بقلم د. أسماء مصطفى

حاصلة على درجة الدكتوراه من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة

الاهتمام بالشباب يعد ركيزة أساسية في خطة الدولة واستراتيجيتها لبناء الإنسان المصري، وتولي مصر أهمية قصوى لدور الشباب في مختلف المجالات التنموية الاقتصادية والاجتماعية، وتوفير فرص عمل جديدة لهم عبر المشروعات القومية العملاقة واستصلاح الأراضي، وتوفير المسكن المناسب لأحوالهم الاقتصادية، عبر مشروعات الإسكان الاجتماعي التي تغطي معظم المحافظات، وكذلك العمل على إعدادهم وتحفيزهم للمشاركة في تولي مهام العمل السياسي والتنفيذي والإداري بالدولة المصرية، وتولي مصر هذه الأهمية الكبيرة للشباب، وذلك للعديد من الاعتبارات، أبرزها، أهمية دور الشباب في بناء المستقبل وتعزيز التطور والتنمية. وأنهم ركيزة المزايا التنافسية للاقتصاد المصري[1].

  • نظرة إحصائية لوضع الشباب في مصر:

 تشير الإحصاءات إلى أن عدد سكان مصر تحت سن 40 عامًا يفوق ثلثي إجمالي عدد السكان، منهم نحو 30 مليونًا في سن العمل. ويبلغ الشباب في الفئة العمرية (18ـ 29 سنة) 20.2 مليــون نسمة، بنسبة 21% من إجمالي السكان (50.6% ذكورًا، 49.4% إناثًا) وذلك وفقًا لتقديرات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء للسكان خلال عام 2018. وشكّلت نسبة الشباب في الفئة العمرية من 18- 29 عامًا نسبة 21% بعدد 19.9 مليون شاب من إجمالي عدد سكان بلغ 94.8 مليون نسمة في تعداد عام 2017، بينما كانت 25% في تعداد 2006 بعدد 17.9 مليون شاب من إجمالي عدد سكان في هذا التعداد بلغ 72.8 مليون نسمة. أعلى نسبة للشباب في الفئة العمرية بين 18- 29 عامًا في محافظات القاهرة والجيزة والشرقية، بينما أقل نسبة لهم في المحافظات الحدودية. يوجد 11.3 مليون شاب في المناطق الريفية مقابل 8.5 مليون شاب في الحضر بنسبة 6: 4. تساوي عدد الشباب في الفئات العمرية من 20- 24 عامًا، 25- 29 عامًا في كل من الحضر والريف مع وجود فروق رئيسية للفئة العمرية من 18- 19 عامًا.[2]

الاهتمام الرئاسي بالشباب:

 تحققت للشباب إنجازات ومكاسب عدة في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، لم يسبق أن تحققت في فترة رئاسة أخرى إيمانًا بدور الشباب في صناعة حاضر ومستقبل بلدهم فدعمهم بعد تأهيلهم لتولي المناصب القيادية كصف ثانٍ في أجهزة الدولة لصقل خبراتهم العملية استعدادا لتولي المسئولية في حينها، ويحسب للرئيس السيسي أنه أول رئيس مصري يدشن جسرًا للتواصل بشكل مستمر مع الشباب، لمعرفة مقترحاتهم حول تطوير الدولة المصرية، من خلال مؤتمرات ومنتديات الشباب التي تُعد منصة حوارية بين الشباب وممثلي الحكومة ومؤسساتها المختلفة حول قضايا الشباب من كل دول العالم بشكل عام والشباب المصري بشكل خاص. وما يعكس مدى اهتمام الرئيس بالشباب ما ذكره بمناسبة اليوم العالمي للشباب، حينما قال: «لطالما كان إيماني بالشباب يزداد يومًا بعد يوم، فكلما تأملت كيف يرسمون حاضرهم ويشيدون مستقبلهم، زاد إيماني بأن الشباب هم كلمة السر لعالم أكثر استقرارًا وسلاما[3]».  وإعلان الرئيس المصري عام الشباب 2016 هو دليل على إيمانه بهذه الطاقة التي يجب استغلالها لمصلحة البلاد.

 كما تعهد الرئيس بتدريب هؤلاء الشباب في أكاديمية ناصر العسكرية، وهو ما بدأت الأكاديمية في تنفيذه بالفعل في 2014 بتنظيمها دورات في موضوع «الاستراتيجية القومية والأمن القومي» شارك فيها أعداد كبيرة من الشباب العاملين في الجهاز الحكومي، وقد عين العديد من النماذج الشابة في مناصب معاوني وزراء وفقًا للقرار رقم 1592 لسنة 2014 بتفويض الوزراء في اختيار معاونيهم، كما تضمنت حركة المحافظين 2019 تمثيل فعلي للشباب، وهذا ما يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن التمكين أصبح حقيقة وليس شعارًا. وتعد الحركة التي ضمت 39 قيادة جديدة ما بين محافظ ونائب للمحافظ، من بينهم 60 % من الشباب، حيث ضمت اختيار 16 محافظًا، و23 نائبًا، وجاء عدد الشباب 25 قيادة، منها اثنان من المحافظين، و23 نائبًا للمحافظين جميعهم من فئة الشباب. كما منحت الدولة فرصة حقيقية لـ8 عناصر شابة من أعضاء البرنامج الرئاسي، بينما حازت المرأة على أعلى نسبة تمثيل في منصب نائب المحافظ، بواقع 30% من إجمالي الحركة الجديدة، من خلال تعيين 7 نائبات للمحافظين الجدد، يمثلن كفاءات وخبرات علمية وأكاديمية كبيرة. واستكمالًا لتمكين كل كيانات الدولة المصرية وأطيافها، تم اختيار 5 من شباب تنسيقية الأحزاب والسياسيين، بواقع 20% من عدد النواب، وبهذه الخطوة تستكمل الدولة خطوات بدأتها في مسيرة تنمية بدأت وانطلقت إلى مستقبل أفضل.[4]

آليات تمكين الشباب:

يعد البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة الذي أطلقه الرئيس السيسي في 13/ 9/ 2015، بهدف إنشاء قاعدة قوية وغنية من الكفاءات الشبابية لتكون مؤهلة للعمل السياسي، والإداري، والمجتمعي بالدولة هو النواة لتمكين الشباب، حيث يقوم البرنامج على إطلاع الشباب على أحدث نظريات الإدارة والتخطيط العلمي والعملي، وزيادة قدرتها على تطبيق الأساليب الحديثة لمواجهة المشكلات التي تحيط بالدولة المصرية.

وتأتي الأكاديمية الوطنية لتدريب وتأهيل الشباب التي صدر قرار جمهوري في 2017 بإنشائها هي ثاني آليات تمكين الشباب، والتي تهدف إلى تحقيق متطلبات التنمية البشرية للكوادر الشبابية بجميع قطاعات الدولة والارتقاء بقدراتهم ومهاراتهم وجاء إنشاؤها كأحد توجيهات المؤتمر الوطني الأول للشباب بشرم الشيخ في نوفمبر 2016 والتي أقرها الرئيس السيسي. وعلى مدى السنوات الماضية قامت الأكاديمية بتخريج 3 دفعات من البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة، ضمت 1500 شاب وفتاة في الفئة العمرية 20و30 عاما من جميع محافظات مصر وفي طريقها لتخريج الدفعة الرابعة.

وسيركز عمل منصة “شباب بلد، على أربعة مجالات: تحسين مهارات الشباب، وإحداث تحول في التعليم المستمر، ورفع قابلية التوظيف، وغرس مفهوم ريادة الأعمال بين الشباب، وتعد أحد أهم المبادرات التي تم إطلاقها مطلع عام 2022 لتستهدف الاستثمار في الشباب، وستساعد على تأهيل الشباب في مرحلة مبكرة للاستعداد لاحتياجات سوق العمل، كما أنها تؤسس لشراكة استثنائية بين الشباب والحكومة والمؤسسات الدولية والقطاع الخاص والمجتمع المدني، لتصبح كافة الأطراف المعنية على طاولة واحدة، ويأتي كل ذلك استكمالًا لما عهدت إليه الدولة من رؤية واضحة بشأن الشباب من خلال سياسة التأهيل قبل التمكين والتي كان من بينها إطلاق البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة PLP عام 2015، والإعلان عن الأكاديمية الوطنية لتأهيل وتدريب الشباب بالقرار الجمهوري رقم 434 لسنة 2017.[5]

وتعد مؤتمرات الشباب: فرصة لإجراء مزيد من المناقشات بين الرئيس وأكبر عدد ممكن من الشباب، وبالفعل انطلقت هذه المؤتمرات حتى وصل عددها إلى 8 مؤتمرات وطنية للشباب، بالإضافة إلى 3 منتديات عالمية ومنتدى الشباب العربي الأفريقي. لقاءات متعددة ومناقشات ثرية حول مختلف القضايا التي تهم المواطن، اتسمت جميعها بالصراحة المطلقة وأجاب الرئيس عن كل ما يشغل بال المواطن المصري في مختلف المجالات، وذلك منذ النسخة الأولى للمؤتمر التي عقدت في مدينة شرم الشيخ بمشاركة ٣٠٠٠ شاب من مختلف المحافظات والجامعات والأحزاب السياسية تحت شعار «ابدع.. انطلق». وقرر الرئيس أن يعقد مؤتمرًا شهريًّا مع الشباب، لبحث مشكلاتهم. وقد انطلقت من قلب القاهرة وأسوان والإسماعيلية مؤتمرات الشباب الشهرية، التي حددها الرئيس مع كبار مسئولي الدولة.[6]

وتعتبر تنسيقية شباب الأحزاب أحد آليات التمكين حيث بدأت الفكرة في 16 مايو خلال الجلسة الافتتاحية من المؤتمر الوطني الخامس للشباب بعنوان «رؤية شبابية لتحليل المشهد السياسي في مصر»، والتي استمع فيها الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى الشباب وقراءتهم في الحياة الحزبية والسياسية في مصر. خلال هذا المؤتمر أعلن الرئيس السيسي، تأييده لتشكيل لجنة من الأحزاب السياسية للتواصل مع السلطة التنفيذية، لتيسير التعامل فيما بينهم، ونشر الوعي والتثقيف السياسي لدى الشباب. بمجرد إعلان الرئيس أعلن عدد كبير من الأحزاب سعيهم إلى تنفيذ توصيات المؤتمر، وخاصة أن تلك اللجنة ستكون بمثابة جسر حقيقي وفعال بين الأحزاب السياسية والدولة.[7]

تمكين الشباب في التعديلات الدستورية:

جاءت التعديلات الدستورية عام 2019، لتؤكد أن شباب الجمهورية الجديدة قد حالفه الحظ أكثر من غيره، حيث النص على التمثيل الملائم للشباب في مجلسي النواب والشيوخ، وأن تكون 25% من المقاعد في المحليات من نصيب الشباب، وكذلك تمثيل الشباب في السلطة التنفيذية من خلال تعيين عدد كبير من الشباب في مناصب نواب الوزراء، والمحافظين، لتعطي القيادة السياسية للشباب الفرصة الكاملة، في إدارة شئون الحكم المحلي، والتعرف على مشكلات المواطنين ومدى أهمية تنفيذ المشروعات الكبرى لتطوير المدن والقرى، لتوفير العيش الآمن والكريم لكل فئات الشعب.[8]

وفي ذات الوقت لا يجب إغفال التحديات التي تواجه الشباب وعلى رأسها محاربة البطالة وتوفير فرص عمل لهم، ومساعدتهم في الحصول على المسكن اللائق، بالإضافة إلى التركيز على دعوة الحوار الوطني الذي أطلقه الرئيس السيسي ويعد الشباب محورًا أساسيًّا بها، لطرح مشكلاتهم التي يعانون منها.

 التوصيات:

 – التكليف بإنشاء حاضنة أعمال للمشروعات الناشئة والصناعات الصغيرة، وذلك بالتنسيق مع مجلس الوزراء والجهات المسؤولة والتوسع في القطاعات الخاص والمؤسسات الدولية وشركاء التنمية في المبادرة.

– تكليف الأكاديمية الوطنية للتدريب بإعداد برامج تدريبية متخصصة للشباب لتطوير مهاراتهم لمواجهة التغيرات الناجمة عن جائحة كورونا والصراعات الحالية مع تطوير القدرات الشبابية في ريادة الأعمال والتكنولوجيا.

– تكليف إدارة منتدى الشباب بتفعيل منصة حوار تفاعلية لشباب العالم وشباب مصر لتبادل الرؤى والأفكار على أن يتم عرض نتائجها بشكل دوري على مختلف مؤسسات الدولة ورؤية استشرافية للدولة تجاه كافة القضايا والموضوعات ذات الاهتمام.

ربط أفكار وابتكارات الشباب بفرص العرض ومبادرات التمويل.

– ضرورة تشجيع وتعزيز مشاركة الشباب في صنع القرار والقيادة والأنشطة المجتمعية وتطوير دورهم القيادي في المجتمع، وإحداث تغيير جذري في مجال تمكين الشباب اقتصاديا من خلال إنشاء صندوق مالي لتمويل حملاتهم الانتخابية.

تهيئة الشباب قبل وصولهم لمواقع صنع القرار من خلال تكثيف الدورات والمحاضرات وجلسات العصف الذهني التي من شأنها صقل مهاراتهم وتدريبهم على آليات تمثيلهم لجيلهم ولمجتمعهم.

المراجع


[1] العلاقة بين تمكين الشباب كأحد استراتيجيات تنظيم المجتمع والحد من الهجرة غير الشرعية، مجلة دراسات في الخدمة الاجتماعية والعلوم الإنسانية، العدد 51، المجلد 2، يوليو 2020. ص 25.

[2] الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، https://www.capmas.gov.eg/ on 23/10/2018

[3] نص كلمة الرئيس “عبدالفتاح السيسي” رئيس الجمهورية باحتفالية اليوم العالمي للشباب، 9/1/2016.

[4] https://hrightsstudies.sis.gov.eg/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%82-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A9-%D8%

On 4/4/2022

[5] https://gate.ahram.org.eg/News/2805712.aspx on 25/3/2022

[6] الاستراتيجية الوطنية لحقوق الانسان 2012/2026، المحور الثالث الخاص بالشباب، ص 69، سبتمبر 2021.

 On 30/10/2021 https://manshurat.org/node/7399

[7] محمود سلامة، تمكين الشباب المصري مزاوجة بين الإصلاح والتنمية، المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، https://ecss.com.eg/17166/ on 6/4/2022.

[8] نص التعديلات الدستورية، الهيئة العامة للاستعلامات، https://www.sis.gov.eg/Story/188995/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%AF%D9%8A%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B3%D8%AA%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-2019?lang=ar on 25/3/2022.