كتبت – أسماء حمدي

على الرغم من أنها واحدة من أكثر البلدان كثافة سكانية في أفريقيا، تستضيف رواندا التي يبلغ عدد سكانها 13 مليون نسمة أكثر من 100 ألف لاجئ على أراضيها.

وقدمت الحكومة الرواندية، تسعة تعهدات خلال المنتدى العالمي للاجئين الذي انعقد في عام 2019، تغطي سبل العيش والتعليم والصحة والطاقة والبيئة والحماية، وقطعت أشواطًا ملحوظة في سبيل تحسين حياة هؤلاء اللاجئين وحياة المجتمعات المضيفة لهم.

من الظلام إلى النور

سعيًا منهم لتمكين اللاجئين في وقت يشهد مستويات قياسية من النزوح على مستوى العالم، قدمت الحكومة الرواندية بمساعدة مشروع الطاقة المتجددة للاجئين (RE4R)، إلى اللاجئين في 3 مخيمات بجنوب البلاد، تضم أكثر من 42000 شخص، عددًا من أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية ومواقد الطهي التي تعمل بالطاقة النظيفة وذلك لتقليل الأخطار التي يواجهونها هناك.

يقول اللاجئون: إن النتيجة كانت معجزة، وجعلت المخيمات أكثر أمانًا وعززت دراسة الأطفال والمشروعات الصغيرة، وعلى وجه الخصوص، لم تعد النساء والأطفال الذين اضطروا لجمع الحطب خارج المخيم يواجهون خطر الاغتصاب والضرب.

يقول المستشار الخاص المعني بالعمل المناخي لمفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين أندرو هاربر، الذي يدير المخيمات: «إن توفير الطاقة المستدامة للأشخاص الذين فقدوا كل شيء تقريبًا أمر بالغ الأهمية، ويعيد الناس من موقع عدم التمكين والتبعية إلى موقع يبدأون فيه في المساهمة مرة أخرى في المجتمع».

عبر إدسون سيبوتوزي مونياكارامبي، وهو لاجئ يعيش في مخيم كيجمي في جنوب رواندا عن سعادته بتشغيل أنظمة الطاقة الشمسية، قائلا: «لقد تحول المخيم من الظلام إلى النور، وقبل أن نتسلم مصابيح الشوارع التي تعمل بالطاقة الشمسية، كان المخيم مظلمًا».

 يقول مونياكارامبي، الذي يرأس اللجنة التي تمثل 16000 شخص في المخيم: «كان يأتي بعض الناس ويسرقون أشياء من المنازل، ولكن الآن لا يمكن لأحد أن يسرقنا ويمكن للأطفال الدراسة أو اللعب في الخارج أثناء انتظارهم لتناول العشاء».

يقول: “لا يمكننا أن ننسى أننا لاجئون، وأمنيتي هي العودة إلى بلدي، فلدينا قول مأثور: «إذا قمت بزيارة شخص ما، فعليك العودة قبل أن يتعب منك»، لكن علينا التأكد من وجود الأمن في الكونغو“.

«نشعر بالأمان»

تعيش أويمانا نيراكابوكاري، وهي أم عزباء لديها 5 أطفال، في مخيم نيابهيكي ولديها الآن نظام منزلي يعمل بالطاقة الشمسية، تقول: «قبل ذلك كنت أستخدم الشموع، وأحيانا لم أستطع شراء حتى شمعة، وذات مرة عندما ذهبت إلى المراحيض في الليل وقعت الشمعة واشتعلت النيران في المرتبة، كان أطفالي على وشك الموت».

لكن المصابيح الشمسية لم تقلل فقط من مخاطر الحريق على نيراكابوكاري، تقول: «يمكنني الدراسة أيضًا، أنا أتعلم القراءة والكتابة والتحدث باللغة الإنجليزية، وأكسب لقمة عيشي من خلال صنع حقائب محمولة لبيعها في الأسواق، ووجود ضوء في المنزل يعني أنني أستطيع العمل في المساء»، مضيفة: «لقد ساعدني المشروع حقًا على الهروب من الفقر».

مثل جميع اللاجئين تقريبًا في المخيمات الثلاثة، فرت نيراكابوكاري من العنف في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وكانت تعاني من ندوب ساقيها إثر إصابتها بالرصاص، وأدت الإصابات إلى إصابتها بإعاقة جسدية، وتساعدها مصابيح الشوارع الآن على التنقل بأمان في الطرق الوعرة في المخيمات الجبلية.

بالنسبة إلى إيسبيرانسي موكابيرا، وهي أحد سكان مخيم نيابهيكي، أصبح الراديو الذي بدأ يعمل مع دخول نظام الطاقة الشمية إلى منزلها هو مفتاح الحياة، تقول الأرملة البالغة من العمر 75 عامًا، «الآن، لا أشعر بالوحدة، كما أن أحفادي يأتون لزيارتي للاستماع إلى برامجهم المفضلة». 

تضيف موكابيرا: «قبل الطاقة الشمسية كان الأمر صعبًا، وكان المخيم مكانًا مظلمًا للغاية، الآن يمكننا الذهاب إلى المراحيض بسهولة، نشعر بالأمان ويمكننا التنقل في المخيم دون أي مشاكل».

حياة جديدة

لا ترتبط مخيمات اللاجئين عادة بالرفاهية، لكنها مهمة خاصة للأطفال الذين يمثلون نصف اللاجئين في المخيمات، وأعطت مصابيح الشوارع الشمسية حياة جديدة لملعب كرة السلة الوحيد في مخيم نيابهيكي.

وفي حديثه لصحيفة «الجارديان» البريطانية، يقول هيرتيير موغيشا، مدرب رياضي جاء إلى المخيم في عام 2007 وهو في السابعة من عمره: «يحب الأطفال ذلك الملعب، والآن أصبح مفتوحا في الوقت الذي نريده، فالرياضة هي أيضًا شكل من أشكال حماية الأطفال والشباب، وتبعدهم عن الكحول والمخاطر الأخرى».

بالإضافة إلى أنظمة الطاقة الشمسية، تم منح اللاجئين مواقد طهي تعمل بالطاقة النظيفة، وتزيل مخاطر جمع الحطب فضلاً عن إنتاج دخان أقل بكثير.

الطعام المفضل لأطفال أديلين أوموهوزا، الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و 8 سنوات، هو السباجيتي وتقول إن الموقد الجديد أحدث تغييرًا كبيرًا في حياتها في مخيم كيجيمي، تضيف: «يذهب أطفالنا لجمع الحطب خارج المخيم، لكنهم كانوا خائفين لأن السكان المحليين كانوا يضربونهم، كما يملأ الدخان والحرارة المنبعثة من النيران منزلنا، وبسبب الدخان لم يكن لدينا أي شهية لتناول الطعام الذي نطهوه».

أوموهوزا واللاجئون الآخرون يدفعون لشركات محلية مقابل أنظمة الطاقة الشمسية ومواقد الطهي على أقساط، تقول المدير القطري لمنظمة العمل العملي، وهي منظمة غير حكومية تنفذ مشروع RE4R، دينيس أوموبيي: «نعتقد أنها الطريقة الأكثر استدامة».

وترى دينيس أوموبيي، أنه أمر جيد للاجئين لأنهم عندما يشترون، يشعرون بنوع من الملكية والاعتماد على الذات والكرامة، كما أن العديد من اللاجئين يمكنهم الحصول على الأنظمة أكثر مما لو تم توفيرها مجانًا.

مخاوف

قدم مشروع (RE4R) 183مصباحًا للشوارع و4000 نظامًا للطاقة الشمسية المنزلية و5600 موقدًا للثلاث مخيمات حتى الآن، كما تم تركيب بعضها في القرى المجاورة، بالإضافة إلى توفير 70 فرصة عمل للاجئين.

يقول جوست عواس، من شركة إيكو جرين سوليوشنز ومقرها رواندا، إن إشراك المجتمعات المضيفة أمر مهم، كان بإمكان المجتمع المضيف أن يقول إن هؤلاء اللاجئين يستفيدون بينما نحن نتضور جوعًا، ولكن بعد حصولهم على نفس الخدمات بات الأمر كما لو أنهم يتشاركون.

ويؤكد عواس على الفوائد الأمنية للمواقد، قائلا: «كانت هناك حالات تعرضت فيها النساء لانتهاكات عندما خرجن من المخيمات لمجرد جمع الحطب في الغابة المجاورة، لذلك كانت المواقد فرصة للحفاظ على سلامتهن».

يتمثل أحد المخاوف بشأن تركيب الأجهزة الشمسية في أنها قد تجعل المخيمات أكثر ديمومة، يقول أوموبيي: «كانت بعض المنظمات مترددة في القيام بمثل هذه البنية التحتية، لكن بعض هؤلاء اللاجئين موجودون هنا منذ 20 عامًا، تخيل حرمان إنسان من هذه الحقوق الأساسية طوال تلك السنوات، يجب أن تستمر حياتهم، وعليهم أن يكبروا، وأن يتعلموا، وأن يعملوا».

وفي عدد من المخيمات حول العالم تم تركيب أنظمة للطاقة المتجددة، بما في ذلك مخيم الزعتري في الأردن للاجئين السوريين وفي كينيا للاجئين الإثيوبيين، لكن هناك أكثر من 26 مليون لاجئ في جميع أنحاء العالم، ومن بين أولئك الذين يعيشون في المخيمات، 90٪ ليس لديهم كهرباء و80٪ يعتمدون على الحطب في الطهي.