كتب – حسام عيد

خصصت الدول الأوروبية 55 مليون دولار لبرنامج التكيف مع المناخ الرائد في أفريقيا، لكن التعهدات لا تزال أقل بكثير مما هو مطلوب.

تعهدات التمويل لبرنامج أفريقيا للمناخ الرائد “تسريع التكيف في أفريقيا (AAAP)”، كانت أقل بكثير من المبلغ المقدر بـ25 مليار دولار اللازم على مدى السنوات الخمس المقبلة، وهذا ما كشفته قمة التكيف الأفريقي، التي عقدت في روتردام في 5 سبتمبر 2022.

بلغت التزامات المملكة المتحدة (23 مليون دولار) والنرويج (15 مليون دولار) وفرنسا (10 ملايين دولار) والدنمارك (7 ملايين دولار) 55 مليون دولار. كان بنك التنمية الأفريقي قد خصص بالفعل 12.5 مليار دولار، وكان من المأمول أن تلتزم الدول الأكثر ثراءً بالباقي؛ وفق ما أوردت مجلة “أفريكان بيزنس”.

من جانبه، قال رئيس البنك الأفريقي للتنمية الدكتور أكينومي أديسينا، إن برنامج تسريع التكيف في أفريقيا AAAP هو أكبر جهد عالمي للتكيف، لكن القارة بحاجة إلى المال.

وأشار “أديسينا”، إلى أن البنك الأفريقي للتنمية قد وضع 12.5 مليار دولار من أصل 25 مليار دولار. وشدد في الوقت ذاته أن أفريقيا لم تكن هي أساس أزمة التغيرات المناخية. لذلك؛ هي بحاجة إلى تسريع وتعزيز المساعدات.

وبصفته رئيس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي، قال الرئيس السنغالي ماكي سال، إن أفريقيا تحتاج إلى الاستثمار بشكل كبير في التكيف والمرونة.

وحثّ “سال” شركاء التنمية في أفريقيا على تمويل “برنامج تسريع التكيف في أفريقيا” بالكامل وجعله نموذجًا مثاليًا لأي تعاون مستقبلي بشأن المناخ.

لكن في الوقت ذاته، أعرب ماكي سال عن حزنه لتغيب قادة من العالم الصناعي عن قمة “روتردام”.

قمة روتردام المعنية بالتكيف مع تغير المناخ في أفريقيا

إن الدول الأفريقية هي من بين الدول الأشد ضررًا من آثار تغير المناخ وهي كذلك من الدول الأكثر شبابًا في العالم. ولذلك، فلديها حاجات وتطلعات معيّنة ينبغي على العالم المتقدم المساعدة في تلبيتها. وإذا كان هناك شركاء، فمن الضرور الاستثمار بوسائل مخصصة لهذا الغرض إذ إنّ الموارد المكرّسة للتنمية ستواصل تزايدها.

وبمناسبة عقد مؤتمر القمة في روتردام بهولندا، أعلنت سكرتيرة فرنسا المكلّفة بالتنمية والفرنكوفونية والشراكات الدولية لدى وزيرة أوروبا والشؤون الخارجية، كريسولا زاكاروبولو، عن الدعم المالي الذي تقدّمه فرنسا “لمشروع تسريع وتيرة التكيّف في أفريقيا” وهو دعم تصل قيمته إلى 10 مليون يورو. وتُعدّ فرنسا من بين أهم المانحين لهذه المبادرة. وعلى المدى الطويل، من المفترض أن تدرّ هذه المساهمة الفرنسية لصالح المشروع ما قيمته مليار يورو لصالح مشاريع التكيّف في أفريقيا. وستتكفّل وكالة التنمية الفرنسية (AFD) بتنفيذ جزء من تلك المشاريع.

وأتاح مؤتمر القمة بتوطيد التعاون الأوروبي الأفريقي في مجال التكيّف مع تغيّر المناخ لا سيّما في سياق الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP27)، والذي تستعد مصر لاستضافته في نوفمبر القادم.

وذكّرت سكرتيرة فرنسا بالالتزام المثالي لبلادها بالقضايا المناخية مشدّدةً على “حالة الطوارئ المناخية”. وقد كُرّست مبلغ 6 مليار يورو سنويًا لتمويل مكافحة تغيّر المناخ في البلدان النامية. وكُرّست ثلث ذلك المبلغ من أجل التكيّف.

تسريع وتوسيع نطاق إجراءات التكيف مع المناخ في أفريقيا

بدعم من البنك الأفريقي للتنمية (AfDB) والمركز العالمي للتكيف (GCA)، فإن برنامج تسريع التكيف في أفريقيا (AAAP)؛ هو عبار عن هيئة أصحاب المصلحة المتعددين بقيادة أفريقية والتي تم اعتمادها في حوار القادة حول حالة الطوارئ المناخية في أفريقيا في أبريل 2021، وهي الاجتماع الأكبر من نوعه الذي يركز فقط على التكيف مع المناخ.

إن البرنامج يعتبر وسيلة رئيسية لتأمين الأموال لتوجيهها إلى المبادرات التي من شأنها تسريع وتوسيع نطاق إجراءات التكيف مع المناخ في جميع أنحاء القارة ويتم تنفيذها من خلال آليتين:

– مرفق التمويل الأولي لبرنامج تسريع التكيف في أفريقيا AAAP، ومقره في المركز العالمي للتكيف GCA، لدعم المعرفة القائمة على الأدلة، وتصميم المشروع وإعداده، وعمل السياسة اللازمة لنجاح عمليات AAAP.

– مرفق الاستثمار، ومقره في بنك التنمية الأفريقي، والذي يهدف إلى جمع مظروف استثماري بقيمة 25 مليار دولار للسنوات الخمس الأولى واستخدام هذه الموارد لإطلاق العنان للتمويل من الحكومات الوطنية الأفريقية، والمستثمرين المؤثرين، والمؤسسات، وغيرها من المصادر المبتكرة، مثل سندات القدرة على الصمود ومقايضات الديون من أجل التكيف مع المناخ، في برنامج منسق.

“كوب 27” ومهمة دفع جهود العمل المناخي بالعالم

ربما أثار النقص النسبي للاستثمار في برنامج تسريع التكيف في أفريقيا؛ مخاوف من أن مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في نوفمبر (Cop27) في شرم الشيخ قد يشهد نقصًا في الأموال والتمويلات التي تحتاجها أفريقيا بشدة لمكافحة تغير المناخ.

لقد وعدت الدول المتقدمة في عام 2009 بالالتزام بمبلغ 100 مليار دولار سنويًا للبلدان ذات الدخل المنخفض لمساعدتها على مكافحة تغير المناخ، ولكن بحلول موعد مؤتمر COP26 في جلاسكو، لم يكن الهدف قد تحقق بعد.

وكشف تقرير صادر عن مركز التكيف العالمي GCA أنه في عامي 2019 و2020 تم تخصيص 11.4 مليار دولار فقط لتمويل التكيف مع المناخ في أفريقيا. وهذا أقل بكثير من 52.7 مليار دولار سنويًا حتى عام 2030 الذي تشير التقديرات إلى أن البلدان الأفريقية ستحتاج إليه.

نظرًا لعدم تلبية أيٍّ من أهداف التمويل، ضاعف القادة الأفارقة من دعوات الدول الغنية للوفاء بوعودهم.

بدوره، قال الرئيس الغاني نانا أكوفو أدو؛ إن “أفريقيا تحتاج إلى أصدقائها في جميع أنحاء العالم لزيادة دعمهم. نتوقع من هؤلاء الأصدقاء إظهار تضامنهم وصداقتهم من خلال تقديم التمويلات اللازمة. ستدفع غانا Cop27 لحث الدول المتقدمة للوفاء بالتزاماتها لتمويل التكيف مع المناخ”.

ويُطلق على مؤتمر المناخ “كوب 27” القادم لقب “Africa’s Cop” -وهو تجمع ناجح سيوضح فيه العالم المتقدم ما إذا كان بإمكانه تعبئة الموارد اللازمة لمكافحة تغير المناخ.

على الرغم من النقص النسبي في التمويل لبرنامج تسريع تمويل التكيف في أفريقيا، كان بعض المندوبين في مؤتمر “روتردام” واثقين من إمكانية تأمين 12.5 مليار دولار في الوقت المناسب قبل اجتماع شرم الشيخ.

ومن جانبه، قال بان كي مون الأمين العام السابق لمنظمة الأمم المتحدة، والرئيس الحالي للمركز العالمي للتكيف، إنه من الممكن تمامًا أن يأتي جميع اللاعبين الأساسيين وراء برنامج المناخ الرائد “تسريع التكيف في أفريقيا (AAAP)” قبل عقد قمة “كوب 27”.