كتب – حسام عيد

رغم الأزمات المتشعبة في تونس، يتسلل بصيص من الأمل إلى مفاصل الاقتصاد الذي ينشد الإنقاذ وسط الجهود الحكومية الحثيثة لتدشين برنامج إصلاحات قوي، ومحاولات للوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي للموافقة على ضخ برنامج تمويلي في البلاد.

نمو الاقتصاد 2.8% في الربع الثاني من 2022

ووفق بيانات للمعهد الوطني للإحصاء نُشرت الإثنين 15 أغسطس 2022، حقق الاقتصاد التونسي نموًا بنسبة 2.8% في الربع الثاني من العام الجاري على أساس سنوي.

وأرجع المعهد هذا النمو بالأساس إلى ارتفاع نسق نمو القيمة المضافة في قطاع الخدمات، والذي بلغ 5.2% على أساس سنوي، كما أوردت “وكالة الأنباء الألمانية”.

ولكن مقارنة بنسبة النمو في الربع الأول من العام الجاري فقد تراجع حجم الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1% بسبب انخفاض أداء قطاع البناء والتشييد وقطاع الصناعة بدرجة أقل.

وتسعى تونس، التي تواجه أزمة سياسية منذ تجميد الرئيس سعيد معظم المؤسسات الدستورية بما في ذلك البرلمان في 2021 ووضع دستور جديد على الاستفتاء في 25 يوليو الماضي، إلى كسب هامش من الاستقرار لتنفيذ حزمة من الإصلاحات تطالب بها المؤسسات المالية الدولية.

وكان صندوق النقد الدولي أعلن في وقت سابق استعداده لبدء مفاوضات رسمية مع تونس من أجل برنامج إقراض بعد أشهر من المشاورات التقنية.

لكن ينتقد الاتحاد العام للشغل بشدة الإصلاحات الاقتصادية لصندوق النقد الدولي التي اقترحتها الحكومة، بما في ذلك خفض الدعم وتجميد أجور القطاع العام وإعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة، وقد قال سابقاً: إنّ هذه الإصلاحات ستزيد من معاناة التونسيين، وتؤدي إلى انهيار اجتماعي وشيك.

وتسعى تونس للحصول على دعم من صندوق النقد الدولي يبلغ (4) مليارات دولار، وسط التداعيات الاقتصادية لجائحة فيروس كورونا والحرب في أوكرانيا، ويشترط الصندوق موافقة الاتحاد العام التونسي للشغل على الإصلاحات الحكومية.

بينما كانت إذاعة “موزاييك” التونسية قد نقلت عن خبراء البنك الدولي تقديمهم (4) نصائح لمعالجة ارتفاع معدلات التضخم وانخفاض معدلات النمو إلى جانب دعم الفئات الأقل دخلاً، وهي تحسين “جودة” الإنفاق العام، وتعزيز شفافية الديون، وتفادي “الديون الخفية”، وتفادي “ھيمنة المالية العامة”، والاعتماد المفرط على البنوك المركزية، فضلاً عن حماية الفئات الفقيرة والأكثر احتياجًا.

تفاقم العجز التجاري رغم تحسن الصادرات

فيما سجل الميزان التجاري التونسي عجزًا بقيمة 4.3 مليار دولار أمريكي خلال السبعة الأشهر الأولى من العام الجاري.

ورغم  تحسن الصادرات التونسية خلال تلك الفترة بنسبة 23.1% مقابل 23% في نفس الفترة من عام 2021، فإن ذلك قابله زيادة في نسبة الواردات في حدود31.6%.

وتسبب ذلك في تفاقم العجز التجاري إلى 13.7 مليار دينار تونسي (4.3 مليار دولار أمريكي) مقابل 2.7 مليار دولار أمريكي خلال السبعة أشهر الأولى من عام 2021.

وأرجع المعهد الوطني للإحصاء تفاقم العجز إلى الزيادة المسجلة في الواردات في كافة القطاعات من بينها أساسًا مواد الطاقة بـ89.7% والمواد الأولية ونصف المصنعة بـ35.7% والمواد الاستهلاكية بـ13.4%.

وتجدر الإشارة إلى أن معدل التضخم السنوي في تونس ارتفع إلى 8.2% في يوليو من 8.1% في يونيو.

تراجع البطالة إلى 15.3%

بينما كشفت بيانات للمعهد الوطني للإحصاء، عن تراجع نسبة البطالة في تونس خلال الربع الثاني من العام الجاري إلى 15.3%.

وواصلت نسبة البطالة مسار انخفاضها للمرة الثالثة على التوالي منذ الربع الثالث من عام 2021 حينما كانت في حدود 18.4%.

وكانت نسبة البطالة عند مستوى 16.1% في الربع الأول من العام الجاري و16.2% في الربع الأخير من عام 2021.

ويمثل التشغيل أحد أهم المعضلات، التي تعاني منها تونس بسبب الوضع الاقتصادي الصعب وتعثر الانتقال السياسي في البلاد منذ 2011، ما يدفع الآلاف إلى مغادرة البلاد سنويًا ومن بينهم كفاءات عالية مدربة.

وتشهد تونس، التي يزيد عدد سكانها على 11 مليون نسمة، أكثر من 626 ألف عاطل في الربع الثاني من 2022 وفق بيانات المعهد الوطني للإحصاء، حوالي ثلثهم من أصحاب الشهادات العليا.

ويقدر المرصد الوطني للهجرة في تونس عدد المغادرين للبلاد سنويا بنحو 36 الف مهاجر بسبب النقص في فرص العمل وتدني الأجور.