كتبت – شيماء حسن علي

باحثة دكتوراة – كلية الدراسات الأفريقية العليا – جامعة القاهرة

على الرغم من تقلدها مراتب متقدمة في إنتاج النفط بأفريقيا، فإن نيجيريا تعاني من ظاهرة “سرقة وتخزين النفط” و ما يطلق علية محليًا “التزود غير الشرعي بالوقود”، وهو ما تسبب في خسارتها حوالي 410 ملايين دولار خلال شهر مايو الماضي، وتتمتع “نيجيريا” باحتياطيات نفطية تقدر بحوالي 37 مليار برميل، بترتيب 15 عالميًا وبحصة إنتاج تصل إلى 1.6 مليون برميل يوميًا، وتشكل الترتيب العاشر عالميًا في مخزونات النفط والغاز الطبيعي وتساهم في إنتاج ما مجموعة 2.25% من الإنتاج العالمي، وهو ما جعل المحللين يعتقدون بأنها يمكن أن تلعب دورًا هامًا في تخفيض أسعار النفط العالمي، إذ سجلت أقصى طاقة إنتاجية وصلت في فترات سابقة إلى 2 مليون برميل يوميًا عام 2005، ولديها معدل استهلاك محلي منخفض يصل 770 ألف برميل يوميًا.

وقد تحولت “نيجيريا” لاستيراد المشتقات النفطية مثل البنزين والكيروسين والديزل، كما عانت لفترات طويلة من ارتفاع أسعار النفط المحلية، فضلا عن عدة أزمات واضطرابات على خلفية قرارات رفع الدعم عن الوقود، والواقع أن ظاهرة “تخزين النفط”، أو “سرقة النفط”، أو “التزود غير الشرعي بالوقود” في بلد تعتبر عملاق النفط الأفريقي تعاني من انتشار سرقة، قد عدها البعض سرقة منظمة، تشترك فيها جهات متعددة بدءًا من العاملين في تلك الشركات ومسؤولي الأمن والعناصر التي يقوم بالنشاط نفسه، والأفراد التي تقوم بتعبئة النفط المسروق وتكريره محليًا، ثم تعبئته في ناقلات وبيعه سواء في السوق المحلي أو تصديره خارج البلاد أو بيعه في الجوار النيجيري، وهو ما جعل بعض الدراسات تشير إلى أن النفط يتم سرقته على مستوى صناعي ومؤسسي.

سيناقش هذا التقرير أسباب ظاهرة سرقة وتخزين النفط، وأنواعها المختلفة وتداعيتها على الاقتصاد والمجتمع النيجيري .

أولًا: أسباب التزود غير الشرعي بالوقود

فعليًا، تتركز مناطق إنتاج النفط في منطقة دلتا النيجر وفي ولايات الجنوب الشرقي، وتعد هذه المنطقة موطنًا لمجموعات عرقية متنوعة يمكن أن تصل إلى 140 مجموعة عرقية منتشرة في الولايات التسع للمنطقة إلا أن النفط يتركز في مناطق مجموعات الإيجوني والإيجاو والإيكستيري وغيرها من المجموعات الأخرى الأصغر، وهي المجموعات التي عانت لفترات طويلة سواء من اضطهاد المجموعات الاثنية في الجنوب الشرقي الكبرى مثل الإيجبو أو اليوربا، أو من التهميش السياسي من جانب الشمال ومجموعات الهاوسا على المستوى الفيدرالي.[1]

خريطة (1) نيجيريا وولايات دلتا النيجر النفطية

وتعود ظاهرة “سرقة النفط في نيجيريا” إلى عدة أسباب منها ما هو متعلق بفشل الدولة نفسها في أداء وظائفها ونظام الفيدرالية المالية وطريقة توزيع الموارد المالية، وما هو مرتبط بقضايا تخص المجتمعات المحلية بالتهميش متعدد الأبعاد ضد مجتمعات الأقليات الاثنية الموجودة في منطقة دلتا النيجر، ومنها ما هو متعلق بطبيعة الاقتصاد النيجيري الريعي، ما هو متعلق طبيعة بالمسؤولية الاجتماعية والاقتصادية للشركات المسؤولة عن التنقيب عن النفط، وذلك على النحو التالي:

  • الصراع حول اقتسام الموارد الفيدرالية

على الرغم من أن منطقة دلتا النيجر تنتج حوالي 90% من إنتاج النفط النيجيري ويساهم القطاع النفطي بنسبة 89% من حصة الصادرات النيجيرية، فإن هذه المنطقة ومجتمعاتها المحلية سواء من المجموعات الاثنية المنتشرة هناك الإيجاو أو الأوجوني تعاني من التهميش السياسي والاقتصادي، إذ يمكن ملاحظة تردي الأوضاع الاقتصادية وانتشار الفقر وضعف البنية التحتية أو انعدامها، أو فساد الحكام المحللين، والواقع أن مطالب المجموعات المحلية قد دارت حول 3 مطالب أساسية، السيطرة على الموارد الاقتصادية، تحقيق حكم ذاتي في إطار الاتحاد النيجيري، وتحقيق عدالة بيئية، وهي المطالب التي قد رفعها زعماء حركات الدفاع عن حقوق أقليات الإيجوني أو الإيجاو، الواقع أيضًا، أن إجمالي المخصصات التي يتم الحصول عليها لهذه المناطق قد تقلصت على مرور الزمن، فنجد أن المخصصات المالية التي كانت تتمتع بها تلك المنطقة منذ اكتشاف النفط وخلال إعلان الجمهورية الأولى بعد الاستقلال كانت 50%، ومن ثم تقلصت تلك النسبة ووصلت إلى 13% بالإضافة 10% من إجمالي المخصصات الفيدرالية، أي إنها تقلصت من 50% إلى 23%، وقد تم إضافة 3% يتم تخصيصها لصناديق الائتمانية لمساعدة المجتمعات المحلية المضيفة تدفعها شركات النفط خلال فترة حكم “محمد بخاري”، وبالطبع ينظر أعضاء المجتمع المحلي إلى تلك النسبة بأنها ضئيلة ولا تلبي احتياجاتهم الأساسية أو تساهم في القضاء على مشاكل الفقر والبطالة والأمية، أو حتى توفير سبل العيش التي تتضمن فرص الحياة الكريمة. أضف إلى ذلك مطالبة الأقليات بممارسة فيدرالية حقيقية ضمن إطار الاتحاد النيجيري وهو ما يعني منح سلطات سياسية وتشريعية وتنفيذية حقيقية تكون مسؤولة عن صياغة السياسات وتنفيذها، ولقد كانت تلك هي مطالب المجمعات المختلفة منذ بداية نضالها للحصول على حقوقها.[2]

جدول (1) نسبة تخصيص عوائد النفط منذ الخمسينيات وحتى إعلان الجمهورية الرابعة

يتضح من الجدول السابق، مقدار انخفاض المخصصات المالية من عوائد النفط النيجيري لنصيب الولايات التي يتم منها استخراج النفط نفسه في مقابل استئثار الحكومة الفيدرالية بالنصيب الأكبر من هذه المخصصات، ففي البداية كانت العائدات تُخصص كلها للمجتمعات المحلية، وبعد إعلان الجمهورية الأولى تم تُقسم هذه العائدات بين المجتمعات المحلية والحكومة الفيدرالية 50% لكليهما، مع التدخل العسكري في السبعينيات تم اقتطاع الجزء الأكبر من موارد النفط لحساب الحكومة الفيدرالية بنسبة 80% وهي الفترة التي تم فيها تأميم القطاع النفطي مع الحاجة لانضمام نيجيريا لتجمع منظمة الأوبك في السبعينيات، خلال العودة للحكم المدني وإعلان الجمهورية الثانية تم تخصيص العائدات كلها بنسبة 100% للحكومة الفيدرالية، وخلال عقد الثمانينيات وبعد الانقلاب العسكري ولمدة 10 سنوات تم تخصيص 1.5 % من العائدات لحكومة الولايات المحلية مقابل منح 98% للحكومة المركزية، وقد تم زيادة تلك النسبة 3% بداية التسعينيات، وعند إعلان الجمهورية الرابعة وتولي الرئيس “أوباسانجو” السلطة فقد تم زيادة نسبة المخصصات للحكومات الولايات لنسبة تصل ل13%، بينما تستأثر الحكومة الفيدرالية بنسبة 87% من هذه المخصصات .[3]

  • الاقتصاد النيجيري وطبيعته الريعية

يعود جزء من إشكالية منطقة دلتا النيجر وقيام حركات مسلحة باستمرار فيها إلى طبيعة وهيكل الاقتصاد النيجيري، والمعتمد أساسًا على تصدير النفط المستخرج من أراضيهم، وتعاني غالبية الدول الريعية من إشكاليات هيكلية في اقتصادها، خاصة وأنها تعتمد في تحقيق الإيرادات ودخلها الكلي على العملة الأجنبية ومن الخارج، أي إن جوهر اهتمامها يكون لتلبية مطالب الشركات متعددة الجنسيات التي تحاول التنقيب واستخراج النفط، وفي سعيها لإبرام تلك الاتفاقيات المسؤولة عن توليد الإيرادات، فإنها تعمل على إهمال المجتمعات المحلية، بل إن صانع ومتخذ القرار يهمل القطاعات الأساسية في الاقتصاد مثل تطوير القطاع الزراعي وإهمال القطاع الصناعي، وهو ما يؤثر في مستوى دخل الفرد، وعلى أية حال تحاول السلطات الفيدرالية والشركات النفطية متعددة الجنسيات استغلال موارد تلك المناطق وبغض النظر عن التكلفة التي يتكبدها أعضاء المجتمع المحلي.[4]

شكل (1) مقدار مساهمة قطاع النفط في الناتج المحلي الإجمالي النيجيري

إن اعتماد الحكومة الفيدرالية على دخلها من الخارج، يجعلها تهمل مصلحة المجتمع الداخلي فلا هي تسعى لتحقيق خطط للتنمية أو التصنيع، ولا تكترث بهموم المواطن وتعليمه وصحته، ولا حتى برضاه عن أداء ممثليها، ولا تكترث بالانتخابات، بل إن عائدات واردات النفط إن لم تُصرف على مظاهر البزخ والترف لأعضاء النخبة المستفيدين فإنه يتم تخصيص الجزء الأكبر منها على أنظمة التسليح والمخصصات العسكرية والأمنية لقمع أي مظاهر للاحتجاجات أو الاضطرابات على تلك السياسات، غالبًا يكون هذا النمط منتشرًا في النظم السلطوية أو حتى الدول التي تمارس ديمقراطية تمثيلية غير حقيقية، وبالتالي يصبح أبرز نتائج ذلك هو انخفاض مستويات التنمية وانتشار البطالة وتخلف قطاعات الاقتصاد الأخرى .[5]

  • ثنائية جرائم الدولة والشركات متعددة الجنسيات.

يُقصد بثنائية جرائم الدولة والشركات متعددة الجنسيات، هي الجرائم الت يمكن أن تحدث بسبب تحالف الدولة المضيفة لاستثمارات الشركات متعددة الجنسيات، وهنا يتم التركيز على سلوك الدولة في التعامل مع  التهديدات التي تواجه شركات التنقيب عن النفط، فيمكن أن يشمل ذلك تحريض الشركات مسؤولي الحكومة على قمع التهديدات أو التظاهرات أو الاحتجاجات المتوقعة، وهو ما ينتج عنه بالنهاية قتل واعتقال وتشريد للأعضاء المجتمع المحلي الرافضين لنشاط الشركة وتضررهم من عملها، يحاجج هذا التحليل بأن تحالف الدولة والشركة يدفع الأولى لتذليل العقبات للأخيرة وبأي ثمن، لاستئناف النشاط وتوليد الأرباح .[6]

وعادة ما تقوم الشركات في سبيل المحافظة على عملها وإجبار الدولة لارتكاب جرائم ضد المحللين إما بمخاطبة الولاء الوطني الأعلى وإما بالضغط على نغمة الحرمان من الموارد الاقتصادية للدولة، ويتضح ذلك بشكل كبير في الحالة النيجيرية والتي تعاني أساسًا من إشكاليات متعلقة بأزمات الاندماج الوطني أو الأزمات الاقتصادية وفقا لدراسات متعددة أكدت أن الشركات النفطية لا تهتم بتحقيق مفهوم العدالة البيئية، أو حتى تسعى لتحقيق مسؤوليتها الاجتماعية، بل إن بعض الدراسات أثبتت أنه يمكن أن ترشي مجموعة من الشباب الغاضبين عبر دفع الرشاوى لهم لضمان بقائهم صامتين أو حتى تحييدهم لعدم تهديد عملها في تلك المناطق، أو عدم سعيها لتحمل مسؤوليتها البيئية التي جاءت على حساب سبل عيش المجتمعات المحلية التي تعتمد على الصيد أو الزراعة وهي التي قد تأثرت بالفعل بفضل مشروعات التنقيب عن النفط.[7]

أضف إلى ذلك سلوك الشركات نفسها ونهجها في تحريض الحكومة الفيدرالية على التعامل مع أي احتجاجات أو تظاهرات للسكان المحللين والتي غالبًا ما تكون سلمية في البداية، إذ أثبتت بعض الدراسات عن نهج شركة مثل “شل” بتحريض الحكومة الفيدرالية لقمع الاحتجاجات السلمية لشعب الإيجوني، وقتل زعيمهم “كين ” خلال فترة حكم العسكري للجنرال “ساني أباتشي”، فضلا عن تخلف الشركة نفسها “شل” عن دفع تعويضات للضحايا خلال فترات عملها، وبعد عدة سنوات ظهرت بعض الوثائق التي أدانت شركة النفط العاملة في هذه المنطقة “شل” وأثبتت مراسلات الشركة بأنها ناشدت سياسيين ورجال جيش لضرورة التعامل مع الاحتجاجات والمظاهرات .[8]

  • فساد النخب السياسية وانتشار ظاهرة البلطجة السياسية

وعلى الرغم من أن هذه المناطق أو الولايات تعتمد على مواردها الاقتصادية من الاتحاد النيجيري فيمكن ملاحظة نسب الفساد العالية الموجودة في النخب المحلية التي تحاول أن تستأثر بهذه الأموال ومن ثم يمكن أن ترى مظاهر الثراء على الحكام المحللين ومؤيديهم، أو شراء ذمم بعض المجموعات المسلحة والتي يمكن أن تعمل بمهام “القاتل بالأجر”، ومضمون هذه الظاهرة هو تعهد أحد الحكام المحللين باجتذاب المجموعات المسلحة لاستخدامهم في تهديد المعارضين أو تخويف المجتمعات المحلية للتصويت لهم في الانتخابات، وبعد انقضاء هذه المهمة من المرجح أن تنقلب هذه المجموعة على داعمها السابق [9]، وبالفعل هو ما حدث مع “أساري” أمير الحرب في منطقة الإيجاو والحاكم المحلي حينذاك. أضف إلى ذلك تورط مسؤولين بالجيش النيجيري في أعمال “سرقة النفط”، بل إن هناك اتهامات لشخصيات قيادية بالجيش بأنها متورطة في حماية أعمال سرقة النفط وبالأعمال الإجرامية الأخرى، وفي خطوة لتأكيد هذا الاتجاه، فقد اتهم “أساري داكاو” شخصيات في البحرية والجيش النيجيري مسؤولة عن أعمال سرقة النفط.[10]

  •  زيادة نسبة الفقر وارتفاع معدلات البطالة.

وفقًا لساعة الفقر العالمي فإن نيجيريا تعتبر الأولى عالمية في معدل الفقر بعدد سكان يصل إلى 70 مليون مواطن تحت خط الفقر ويمثلون 33% من إجمالي عدد السكان، تحت خط الفقر. نسبة الفقر في نيجيريا تبلغ حوالي 40%[11]، وعادة ما يصاحب نسب الفقر العالية ارتفاع في معدلات البطالة يساهم ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب وضعف تقديم الخدمات الأساسية للمجتمعات المحلية البعيدة والنائية عن سيطرة الحكومة ونفوذها عامل أساسي في قيام أعضاء هذا المجتمع المحلي في البحث عن سبل عيشه، حتى لو كان هذا عن طريق غير شرعي، وفعليًا فقد تسببت أنشطة التنقيب واستخراج النفط بتضرر البيئة وسواء الأراضي الزراعية أو تلوث الأنهار والبحار أو تلوث الهواء وهي نسب التلوث التي أثرت في صحة المجتمعات المضيفة، ومعدلات أعمارهم هذا فضلا عن انتشار الأمراض المتعلقة بالجهاز التنفسي والهضمي .[12]

ثانيًا: طبيعة وأنواع سرقة النفط والتزود غير الشرعي بالوقود

تتعدد طرق التزود غير الشرعي بالوقود في نيجيريا فهناك 3 أنواع (لسرقة النفط) على النحو التالي: [13]

(ا) النوع الأول التزود المحلي بالوقود: ويتم فيه سرقة المنتجات النفطية المخصصة للسوق المحلية، حيث يتم معالجة النفط المسروق للاستخدام المحلي وبواسطة السكان المحللين وفي الواقع يتسبب هذا في حدوث انفجارات عديدة، حدوث كوارث نفطية وتلويث للبحر والتربة والهواء نتيجة للتسرب او الانفجارات.

(ب)النوع الثاني سرقة النفط من خط الأنابيب نفسه: هو الاستيلاء على رأس البئر نفسه أو ثقبه وعبر الخراطيم يتم تعبئته على قوارب صغيرة، ومن ثم تحميله على السفن الكبيرة، وعادة ما تبلغ سعة تخزين النفط في تلك الناقلات من 30000 إلى 500000 برميل من النفط الخام، وبعد ذلك يتم توجيه النفط إما إلى الأسواق لبيعه أو إلى مصافي التكرير في الجوار النيجيري، ويعتبر هذا النوع ذا الأهمية بالنسبة لسرقة النفط، إذ إن العائد ربما يكون في شكل أموال أو أسلحة أو مخدرات.

شكل (2) أنواع سرقة النفط النيجيري.

(ج) النوع الثالث تزوير أمور الشحن الرسمية، ومتعلق بتزوير أمور نقل وشحن النفط ومن خلالها يتم رفع كميات زائدة من النفط الخام بما يتجاوز الكمية المرخص بها وغالبا ما يتورط في هذا النوع من السرقة موظفي شركة النفط والشركة الحكومية للنفط وشركة البترول الوطنية بالإضافة لكبار المسؤولين الحكوميين الذين يمنحون عقود نقل النفط.

وتذهب بعض الأدبيات والتقارير الخاصة بالبحث في أسباب ظاهرة سرقة النفط وتخزينه إلى تصنيف المتورطين في هذه الظاهرة إلى 3 مستويات (محلي، وطني، دولي)، الأول مسؤوليته تقع على عاتق شباب حركة تحرير دلتا النيجر وشباب العاطلين عن العمل والفقراء، وقادة المجتمع المحلي، ومع الانتقال الى المستويات الأعلى يمكن ملاحظة تورط العاملين في شركة النفط الوطنية وبعض أعضاء الجيش، والمتقاعدين العسكريين وكبار السياسيين، وعلى المستوى الدولي يمكن الحديث عن الدول المعنية والتي تستفيد من فتح أسواق لتجارة النفط المسروق وخاصة الجوار النيجيري مثل (ساوتومي ليبيريا السنغال كوت ديفوار غامبيا) فضلا عن تورط بعض الشخصيات ورؤوس الأموال من شركاء مغاربة وفنزويليين لبنانيين وهولنديين وروسين وفرنسيين.[14]

ويمكن اعتبار حادثة سرقة وتهريب النفط الخام من منصة “فوركادوس عام 2013″Forcados crude oil export من أعلى الحوادث الفنية التي شهدتها نيجيريا خاصة وأنها جاءت في وقت كانت تعاني فيه نيجيريا من حملات تمرد واسعة في الشمال الشرقي، وانشغلت قواتها المسلحة بمواجهة إرهاب تنظيم “بوكو حرام”، وعلى أية حال، تتطلب القيام بسرقة خط الأنابيب البحري مهارة فنية لثقب وإعادة لحام خط الأنابيب بعد انتهاء السرقة*، وهو ما وجه الأنظار إلى إمكانية مشاركة بعض العاملين في شركات النفط نفسها وتواطؤ القوات الأمنية لتوفير الحماية لهؤلاء اللصوص، وتوفير وسائل نقل وشاحنات لنقل النفط المسروق، وتشغيل مصافي نفط محلية للتكرير ثم إعادة بيعة في السوق السوداء أو تهريبه لدول الجوار النيجيري في بنين وكوت ديفوار وغانا والكاميرون، أو نقله عبر ناقلات النفط التي تتجه به للأسواق العالمية .[15]

ثالثًا: تداعيات مؤكدة

  • زيادة النزعات الانفصالية، وانتشار الحركات المسلحة

 شكل التنافس الاثني والعرقي الموجود أساسًا ببنية النظام الاجتماعي النيجيري البيئة لنمو النزعات الانفصالية وانتشار الحركات المسلحة، وقد تعقد الأمر بشكل كبير مع بداية ظهور النفط واكتشافه والبدء في تصديره، خاصة مع استحواذ الحكومة الفيدرالية على النصيب الأكبر من عائدات النفط وإهمال تحقيق أي تنمية أو توزيع عادل لتلك المخصصات مع حكومات الولايات والمجتمعات المحلية، والنتيجة النهائية لهذا الوضع هو ظهور الحركات الانفصالية، والتي قد حملت أسماء تُظهر الانتماء الاثني، مثل تأسيس حركة الدفاع عن شعب الإيجوني 1990، أو مجلس شباب الإيجاو، وهي الحركات التي طالما نادت بحقها في تحقيق الحصول على حكم ذاتي، أو الانفصال عن الاتحاد النيجيري، حينما يتم قمع احتجاجاتهم أو معاقبتهم من قبل السلطات الفيدرالية بتنفيذ عمليات عسكرية ضدهم أو اعتقال زعمائهم وإعدامهم مثل ما حدث مع “كين ساروا” زعيم حركة شباب شعب الإيجوني الذي تم اعتقاله وإعدامه على خلفية تظاهرات نظمها ضد شركات النفط والحكومة الفيدرالية.[16] وتُعتبر (حركة تحرير دلتا النيجير MEND ) من أبرز الحركات المسلحة بقيادة “أساري داكوبو” التي نشأت في منطقة دلتا النيجر وحاولت أن تقود تمردًا ضد الدولة واستطاعت أن تقوم بتفجير خطوط أنابيب النفط، وإغلاق المصافي وسرقة النفط وتهريبه أيضا.[17]

  • ظاهرة العنف النفطي وانتشار الأسلحة الصغيرة والخفيفة

ويمكن الإشارة الى دور نشاط “سرقة النفط” في تمويل الصراع المندلع بين الدولة النيجيرية والحركات الانفصالية أو المسلحة، إذ تعود عائدات النفط المسروق إلى شراء الأسلحة لمواصلة القتال ضد القوات العسكرية والأمنية، وهو ما أطلق علية ظاهرة “زيت الدم، أو نفط الدم” ( oil blood)، ومما يزيد الأمر تعقيدًا هو انتشار الأسلحة الصغيرة والخفيفة والتي بدورها تساعد على استدامة الصراع مع الدولة وكسر احتكارها للقوة من قبل مجموعات الاثنية والعرقية المختلفة والتي من وجهة نظرها تدافع عن حقها بالقوة والعنف، إذ وفقًا لبعض الأدبيات فإن ظاهرة العنف النفطي وانتشار الأسلحة الصغيرة والخفيفة هو نتيجة حتمية لفشل العقد الاجتماعي بين الدولة والمجتمع.[18]

  • التأثير على حصة إنتاجية نيجيريا من إنتاج النفط

فعليًا فقد تأثر إنتاج نيجيريا خلال 6 اشهر فقط من عام 1993 إلى حوالي 8.988.669، انسحاب الشركات وإيقاف العمل، نتيجة للاحتجاجات ورفض المجتمع المحلي استمرار العمل والتنقيب عن النفط، ويمكن أن يتضمن ذلك ممارسات اختطاف العمال، وأخذ الرهائن، القتل، أعمال السطو والسرقة لأصول الشركات، فقد خسرت نيجيريا في عام 2019 حوالي 2.78 مليار دولار جراء سرقة النفط [19]، وخلال عام 2021 قُدرت خسائر نيجيريا بأكثر من 13 مليون دولار يوميًا، أي أكثر من 4.8 مليار دولار سنويًا. [20] ووفقًا لمبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية النيجيرية، وهي منظمة تعزز المساءلة في إدارة عائدات النفط والغاز والتعدين في البلاد، فقدت نيجيريا حوالي 620 مليون برميل من النفط الخام – بقيمة 46 مليار دولار (42 مليار يورو) – بين عامي 2009 و 2020 وحدهما.[21] ويوضح الشكل البياني التالي، مستويات إنتاج نيجيريا من النفط الخام خلال الفترة من 2016- 2022.

شكل (3) إنتاج النفط في نيجيريا 2016-2022

من الشكل السابق يمكن ملاحظة انخفاض إنتاج النفط في نيجيريا منذ جائحة كورونا، والتي تسببت في انخفاض إنتاجها من 2 مليون برميل عام 2016، إلى 1.5 مليون برميل في الربع الأول من عام 2022، وإلى 1.2مليون برميل في الربع الرابع من نفس العام، وذلك بفضل حوادث ونشاط سرقة النفط الخام أو “ظاهرة تخزين الوقود”، وقد استمر هذا الانخفاض خلال نصف الربع الأول من عام 2024 ليصل إلى 1.345 مليون برميل يوميًا، وهو انخفاض يعد كبير مقارنة بما وصل له إنتاج نيجيريا في أعلى مستوياته ليصل الى 2.4 مليون برميل يوميا في سنوات سابقةً.[22]

  • ارتفاع أسعار النفط عالميًا والتأثير على سلاسل التوريد

تؤثر أعمال المقاومة من جانب أفراد المجتمع المحلي ونشاط الحركات المسلحة واللصوصية على نشاط شركات التنقيب وإنتاج النفط وهو ما يعني انخفاض الإنتاج – إما بتعطل العمل، أو تسرب النفط نفسه – والتأثير على عمليات التصدير، وبالتالي التأثير على أسعار النفط – داخليًا وخارجيًا- وبما يعني زيادة التكلفة للدول المستوردة والتي غالبًا هي الدول الصناعية الكبرى مثل الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وقد يمثل هذا ميزة للدول المصدرة فإنه البلاد التي تنتشر بها هذه الظاهرة لا تستطيع جني هذه الثمار، أما الأثر الأكبر وهو تحول نيجيريا الموسومة بعملاق النفط في أفريقيا إلى دولة تستورد الوقود، لتلبية الاحتياجات الداخلية، وخاصة بعد إغلاق مصافي النفط المحلية أو انسحاب استثمارات الشركات متعددة الجنسيات في القطاع النفطي، يوضح الشكل البياني التالي مقدار ارتفاع أسعار النفط في نيجيريا في الفترة من 2019 إلى 2024.

شكل (4) ارتفاع أسعار النفط في نيجيريا

يتضح من الشكل السابق مقدار الارتفاع في أسعار النفط في نيجيريا والذي وصل في بداية العام الحالي إلى 668.3 نيرة للبرميل بعد أن كان قد سجل في نهاية عام 2023 ما مقداره 257 نيرة للبرميل.[23] ويرجع هذا التفاوت في الأسعار وفي وقت قصير على خلفية قيام الرئيس الجديد “بولا تينمبو” باستصدار قرار رفع الدعم عن الوقود في أغسطس 2023 في محاولة منه لزيادة إيرادات للدولة وكخطوة لمواجهة السوق السوداء ومواجهة أعمال سرقة النفط.[24]

  • زيادة أنشطة الجريمة المنظمة وانتشار مظاهر التدمير البيئي

بطبيعة الحال يصاحب أعمال سرقة النفط، والتزود غير القانوني بالوقود وهي الظاهرة التي يقوم بها أفراد المجتمع المحلي بالسرقة لسد حاجاتهم من الوقود، أو حتى امتهانها كحرفة يعمل من خلالها، وذلك نظرًا لغياب الأنشطة الاقتصادية القانونية، وتدمير سبل العيش البدائية لتلك المناطق، ويصاحب هذه الظاهرة أيضا انتشار السوق السوداء لتجارة السلاح والمخدرات والتعدين غير القانوني وكل نشاط غير مشروع في تلك المنطقة، أضف إلى ذلك انهيار النظام البيئي زيادة التلوث وتدمير التربة، وتضرر الشواطئ والأشجار والنباتات والأسماك ما أدى لتدمير الزراعة وسبل العيش الأخرى، وما يزيد الأمر تعقيدًا عدم قدرة ورغبة الدولة في حماية مواطنيها من التأثيرات البيئية السلبية، ما يزيد من معاناة المجتمعات المحلية وتدهور الحالة الصحية والنفسية وانتشار أمراض الجهاز التنفسي والربو وغيرها من الأمراض المنتشرة في تلك المناطق ووفقا لأحد التقارير الإعلامية التي أعدتها قناة “فرنس 24” فإن معدل الوفيات يصل إلى 47 عامًا . [25]

رابعًا: سبل المواجهة

وفقًا لعدة أدبيات قد راجعت الجهود المبذولة لمواجهة ظاهرة “سرقة النفط” أو “تخزين الوقود” فقد اعتبرها البعض جهود غير كافية بداية سواء تلك التي قامت بها شركات النفط نفسها أو التدابير التي اتخذتها الدولة لمواجهة هذه الظاهرة أو حتى دور الشركاء الدوليين وأصحاب المصلحة، ويمكن تقسيم تلك الجهود على النحو التالي:

  • جهود شركات النفط لمواجهة ظاهرة سرقة النفط: عملت بعض الشركات النفطية على تجهيز معظم آبار النفط بأجهزة تسمى صمامات الأمان تحت السطح التي يتم التحكم فيها Surface Controlled Subsurface Safety Valves – والتي يجب أن تنطلق وتغلق البئر عندما يتم سرقة النفط، ويتم تركيب تلك الصمامات Valves على خط التدفق بالقرب من رأس البئر – ويجب أن ينطلق أيضًا عندما يتم تخريب خط التدفق، وتعمل هذه الصمامات على منع التلوث وسرقة النفط الخام.[26]

وعلى الرغم من ذلك، فقد اكتسب سارقو النفط أو القائمين على ظاهرة تخزين النفط مهارات للتعامل مع صمامات الأمان والتحكم في تشغيلها أو غلقها، ويمكن اعتبار أن هذه الخطوة ليست بالكافية فبحسب بعض التقارير هناك عدة تدابير أخرى يمكن تنفيذها منها على سبيل المثال أخذ البصمة النفطية للتمييز بين النفط المسروق والنفط الشرعي المكرر.[27]

  • الجهود الوطنية المبذولة لمواجهة سرقة وتخزين النفط: مضت الحكومات النيجيرية المنتخبة في عدة محاولات للسيطرة على تجارة وسرقة النفط، واتخذت هذه المحاولات أشكالًا عديدة بداية من محاولات إغلاق الأسواق غير الشرعية في الجوار النيجيري، وفتح حوار مع أعضاء المجتمع المحلي المضي في محاولة السيطرة على هذه الظاهرة، مرورًا بنشر قوات عسكرية في المنطقة لإحكام السيطرة وأخيرا محاولات إدارة “تينمبو” إلغاء دعم الوقود وذلك على النحو التالي:
  • محاولات إغلاق تجارة أسواق النفط غير الشرعي: قامت حكومة “أوبا سانجو” خلال الفترة الرئاسية الثانية 2003-2007 إيجاد حل لهذه الظاهرة بداية مع فتح حوار مع الدول التي ترحب بدخول شحنات النفط المسروقة وربما تكريره لديها وبيعها مثل كوت ديفوار، وبالفعل كان هناك بعض النتائج إلا أن هذه التوجه لم يستمر، وبفضل التمرد وأعمال العنف والهجمات التي شنتها “حركة تحرير دلتا النيجر” مثل تأسيسها عام 2006 والتي فعليًا قد أثرت على ارتفاع أسعار النفط، وهو ما دفع “أوباسانجو” للمضي قدمًا بفتح حوار مع زعيمها “أساري” والمضي قدمًا في برنامج العفو عن مسلحيها مقابل تسليم سلاحها والتزامها بعدم الاعتداء وتخريب خطوط الإنتاج، كما تم منح أعضاء هذه الجماعة بعض الامتيازات السياسية والاقتصادية لاكتساب ولائها، وفعليًا فقد لوحظ انخفاض في نشاط ظاهرة سرقة النفط وتخزينه غير الشرعي خلال تلك الفترة، إلا أن الوضع أشبه بأننا ندور داخل حلقة مفرغة حيث عادت تلك الجماعة إلى نشاطها مرة أخرى، وأضف إلى ذلك تقديم إدارة “ابوسانجو” لمبادرة الشفافية للصناعات الاستخراجية لإلزام شركات النفط بمقدار ما تدفعه للحكومات، وخلال إدارة الرئيس “ياوردا – جوناثان” لم تقدم على خطوات فاعله لدعم المبادرة. [28]
  • نشر قوات أمنية وعسكرية للسيطرة على تجارة النفط المسروق: وهو النهج الذي اتبعته النظم العسكرية خلال حقبتي الثمانينيات والتسعينيات، والتي قد ثبت بعد ذلك عدم جدواها وربما ضلوع أفرادها في نشاط سرقة النفط وتخزينه، وعلى أية حال، خلال فترة رئاسة “محمد بخاري 2015-2022″، فقد اتخذت إدارته خطوات ناجعة لمواجهة نشاط سرقة النفط وذلك عبر التخلص من رؤوس الفساد في قطاع البحرية النيجيرية، بداية من تغيير القيادة للبحرية النيجيرية، حيث تم تعيين رئيس أركان البحرية “إيبوك إيكوي إيباس”، وقد قاد جهود تعطيل التنسيق بين أفراد البحرية الفاسدين والشبكات الإجرامية. ونتيجة لهذا، بدأ المتورطون في عمليات السرقة والخطف والنهب ممارسة نشاط اختطاف النفط في المياه الدولية، أو على الأقل غير النيجيرية.[29]
  • فرض رقابة بحرية: وذلك عبر اتخاذ إجراءات قانونية تفيد بأن تطلب الحكومة خطابات طمأنة من الشركات أصحاب السفن تفيد بعدم تورط سفنهم في التجارة غير المشروعة للنفط المسروق، إلا أن هذا الإجراء قد قوبل برفض شديد من أصحاب السفن، لأنه يسمح للحكومة النيجيرية بأن توجه الاتهامات إليهم، وأما بسبب التورط الفعلي لتلك السفن في هذه التجارة وبالتالي التعرض للمسألة.[30]
  • تفعيل مبادئ المبادرة النيجيرية للإفصاح للصناعات الاستخراجية: حاولت إدارة “محمد بخاري” إقرار وتنفيذ معايير الشفافية والإفصاح للمبادرة النيجيرية للصناعات الاستخراجية، واعتماد بيانات التعاقد المفتوح، وإنشاء سجل مركزي للكيانات الأجنبية المشاركة في الصناعات والعقارات النيجيرية، فضلا عن عقد المحاكمات للأشخاص الفاسدين المساهمين في تنظيم جرائم سرقة وتخزين النفط، وعلى الرغم من تلك الجهود إلا أنه يبدو أن مصالح الطبقة السياسية المستفيدة قد أخلت بتلك الجهود.[31]
  • إلغاء الدعم عن الوقود: تحاول إدارة “بولا تينمبو” في سعيها لمواجهة سرقة النفط رفع الدعم عن الوقود ومن ثم رفع أسعار المواد الهيدروكربونية في إحدى محاولاتها لقطع الطريق أمام الأسواق السوداء، وقد سبب هذا القرار موجة من الاحتجاجات والتظاهرات في نيجيريا. [32]
  • الجهود الدولية لمواجهة ظاهرة تخزين وسرقة النفط:

حاول المجتمع الدولي تقديم الدعم والمساعدة لنيجيريا لمساعدتها في مواجه ظاهرة “سرقة النفط وتخزينه غير الشرعي”، عبر تقديم الدعم وتوفير أجهزة المراقبة والرادارات الساحلية وبعض القوارب والقاذفات والتدريب العسكري لأفراد البحرية النيجيرية لإحباط عمليات التهريب في الناقلات غير المشروعة، ومراقبة السواحل، وقد كانت أبرز الدول التي قدمت هذا الدعم بريطانيا والولايات المتحدة [33]، ومن جهة أخرى عبر المساعدة بتوفير الدعم المعلوماتي والاستخباراتي خلال عمليات الهجوم على الناقلات النفط المسروق، وهو ما اتضح من خلال قضية السفينة إم/تي ماكسيموس M/T Maximus فبراير 2016، إذ اختطف مواطنون نيجيريون السفينة التي كانت محملة بـ 4700 طن من الديزل، قبالة سواحل كوت ديفوار، لكن قوات بحرية غانا وتوغو وبنين ونيجيريا، جنبًا إلى جنب مع الولايات المتحدة وفرنسا، تمكنت من تعقب السفينة إلى مياه ساو تومي وبرنسيبي واعتراضها في النهاية، حتى بعد أن أفرغت جزءًا من وقودها عبر نقله من سفينة إلى أخرى، وبمساعدة حكومة ساو تومي، قامت قوات خاصة تابعة للبحرية النيجيرية بعملية صعود معاكسة على متن السفينة وتم استعادة الشحنة.[34]

خامسًا: الخاتمة

إجمالًا، فإن ظاهرة “تخزين الوقود” أو سرقته أو “التزود غير الشرعي بالوقود” يمكن اعتبارها ضمن أنشطة الجريمة المنظمة، والتي يتم إدارتها من أطراف محلية وحكومية فاسدة وخارجية أيضا، وعلى الرغم من محاولات الدولة النيجيرية مواجهتها، فإنها لا تزال بحاجة لمزيد من الإجراءات والسياسات التي تتعامل مع أصل الإشكالية بداية من معالجة مشاكل التنمية للمجتمعات المنتجة وبما يعني تحقيق عدالة في توزيع الموارد الفيدرالية الخاصة بعوائد النفط، تحسين تقديم خدمات الأساسية، وإصلاح هيكل الاقتصاد الريعي والاستفادة من الموارد الطبيعية التي تمتلكها نيجيريا، الاستمرار في إنشاء برامج العفو، ونزع سلاح الميليشيات المسلحة، ومواجهة الفساد المستشري في قطاع النفط، وتفعيل الإجراءات القضائية وسرعة البت في قضايا سرقة النفط، والتعاون مع الجوار النيجيري في مواجهة هذه الظاهرة وتقليص الأسواق غير الشرعية لبيع النفط النيجيري، إلزام الشركات العاملة في مجال التنقيب بتحمل مسؤوليتها الاجتماعية تجاه المجتمعات المحلية، وتفعيل جهود التعاون الإقليمي والدولي، وأخيرًا، لا يمكن مواجهة هذه الظاهرة إلا إذا تواجدت إرادة وقيادة وطنية فاعلة لتنفيذها.


[1] Emmanuel Emeka Okafor,” Oil and Blood in the Niger Delta Area of Nigeria: A Critique

of the Role of the State”, A Journal of Contemporary Research, (Lawati: University of Venda, Vol.(7),No.(3),2010),p.186.

[2] جون جازفينان(أحمد محمود ) ترجمة، “التكالب على نفط أفريقيا (القاهرة: الهيئة العامة للكتاب،2013)، ص 83-86.

[3] Isiaka Alani Badmus,” ,” Oiling the Guns and Gunning for Oil: Oil Violence, Arms Proliferation and the Destruction of Nigeria’s Niger-Delta”, Journal of Alternative Perspectives in the Social Sciences(Australia: University of New England, Vol 2, 2010),p.332.

[4] جون جازفينان (أحمد محمود ) ترجمة، مرجع سبق ذكره، ص 124-125.

[5] نفسه.

[6] Enes Al Weswasi,” Spending blood for oil in Nigeria: a frame analysis of Shell’s neutralization of acts that led to corporate-initiated state crime” (Berline: Research Gate, Dec,2019),p.292.

[7] Idem.

[8] Loc.site, p.,289.

[9] Judith Burdin Asuni,” Special Report: Blood Oil in the Niger Delta”,( Washington, DC: Uni ted States Institute of Peace,No.229,2009),pp

[10] Oil theft allegation: Produce evidence, Navy tells Asari Dokubo, Vangurd,16 june,2023, at: https://www.vanguardngr.com/2023/06/oil-theft-allegation-produce-evidence-navy-tells-asari-dokubo/

[11] “ساعة الفقر العالمي: نيجيريا الأولى أفريقيا بـ 70 مليون مواطن تحت خط الفقر”، بوابة الأهرام الإلكترونية، تاريخ الاطلاع 11يونيو 2024، متاح على الرابط التالي: https://2u.pw/XyraPc3c

[12] J-P Afam Ifedi, Julius Anyu,” Blood Oil,” Ethnicity, and Conflict in the Niger Delta Region of Nigeria”, Mediterranean Quarterly ((Berlin: Research Gat, Mar 2011(.

[13] Judith Burdin Asuni, Op. cite, pp., (4-5).

[14] Judith Burdin Asuni , Ibid., p p.,(4,5).

* كان خط الاستغلال بطول كيلومترين – يتطلب لحامًا تحت الماء لا يمكن القيام به إلا من لديهم معدات ومهارات خاصة وبما يعني أن اللصوص قاموا ببناء محطة تصدير خاصة بهم والتي كانت تُغذى بالنفط الخام في أي وقت يتم فيه تحميل الناقلات بشكل شرعي في محطة فوركادوس Fourcades.

[15] Akii Ibhadode, Evans U. Jeg befume,” Buying with A Conscience: Curbing Crude Oil Theft in Nigeria”, Research Paper (Delta State: Federal University Of Petroleum Resources,2016).

[16] J-P Afam Ifedi, Julius Anyup, Op. cit., p .87.

[17]جون جازفينان (أحمد محمود ) ترجمة، مرجع سبق ذكره، ص 74 – 78 .

[18] Isiaka Alani Badmus,” Oiling the Guns and Gunning for Oil: Oil Violence, Arms Proliferation and the Destruction of Nigeria’s Niger-Delta”, Journal of Alternative Perspectives in the Social Sciences (Australia: University of New England, Vol 2, 2010), p.327.

[19] حسام عيد، تغيير أوضاع دلتا النيجر تحد متصاعد، مركز فاروس، بتاريخ 11يناير 2022، متاح على الرابط التالي: https://pharostudies.com.

[20] ” سرقة النفط في نيجيريا تعاود ملاحقة الإنتاج.. ومطالبات بزيادة التأمين”، موقع الطاقة، تاريخ الاطلاع 13يونيو2024، متاح على الرابط التالي: https://attaqa.net

[21] Isaac Kaledzi,” What is Nigeria doing to stop chronic oil theft”,D W,6 Apr,2024,at: https://www.dw.com/en/what-is-nigeria-doing-to-stop-chronic-oil-theft/a-69245605

[22] Nigeria Crude Oil: Production, CEIC, Accessed 23Jun,2024 at: https://www.ceicdata.com/en/indicator/nigeria/crude-oil-production

[23] Idem.

[24] ” أنس الحجي: إلغاء دعم الوقود في نيجيريا يُنهي التهريب.. وهؤلاء هم ضحاياه “، منصة الطاقة، بتاريخ 14 أغسطس 2023، متاح على الرابط التالي: https://attaqa.net

[25] “Nigeria: Oil pollution in the Niger Delta”, D W YouTube, Access 24 Jun,2024, At: https://www.youtube.com/watch?v=3A-tLtqM8YU&t=185s

[26] Akii Ibhadode, Evans U. Jeg befume, Op. cit. p .14.

[27] Judith Burdin Asuni, Op. cit., p. 8.

[28] Judith Burdin Asuni, Op. cit,p.7.

[29] Ian Ralby, Report “Downstream Oil Theft: Global Modalities, Trends, and Remedies”, Atlantic Council, Jan 2017, Avliable at: https://web.archive.org/web/20170708094332/http://www.atlanticcouncil.org/images/publications/Downstream_Oil_Theft_web_0327.pdf

[30] Ibid., p.,23.

[31] Idem.

[32] “أنس الحجي: إلغاء دعم الوقود في نيجيريا يُنهي التهريب.. وهؤلاء هم ضحاياه “، منصة الطاقة الإلكترونية،14 سبتمبر 2023، متاح على الرابط التالي: https://attaqa.net

[33] Judith Burdin Asuni, Op. cite, p.9.

[34]Ian Ralby, Op. cite, p.22.