كتب – حسام عيد

بينما تمضي قدمًا في خططها لإضافة مساراتها إلى 22 مسارًا أفريقيًّا، هل يمكن أن تكون “طيران الإمارات” هي شركة الطيران التي تربط قارة أفريقيا بالعالم؟

رغم إطلاق معظم الدول الأفريقية لشركات طيران وطنية بعد الاستقلال لرفع أعلامها الجديدة حول العالم، فإن القارة اليوم تعاني بشدة من نقص في الرحلات الجوية.

والآن، تقوم شركة “طيران الإمارات”، الناقل الوطني الجوي الإماراتي الأكبر في الشرق الأوسط، بالتخطيط بلعب دور محوري في أفريقيا؛ حيث تخطط شركة الطيران لإضافة مساراتها البالغ عددها 22، وتأمين اتفاقيات المشاركة بالرمز وجلب ملايين الأفارقة عبر مركزها في دبي.

التوسع في سوق يكافح للتعافي من تداعيات كورونا

يقول الخبراء: إن هذه الخطوة تعكس المصالح الأوسع للسياسة الخارجية لدولة الإمارات التي عززت وجودها في قارة أفريقيا في السنوات الأخيرة. ومع ذلك، يقول محللو الطيران إنه في حين أن “طيران الإمارات” تمثل خيارًا رائعًا للمسافر من الشرق إلى الغرب، فإنها لا تزال تأتي بعد الإثيوبيين عندما يتعلق الأمر بحركة المرور بين الشمال والجنوب. وستكون هناك حاجة لتوسيع شبكة ضخمة لكي تهيمن شركة الطيران الخليجية على الطيران داخل أفريقيا.

كانت العشرات من شركات الطيران الأفريقية -التي طالما كانت مركزية للعلامات التجارية الوطنية- تعمل وسط خسائر كبيرة حتى قبل جائحة كوفيد-19، التي أحدثت شللًا بصناعة الطيران عالميًا، لكن التداعيات الأكبر طالت قطاع الطيران الأفريقي. لقد أُجبر وباء كورونا العديد من شركات الطيران المثقة بالديون على الإغلاق أو إعلان إفلاسها، بما في ذلك شركة طيران ناميبيا وشركة كومير في جنوب أفريقيا. فيما توقفت الخطوط الجوية الجنوب أفريقية، معقل السفر الجوي الأفريقي، عن العمل دوليًّا.

معظم شركات الطيران الأفريقية لم تتعاف بعد من تداعيات كوفيد-19. ومن المتوقع أن تسجل شركات الطيران الأفريقية خسائر بقيمة 4.1 مليار دولار هذا العام وسط ارتفاع أسعار الوقود، مما أدى إلى تآكل المكاسب الأخيرة بعد كوفيد، وفقًا لرابطة الخطوط الجوية الأفريقية. وتأتي الخسائر الفادحة حتى مع عودة حركة الطيران الأفريقية إلى 66% من مستويات ما قبل الوباء، بل إن النسبة المئوية لحركة المرور بين البلدان الأفريقية أعلى بـ74%. وخففت معظم الدول قيود السفر في الأشهر الأخيرة، كما أوردت مجلة “أفريكان بيزنس”.

من جانبه، يرى أندرو شارلتون، المحلل العالمي المتخصص في مجال استشارات الطيران، أن حركة السفر في أفريقيا لم تتعاف كليًا بعد من آثار كوفيد، بالمقارنة مع نظيرتها في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.

هل تستطيع “طيران الإمارات” ربط أفريقيا بالعالم؟

من جانبه، قال بدر عباس، نائب رئيس أول العمليات التجارية لمنطقة أفريقيا، إنه مع وجود شركات طيران محلية في مأزق، تعد “طيران الإمارات” من بين العديد من الأجانب الذين يأملون في ملء الفراغ بحركة السفر والطيران الأفريقية. في فبراير الماضي، أعادت شركة الطيران الخليجية فتح جميع خطوطها الأفريقية، مشيرة إلى انتعاش قوي في الطلب. وتمثل القارة حوالي 8% من عائدات “طيران الإمارات” في العام المالي 2021-2022؛ وفق ما أفادت مجلة “أفريكا ريبورت” الفرنسية الناطقة بالإنجليزية.

ووفقًا للنتائج المتاحة للجمهور الصادرة في مايو 2022، فإن ذلك قد يصل إلى 1.4 مليار دولار تقريبًا. يلاحظ المسؤولون التنفيذيون بكل فخر أن مركز دبي افتتح في حين أن العديد من البلدان لا تزال مغلقة. اليوم، تقوم شركة الطيران برحلات مباشرة إلى لاجوس وأبوجا في نيجيريا، و3 وجهات في جنوب أفريقيا، وغينيا، وأوغندا، وزيمبابوي، والسودان، وكينيا، والعديد من الوجهات الأخرى.

ومع تزايد الطلب على الرحلات الجوية بين دبي والدول الأفريقية، تقول “طيران الإمارات” إنها تخطط لأن تكون المزود الرائد للربط بين أفريقيا وبقية العالم.

واعتقد أندرو شارلتون، محلل الطيران، أن نموذج المحور العالمي المركزي يتطلب الكثير من الركاب المختلفين والذين يذهبون إلى أكبر عدد ممكن من الأماكن المختلفة. لذلك؛ من الضروري لزيادة القيمة التنافسية نفاذ شركة طيران الإمارات إلى أكبر عدد ممكن من البلدان في أفريقيا.

ونجحت “طيران الإمارات” في جذب السياح الأفارقة من خلال إجراءات التأشيرات البسيطة في دبي، والتسوق منخفض الضرائب وصفقات الفنادق، في حين استمرت البلدان في أوروبا وأمريكا الشمالية في استبعاد الأفارقة، بسبب تحديات التأشيرات أو احتياطات فيروس كورونا. بالنسبة للشباب الكيني الطموح، ينظر إلى دبي بشكل متزايد على أنها المكان المناسب للتواجد فيه.

وفي الوقت نفسه، يعد المستوردون الأفارقة من بين أكبر قواعد العملاء في “طيران الإمارات”، مع تزايد عدد رواد الأعمال الأفارقة الذين يسافرون من وجهات في الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية. وتعد مدينة جوانزو هي الوجهة الأولى من نوعها، حيث يسهل الوصول إليها من خلال “طيران الإمارات”، حيث تزخر أسواقها الشعبية منخفضة التكلفة بالملابس والإلكترونيات.

في الاتجاه الآخر، يقوم المسؤولون التنفيذيون الصينيون والكوريون، وكثير منهم في قطاع الموارد الطبيعية، بملء رحلات “طيران الإمارات” بشكل متزايد إلى المدن الأفريقية.

وأخيرًا، يعمل اتحاد النقل الجوي الوطني لدبي “دناتا” -أكبر مزودي خدمات الطيران في الشرق الأوسط- وهي جزء من مجموعة طيران الإمارات؛ على توسيع تواجدها في أفريقيا من خلال خدمات المناولة الأرضية والشحن وتموين الطائرات. الشركة، التي حققت ربحًا قدره 30 مليون دولار في 2021-2022، أبرمت مؤخرًا صفقة مع حكومة إقليم زنجبار في تنزانيا للإشراف على عمليات المحطة الدولية المبنية حديثًا.

شراكة إماراتية شاملة مع أفريقيا

وقد سعت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى إقامة علاقات وثيقة مع الدول الأفريقية في السنوات الأخيرة، مما يضع القارة في قلب سياسة خارجية أكثر قوة. وكانت موانئ دبي العالمية قد أعلنت العام الماضي عن خطة لاستثمار أكثر من مليار دولار في البنية التحتية الأفريقية.

وقامت الدولة الخليجية بضخ استثمارات رائجة في موانئ بدول إريتريا وجيبوتي والصومال وأرض الصومال والسنغال ومؤخرًا السودان، مما سمح لها بتعزيز وصولها إلى الأسواق المختلفة بقارة أفريقيا.

وفي 2021، أصبحت دولة الإمارات رابع أكبر مستثمر في أفريقيا، بعد الصين وأوروبا والولايات المتحدة.

ووفقًا لبيانات المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء في دولة الإمارات، بلغت الصادرات غير النفطية للدولة إلى غرب أفريقيا في الأشهر التسعة الأولى من عام 2021، نحو 22.2 مليار دولار. وصدَّرت بضائع بقيمة 4 مليارات دولار إلى شرق وجنوب أفريقيا في تلك الفترة. وقد تم تسجيل أكثر من 1600 شركة أفريقية كأعضاء جدد في غرفة تجارة دبي منذ أكتوبر 2021.

وفي عام 2019، صدَّرت دولة الإمارات ما قيمته 1.7 مليار دولار إلى نيجيريا، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 25٪ كل عام لمدة ربع قرن. فيما أرسلت نيجيريا بضائع بقيمة 450 مليون دولار إلى الإمارات العربية المتحدة في ذلك العام، بزيادة سنوية قدرها 41% على مدار 25 عامًا.

في الوقت الراهن تريد دولة الإمارات تركيز جهودها واستثماراتها بشكل أساسي على الشحن البحري والتجاري. كذلك تطمح بشكل جدي عبر آفاق أرحب لمجموعة طيران الإمارات إلى توسيع شبكة النقل الجوي في أفريقيا.