروعات المتكاملة والتركيز على القطاعات التي نمتلك فيها خبرة كافية مثل قطاع البتروكيماويات والأسمدة والقطاع العقاري وقطاع البنية التحتية.

دور القطاع الخاص في دعم التعاون والتكامل العربي الأفريقي

حول هذا المحور تحدث الأستاذ رامي زهدي عضو الهيئة الاستشارية بمركز إيجبشن إنتربرايز، مشيرًا إلى أن التعاون والتكامل والشراكات الاستراتيجية عبارة عن كلمات ثابتة تتكرر باستمرار في اللقاءات الرسمية والرئاسية والحكومية واللجان المشتركة والمؤتمرات والجلسات الأكاديمية والبحثية والنقاشية، وهذه الكلمات إذا ما وضعت في مقارنة مع الواقع القائم ستكون هناك فجوة كبيرة جدًّا بين استخدام هذه الكلمات كإطار أو أهداف أو آمال أو طموحات وما بين مقدرات وإمكانات الدول لتحقيق درجة من التكامل والتعاون والشراكة الاستراتيجية.

أضاف زهدي: “لأن الحديث عن الدول العربية والأفريقية فمن المهم في البداية الإشارة إلى أن هناك 10 دول من أصل 22 دولة عربية هم “عرب أفارقة” ، وعدد سكان يتجاوز نصف مليار نسمة هم “أفارقة عرب”، بينما هناك 12 دولة  “عربية عربية” و 45 دولة أفريقية، وربما هناك 3 دوائر من التداخل بين دول عربية عربية أو دول عربية أفريقية، وأفريقية أفريقية، وهذا يمكن أن يُحدث فارقًا كبيرًا في مجالات التعاون أو مجالات التكامل العربي الأفريقي.

فجوة واضحة

حول الفجوة الواضحة بين فرص التعاون الممكنة والمرجحة، وبين الواقع، يرى زهدي أنه لفهم هذا الأمر يمكن الاستشهاد بمثال بسيط وهو ثنائية وتشاركية العلاقات المصرية السودانية، أو المصرية الليبية، أو المصرية السعودية، أو المصرية اليمنية، أو المصرية السورية، أو المصرية الأردنية، هذه الأمثلة السابق ذكرها من المفترض أن لديها من المقومات ما يجعلها نماذج إيجابية لتكامل عربي أفريقي، وبالحديث هنا عن تشاركية العلاقات المصرية السودانية مثلًا نجد بينهم روابط ووحدة هدف ومصير وحدود سياسية ووحدة جذور بين الشعبين ولغة واحدة مشتركة، ومع ذلك فإن درجة التكامل التي حدثت وتحدث الآن بين مصر والسودان هي نتيجة غير مرضية وذلك بالنظر إلى فرص وإمكانيات  وطموحات الشعوب، حيث لم يتم الوصول إليها حتى الآن وبالتالي يمكن الإشارة إلى وجود فجوة السبب فيها هو القطاع الخاص.

وقال زهدي: إن القطاع الخاص في المنطقة العربية والمنطقة الأفريقية، لم يتحرك بنفس السرعة والثبات والإدراك والفهم لما تحركت به الحكومات، ولم يستطع مجاراة الحكومات في سرعة التكامل والتعاون، على سبيل المثال الشركات المصرية لم تستطع أن تواكب سرعة الحكومة والقيادة السياسية من عام 2014 وحتى 2018 ثم من عام 2018 وحتى 2022، حيث لوحظ تغيير شديد في استراتيجية مصر تجاه أفريقيا، على سبيل المثال مصر وفرت مناخًا تشريعيًّا ومناخًا من العلاقات الخارجية الأفريقية والعلاقات الأفريقية العربية وعلاقات مصرية دولية واستطاعت تنظيم عدد كبير من المؤتمرات التي تدعم تواجد القطاع الخاص في أفريقيا، لكن في نهاية المطاف القطاع الخاص لم يصل إلى الحد المرجو من التواجد في المنطقة العربية والأفريقية، رغم أن المشروعات المصرية في أفريقيا قيمتها 21.6 مليار، مع تواجد أكثر من 500 شركة مصرية وعدد من العمالة يقدر بالآلاف في القارة الأفريقية ينفذون مشروعات استراتيجية لها علاقة بالطاقة النظيفة والسدود وربط المجاري البحرية والمائية بالموانئ، فضلًا عن مشروعات الطرق والربط الكهربائي والنقل والسكك الحديدية هذا الرقم مرجح ليكون أكثر من ذلك بكثير.

وأشار إلى أن القطاع الخاص من المفترض أن تكون لديه قدرة على مجاراة خطط الدول والحكومات في التكامل والتعاون، على اعتبار أن الدول دائمًا ما تبحث عن تأمين استراتيجي لعلاقاتها الاقتصادية والاستراتيجية والسياسية مع دول الجوار والإقليم، وأيضًا على مستوى العالم، وبالتالي التجربة المصرية تمتلك الشركات مهارات عالية الخبرة وعدد مشروعات كبير ناجحة مثلًا مشروع سد جيليوس نيريرى في تنزانيا بتكلفة تتجاوز 4.8 مليار دولار، وطريق الوحدة الرابط بين دودوما العاصمة وجزيرة زينزبار، إضافة إلى مشاريع الربط الكهربائي التي ستتم بين مصر والسودان، ومشروع القاهرة كيب تاون بطول يتجاوز 11 ألف كيلومتر، هنا يمكن طرح تساؤل: لماذا يتخوف القطاع الخاص ولا ينفذ المزيد من المشاريع في عمق القارة الأفريقية وفي السوق الكبرى الواعدة؟

قدم زهدي مجموعة من التوصيات للقطاع الخاص، على رأسها ضرورة تغيير أنظمة الإدارة والابتعاد عن فكرة أبناء العائلة في إدارة الشركات، ومن ضمن التوصيات أيضًا البحث عن كيانات أفريقية عربية أو أفريقية أفريقية،  لديها حلول سريعة  وتتواكب مع سلاسل الإمداد العالمية في هذا التوقيت.

وأضاف توجد نقاط عدة تمتلك إمكانات هائلة من الموارد الطبيعية ولا تمتلك إمكانات تصنيعية ولو حدث تكامل وربط في نقاط التصنيع، مثل مصر وجنوب أفريقيا وكينيا والمغرب ونيجيريا وإثيوبيا  فهذه الدول قادرة إلى حد ما على التصنيع، بينما تمتلك دول أخرى في وسط أفريقيا وفي منطقة الساحل والصحراء وجنوب وشرق القارة إمكانات هائلة من الثروات الطبيعية لو تم نقلها أو تجاوز المشكلات المتعلقة بها سوف يتم رفع القيمة المضافة، وبالتالي مستوى المنتج سيكون بجودة  أعلى.

وأشار إلى توصية أخرى يمكن التأكيد عليها، وهي إمكانية أن تتوصل الشركات الخاصة لتنفيذ صندوق معني بالمخاطر والاستثمار في القارة، هذا الصندوق يمكن أن يحاول استكشاف الفرص الاستثمارية في القارة الأفريقية دون تخوف ودون تعجل أو تباطؤ.

وألمح زهدي إلى أن القارة الأفريقية تبلغ  1.4 مليار نسمة، 9% منهم لديهم القدرة الشرائية لأي منتجات تلقى الاستحسان.

وأشار إلى أهمية أن تتفهم الشركات طبيعة المواطن في أفريقيا الذي لا يمتلك طبيعة خاصة مختلفة عن العالم، وأي مواطن أفريقي احتياجاته مثل احتياجات أي مواطن آخر، أيضا الشركات عليها أن تتعامل أو تتعايش مع المشكلات والعراقيل التي يصعب حلها مثل النقل والتضاريس والأمن والمناخ، والاستقرار، ونقص الطاقة، كما أن التعامل مع أفريقا يجب أن يكون من منطلق التعامل مع ملفات مستقلة بذاتها.

حول قضايا  الاهتمام المشترك في التكامل العربي الأفريقي، وقضايا الطاقة والمناخ والأمن الغذائي تحدثت آيات عبدالعزيز، الباحثة في الشؤون الأفريقية ومدير وحدة التعاون الدولي والمؤسسي بمركز إيجبشن إنتربرايز، عن العلاقات العربية الأفريقية باعتبار أن كل طرف مكمل للآخر،  فضلًا عن تاريخ التعاون الكبير بينهم والتمازج الثقافي الملحوظ.

وأوضحت أن التكامل العربي الأفريقي وصل ذروته في مرحلة الخمسينات والستينات والسبعينات، حيث القضايا والمواقف المشتركة، وكان الجانبان مهتمين بتبنيها في إطار منظومات جامعة مثل حركة عدم الانحياز أو على سبيل المثال اهتمام الجانب الأفريقي بالقضية الفلسطينية ودعمه للحقوق الفلسطينية، أو على مستوى عكسي مثلًا إدانة الجانب العربي للفصل العنصري.

وأضافت عبدالعزيز، أنه بعد فترة السبعينات تصاعدت بعض المشكلات المتعلقة بالعلاقات العربية الأفريقية أدت إلى تراجع في التعاون والعلاقات نتيجة بعض الحروب والصراعات  وحالات عدم الاستقرار ومشكلات أخرى متعلقة بالأنهار والمياه وتقاسمها، وكلها عوامل نتج عنها حالة من التراجع في طبيعة العلاقات العربية الأفريقية.

وتشير الباحثة في الشؤون الأفريقية إلى أنه بعد هذه الفترة عاد الاهتمام بالعلاقات العربية الأفريقية، وبشكل أساسي مع المحور الخليجي  في الدول العربية فنجد مثلًا اهتمامًا كبيرًا توليه دولة الإمارات العربية، والمملكة العربية السعودية بأفريقيا والاستثمار فيها، كذلك التعاون السياسي والأمني، دولة الإمارات مثلًا أصبح لها دور ملحوظ وكبير في وضع حلول للأزمات الأفريقية وتسوية الصراعات فضلًا عن استثماراتها على مستوى الموانئ في أفريقيا، وبالتالي فإن هذا يعد شكلًا من أشكال التعاون العربي الأفريقي الذي بدأ الاهتمام به.

التنافس العالمي على أفريقيا

وأضافت آيات عبدالعزيز: للأسف هذا الاهتمام لم يكن في أفضل أوقاته فكما أن هناك اهتمامًا عربيًّا بأفريقيا هناك في الجانب الآخر تنافس دولي على أفريقا من قوى كبرى ومتوسطة مثل أمريكا والصين وتركيا، وفي ظل التنافس العالمي على أفريقيا ومع محدودية الأدوار العربية التي يمكن أن تلعبها لو وضعت في مقارنة مع القوى الأخرى نجد هناك مرتكزات يمكن أن تشكل مساحة لتحديد العلاقات العربية الأفريقية أولها التنافس الحالي الموجود في النظام الدولي، هذا التنافس من الممكن أن يتيح مساحة للحركة المشتركة بين الجانبي لخلق حالة من استقلال القرار السياسي للدول العربية والأفريقية، ويمكن للدول الأفريقية والعربية الكبرى أن يكون لها دور في تعاون “الجنوب الجنوب”، وكدول عربية وأفريقية الطرفان مطلوب منهما استغلال مساحة الحركة لتحقيق الأهداف الخاصة بهم، إضافة إلى ذلك تعتبر فكرة تحقيق الأهداف الخاصة للدول يكون وفقًا لمصالح هذه الدول وليس وفقًا لإملاءات خارجية غربية، مع العلم أن هناك مساحة من رفض فكرة الوصاية الدولية، وهذا ظهر واضحًا في مواقف بعض الدول الأفريقية تجاه الحرب الروسية الأوكرانية ومحاولة التزام الحياد، وأخيرًا وجود قضايا ذات اهتمام مشترك مثل المناخ والطاقة ومكافحة الإرهاب، وهنا  يمكن الاستشهاد بمنتدى مصر الذي انعقد في أسوان عام 2019 حينما اقترحت أن تكون هناك آلية عربية أفريقية لمكافحة الإرهاب.

وتابعت:  فكرة تحقيق الاستقرار عربيًّا وأفريقيًّا، يمكن أن تشجع الدول العربية والأفريقية على دعم بعضها البعض في الوصول لأفضل نتيجة من الاستقرار والتسويات التي يمكن خلالها تحقيق السلام المستدام، وبالحديث عن القضايا الأكثر تخصصًا والقضايا التي تدعم فكرة الاهتمام والتعاون المشترك يأتي منها مثلًا قضية المناخ، وبما أن الدول الأفريقية والعربية الأكثر تضررًا بمشكلات المناخ، وتأثيرها على الاستقرار لما لها من انعكاسات على كثير من المشكلات الأخرى، حيث يرتبط بها مثلا قضايا المياه العابرة للحدود.

وأشارت قضية أخرى لها أولوية وهي قضية الأمن الغذائي التي تعتبر من القضايا الملحة فيما يتعلق بالقضايا ذات الاهتمام المشترك.

التحديات التي تعوق العمل العربي الأفريقي وكيفية التغلب عليها

سلطت آيات عبدالعزيز الضوء على التحديات التي تعوق العمل العربي الأفريقي، منها غياب  النمط المنظم لطبيعة التعاون والتكامل العربي الأفريقي، وبالتالي غياب التنسيق والتخطيط بين الدول العربية والأفريقية على كافة المستويات، أيضًا غياب رؤية سياسية موحدة تجاه البعد الأفريقي وتجاه كيفية التعامل مع القضايا الأفريقية، ومن ضمن التحديات مسألة حدودية تنفيذ ما أسفرت عنه المؤتمرات والفعاليات تجاه القضايا التي تخص الجانبين العربي والأفريقي، تحد آخر يكمن في أن بعض الدول العربية أحيانًا لا تفي بالتزاماتها تجاه الدول الأفريقية.

وتحدثت عن كيفية التغلب على التحديات حيث يمكن ذلك بتغيير الصورة الذهنية لدى الطرفين العربي والأفريقي وتقديم الصورة الحقيقية وشرح التقدم الذي تشهده بعض الدول، وإقناع الأفارقة بأن العمل المشترك يصب في مصلحتهم، وفي نفس الوقت يراعي حساسيات الجماعة الأفريقية، وعدم إقحام القضايا العربية في المحافل الأفريقية، والتركيز على القضايا المشتركة، أيضًا إمكانية تفعيل المؤتمرات والفعاليات بشكل أكبر، وإصلاح المؤسسات الإطارية مثل الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية، وبما يخدم في النهاية دعم التعاون وتقديم الحلول والاهتمام بالتعاون الأمني والتحرك في إطار وضع آليات للتعاون الأمني والعسكري، مع تفعيل التبادل الثقافي والتعاون الإعلامي وتفعيل أمن الممرات البحرية وتفعيل دور المجتمع المدني في سياق التعاون العربي الأفريقي.

ماذا يمكن أن تقدم مصر لدعم التعاون والتكامل العربي الأفريقي

حول ما يمكن أن تقدمه مصر لدعم التعاون العربي الأفريقي أشار الأستاذ محمد عبدالحليم، مدير مركز إيجبشن إنتربرايز، إلى أن التكامل العربي الأفريقي يعتبر من الملفات المهمة، ودور مصر في ذلك كان موجودًا لكنه يحتاج إلى استعادة بشكل جيد مع إعادة الأطروحات التي تم تقديمها منذ حركة عدم الانحياز.

وأضاف عبدالحليم أنه يمكن تقديم التنسيق الجيد بين دول مجلس التعاون الخليجي ومصر مع الدول الأفريقية، وتعزيز فرص الاستثمار وخلق آليات للتعاون والتكامل في هذا الإطار، من خلال العمل على بعض الملفات خصوصا أن دولة الإمارات لها باع في ريادة الأعمال، خاصة وأن مستقبل ريادة الأعمال في أفريقيا مهم جدًّا وبالتالي الاستفادة من التعاون الإماراتي المصري داخل أفريقيا، كما أن بعض الملفات التي لها علاقة بالتنمية المستدامة من المهم العمل عليها، فمصر قطعت شوطًا كبيرًا في رؤية مصر 2030 أيضًا التزامها برؤية التنمية المستدامة والمقدمة من الأمم المتحدة.

وأشار إلى أن مشروعات البنية التحتية في مصر شهدت -في آخر سنتين- طفرة كبيرة، هذه التجارب يمكن الاستفادة منها من خلال تنفيذ مشروعات بنية تحتية  بالتعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي لتعزيز فرص الاستثمار وإزالة معوقات الاستثمار.

وتحدث عن مشروعات الأمن الغذائي ومستقبلها الذي يعتبر مهمًّا جدًّا، وإمكانية أن يكون لمصر دور مهم فيها خلال الفترة القادمة، نقطة أخرى وهي أهمية تعزيز عمل الوفود الدبلوماسية  وتعزيز الفرص الاستثمارية داخل أفريقيا ويمكن الاستفادة هنا من التجربة الصينية في أفريقيا، ومحاولة أن يكون تعاون مصري صيني فيما يخص الاستثمار والفرص الاستثمارية المتاحة.

وتطرق إلى الحديث عن الملف المائي، وضرورة أن تعزز مصر قدرتها في هذا الملف مع الاهتمام بالبحوث الزراعية وتنمية الموارد المائية.

شاهد الفيديو الكامل للقاء