بقلم – سنية نايل
باحث اقتصادي – حاصلة على درجة الماجستير من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة
في ظل تصاعد التوترات التجارية والتنافس الجيوسياسي بين الصين والولايات المتحدة، وخاصةً منذ عودة تولي الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” رئاسة الولايات المتحدة بسياسات تميل إلى الحمائية، أصبحت القارة الأفريقية في قلب هذا الصراع العالمي على النفوذ، حيث تحاول الصين تعزيز موقعها في أفريقيا من خلال توسيع استثماراتها في مشروعات البنية التحتية والتنمية، بينما تسعى الولايات المتحدة إلى استعادة نفوذها التاريخي باستخدام أدوات سياسية واقتصادية وأمنية متنوعة. وبين هذين المسارين، تواجه الدول الأفريقية مزيجًا من الفرص الاقتصادية والتحديات الجيوسياسية، الأمر الذي يتطلب منها الحفاظ على توازن دقيق في علاقاتها الدولية بما يضمن سيادتها ومصالحها التنموي
أصبحت العلاقة الاقتصادية بين أفريقيا وكل من الولايات المتحدة والصين محورًا أساسيًا في حسابات السياسة الدولية، في ضوء ما تزخر به القارة من موارد طبيعية غنية، وأسواق استهلاكية واعدة، وقوة سكانية شابة. وقد نجحت الصين، خلال العقدين الماضيين، في ترسيخ حضورها كشريك اقتصادي بارز للقارة، مستندة إلى سياسة “الاستثمار مقابل الموارد”، حيث قامت بتمويل مشروعات ضخمة في مجالات النقل والطاقة والموانئ، مقدّمة بذلك نموذجًا تنمويًا يركز على التعاون العملي دون ربطه بشروط سياسية.
أولاً: تحليل مقارن للعلاقات الاقتصادية بين أفريقيا وكل من الصين والولايات المتحدة
تُعد الروابط الاقتصادية بين الصين والدول الأفريقية من أبرز مظاهر التحولات في النظام الاقتصادي العالمي الحديث، حيث تشهد هذه العلاقات نموًا مطردًا في مجالات متعددة. ففي عام 2024، وصلت قيمة التبادل التجاري بين الطرفين إلى ما يقارب 295.56 مليار دولار أمريكي، مسجلة ارتفاعًا بنسبة 4.8% مقارنة بالعام السابق، ما يعكس استمرار تفوق الصين كأكبر شريك تجاري لأفريقيا للعام الخامس عشر على التوالي. كما شهد العام ذاته زيادة واضحة في الاستثمارات الصينية داخل القارة بنسبة 34%، لتبلغ نحو 29.2 مليار دولار، وتركزت في مجالات حيوية تشمل الطاقة، التعدين، التكنولوجيا، والنقل. وقد أعلنت بكين، خلال منتدى التعاون الصيني-الأفريقي (FOCAC) لعام 2024، عن خطة تمويلية بقيمة 360 مليار يوان، أي ما يعادل نحو 51.4 مليار دولار، تُنفذ على مدى ثلاث سنوات، وتغطي مشروعات في مجالات البنية التحتية والتنمية المستدامة[1].
ومنذ مطلع الألفية الجديدة، تجاوزت الصين الولايات المتحدة لتصبح الشريك التجاري الأبرز للدول الأفريقية، كما صعدت لتحتل مرتبة متقدمة بين كبار المستثمرين الأجانب في القارة، حيث أصبحت في مرحلة لاحقة رابع أكبر مصدر للاستثمار المباشر. وقد وجهت بكين جزءًا كبيرًا من استثماراتها نحو تأمين مصادر استراتيجية تشمل الطاقة، الأراضي الصالحة للزراعة، والمعادن الحيوية المستخدمة في صناعات التكنولوجيا المتقدمة والمركبات الكهربائية. وتمثلت هذه الاستثمارات في تنفيذ مشروعات ضخمة في البنية التحتية، شملت تشييد وتحديث شبكات الطرق والسكك الحديدية والجسور والسدود، إضافة إلى بناء الموانئ، وخطوط ومصافي النفط، ومحطات الكهرباء، فضلاً عن تطوير شبكات المياه والاتصالات. كما وسّعت الشركات الصينية نشاطها ليشمل قطاعات خدمية وإنتاجية متنوعة، مثل التعليم والصحة من خلال بناء مدارس ومستشفيات، والاستثمار في مجالات الزراعة وتجهيز الأغذية وصيد الأسماك والعقارات والسياحة وتجارة التجزئة. وفي السنوات الأخيرة، أصبح التركيز أكثر وضوحًا على مشروعات التكنولوجيا الحديثة، لاسيما في مجالات الاتصالات والطاقة المتجددة، بما في ذلك طاقتي الرياح والشمس[2].
تُعد العلاقات الاقتصادية التي تربط الولايات المتحدة بالقارة الأفريقية من الركائز المهمة في السياسة الخارجية الأمريكية، حيث شهدت هذه العلاقات توسعًا ملحوظًا خلال العقود الأخيرة، مدعومة بإطلاق عدد من المبادرات التي تستهدف تعزيز التجارة والاستثمار والتنمية. وتسعى واشنطن عبر هذه الأدوات إلى دعم النمو الاقتصادي في الدول الأفريقية، وتفعيل دور القطاع الخاص، وتعزيز التكامل الإقليمي، إضافةً إلى مواجهة النفوذ المتزايد لقوى دولية أخرى، وعلى رأسها الصين. وترتكز هذه الشراكات على أطر متعددة، من أبرزها اتفاقية النمو والفرص في أفريقيا (AGOA) ومبادرة “بروسبر أفريقيا”، إلى جانب ضخ استثمارات أمريكية في مجالات حيوية تشمل الطاقة، البنية التحتية، والتكنولوجيا. ويعكس هذا النهج وعياً أمريكياً متزايداً بالأهمية الاستراتيجية المتنامية لأفريقيا على الصعيد الاقتصادي العالمي[3].
وعكس النهج الواسع الذي تتبعه الصين في علاقاتها مع أفريقيا، اتسمت السياسة الأمريكية بالتركيز على مبادرات ضيقة النطاق وأهداف محددة. وتزداد أهمية القارة في هذا السياق بفعل عوامل متعددة، أبرزها النمو السريع في عدد السكان، وتوافر ثروات طبيعية تُعد ضرورية لعملية التحول العالمي نحو مصادر الطاقة المتجددة، إلى جانب تعاظم حضور الدول الأفريقية في الهياكل الدولية متعددة الأطراف، مما يمنحها ثقلاً سياسيًا واستراتيجيًا متزايدًا.[4]
1- تفوق التبادل التجاري بين أفريقيا والصين على التبادل التجاري بين أفريقيا والولايات المتحدة
خلال العقدين الماضيين، أصبحت الصين الشريك التجاري الأكبر للعديد من الدول الأفريقية، متجاوزة شركاء تقليديين مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وقد صاحب هذا التحول تطور ملحوظ في حجم المبادلات ونوعية التبادل التجاري بين الطرفين. إلا أن تراجع أسعار السلع الأساسية منذ عام 2014 أثّر سلبًا على صادرات أفريقيا إلى السوق الصينية، بينما حافظت الصادرات الصينية إلى القارة على استقرارها النسبي، وشمل هذا النمط مختلف أقاليم أفريقيا، بما في ذلك دول الشمال. وفي عام 2020، واجهت العلاقات التجارية بين الصين وأفريقيا انتكاسة نتيجة تفشي جائحة كوفيد-19، حيث أدت الأزمة إلى تعطيل سلاسل الإمداد وانخفاض في قيمة التبادل التجاري مقارنة بالعام الذي سبقه. ومع ذلك، بدأت مؤشرات التعافي بالظهور في عام 2021، واستمر الاتجاه التصاعدي خلال عامي 2022 و2023، مما أسفر عن تسجيل أرقام قياسية في حجم التبادل. وعلى صعيد التوزيع الجغرافي للتجارة، كانت أنجولا في صدارة الدول الأفريقية المُصدّرة إلى الصين خلال عام 2023، تلتها جمهورية الكونغو الديمقراطية وجنوب أفريقيا. أما من حيث استيراد السلع من الصين، فقد تصدرت جنوب أفريقيا القائمة، تلتها نيجيريا ثم مصر [5].
واستنادًا إلى مراجعة بيانات رسمية من المكتب الإحصائي الأمريكي مع إحصاءات التجارة العالمية، يظهر أن الميزان التجاري بين الصين والدول الأفريقية شهد نموًا ملحوظًا بين عامي 2016 و2024، بعد مرحلة من التذبذب في عام 2016، حيث وصل هذا الميزان إلى 36.7 مليار دولار، لكنه تراجع إلى 5.9 مليار دولار في عام 2018. إلا أن السنوات اللاحقة شهدت انتعاشًا كبيرًا، حيث ارتفع الميزان التجاري ليبلغ 64.1 مليار دولار في 2023، مسجلًا زيادة تقدر بنحو 58.2 مليار دولار مقارنة بعام 2018. وفي 2024، استقر الميزان عند 61.6 مليار دولار، مما يعكس استدامة الصادرات الصينية إلى القارة الأفريقية بمستويات مرتفعة. من ناحية أخرى، استمر الميزان التجاري بين الولايات المتحدة وأفريقيا في تسجيل عجز مستمر خلال نفس الفترة. في 2016، كان العجز 4.3 مليار دولار، ليزداد إلى 11.3 مليار دولار في العام التالي. ورغم تحسن طفيف في عام 2020، حيث انخفض العجز إلى 1.72 مليار دولار، إلا أن العجز عاد للتفاقم في 2023 ليصل إلى 10.1 مليار دولار. وفي 2024، تراجع العجز إلى 7.37 مليار دولار، لكنه ظل سالبًا. عند مقارنة عامي 2017 و2024، يتضح أن العجز التجاري بين الولايات المتحدة وأفريقيا تقلص بمقدار 3.93 مليار دولار، مما يعكس تحسنًا نسبيًا رغم استمرار تفوق صادرات الولايات المتحدة إلى القارة على وارداتها منها.

وعند مقارنة حجم التبادل التجاري بين الصين وأفريقيا مع العجز التجاري بين الولايات المتحدة وأفريقيا، يتضح الفارق الكبير، خاصةً في السنوات الأخيرة. ففي 2023، سجل الفائض التجاري الصيني 64.1 مليار دولار، بينما بلغ العجز التجاري الأمريكي 10.1 مليار دولار. هذا الفارق الكبير يعكس أن الصين أصبحت الشريك التجاري الأبرز لأفريقيا مقارنة بالولايات المتحدة، على الأقل من حيث حجم الصادرات خلال هذه الفترة. كما تشير الاتجاهات العامة إلى نمو مستمر في التجارة بين الصين وأفريقيا، بينما يعكس التبادل التجاري بين الولايات المتحدة وأفريقيا تقلبات مستمرة مع استمرار العجز في الميزان التجاري[6].
تجدر الإشارة إلى أن التجارة بين الصين وأفريقيا تركز في الغالب على تصدير السلع الأولية من أفريقيا مقابل السلع المصنعة من الصين. بين عامي 2000 و2022، كانت الصناعات الاستخراجية تمثل 89% من صادرات أفريقيا إلى الصين، مع تركز هذه الصادرات في النفط والنحاس وخام الحديد والألومينا. بالمقابل، كانت الواردات الأفريقية من الصين تهيمن عليها السلع المصنعة مثل معدات الاتصالات والأقمشة، والتي شكلت 94% من إجمالي الواردات خلال نفس الفترة[7].
2- مقارنة لحجم الاستثمارات الصينية والأمريكية في أفريقيا
تنشط كل من الصين والولايات المتحدة في أفريقيا، لكنهما تتبعان مقاربات مختلفة، حيث تركز الولايات المتحدة بشكل أساسي على تعزيز استثمارات القطاع الخاص وتسهيل دخول الشركات الأمريكية إلى الأسواق الأفريقية. وقد أطلقت مبادرات مثل قانون النمو والفرص الأفريقي (AGOA) لتوفير امتيازات وصول معفاة من الرسوم لبعض المنتجات الأفريقية إلى السوق الأمريكية. وفي سياق المنافسة مع مبادرة الحزام والطريق الصينية، كثفت الولايات المتحدة جهودها لتعزيز حضورها الدبلوماسي وتنمية العلاقات التجارية والاستثمارية مع دول القارة. كما تعمل واشنطن على بناء روابط مع القادة الأفارقة من خلال مبادرات مثل مبادرة القادة الأفارقة الشباب، وتسعى أيضاً للحد من تأثير معاهد كونفوشيوس التي تروج للغة والثقافة الصينيتين. باختصار، تتنافس الصين والولايات المتحدة على النفوذ في أفريقيا من خلال أدوات اقتصادية ودبلوماسية وثقافية متنوعة، حيث تركز واشنطن على القطاع الخاص والمبادرات التجارية والدبلوماسية، بينما تتبنى بكين استراتيجية واسعة تشمل البنية التحتية والاستثمار الحكومي والترويج الثقافي.
أسهم كل من الصين والولايات المتحدة بشكل فاعل في أفريقيا، إلا أن طبيعة وحجم استثماراتهما يختلفان. فقد برزت الصين كمستثمر نشط في تطوير البنية التحتية في القارة، مما أثر إيجاباً على قدراتها الإنتاجية. وتدفقت الاستثمارات الصينية إلى أفريقيا بشكل ملحوظ منذ عام 2003، حيث ارتفعت من 75 مليون دولار لتصل إلى ذروتها عند 5.5 مليار دولار في عام 2008، قبل أن تستقر عند 1.8 مليار دولار في عام 2022. وتوجهت هذه الاستثمارات بشكل أساسي نحو دول مثل جنوب أفريقيا والنيجر وجمهورية الكونغو الديمقراطية ومصر وساحل العاج، مدفوعة برغبة الصين في تعزيز نفوذها وتأمين مصالحها الاستراتيجية. في المقابل، شهد عام 2022 تفوقاً طفيفاً للاستثمارات الأمريكية في أفريقيا على نظيرتها الصينية لأول مرة منذ عقد، حيث بلغت 1.86 مليار دولار مقابل 1.81 مليار دولار للصين. وتركزت الاستثمارات الأمريكية بشكل أساسي في مصر وجنوب أفريقيا وليبيريا وغينيا الاستوائية وأنغولا. وعلى الرغم من هذا التفوق في عام 2022، فإن الاتجاه العام للاستثمار الأجنبي المباشر من الولايات المتحدة في أفريقيا شهد انخفاضاً بعد ذروته في عام 2014، ليصل إلى 44.81 مليار دولار في عام 2020، قبل أن يعاود الارتفاع ليبلغ 56.29 مليار دولار في عام 2023. وجدير بالذكر أن الولايات المتحدة حجبت بيانات استثماراتها في إحدى عشرة دولة أفريقية[8].

وعلى صعيد آخر، قدمت الولايات المتحدة قانون النمو والفرص في أفريقيا (AGOA) عام 2000 لتسهيل وصول منتجات أفريقية محددة إلى السوق الأمريكية معفاة من الرسوم. إلا أن فعالية هذا القانون كانت محل نقاش، حيث تراجعت قيمة الواردات الأمريكية بموجبه من ذروتها البالغة 82 مليار دولار في عام 2008 إلى 29.1 مليار دولار في عام 2024. شكل عام، يمكن ملاحظة أن الصين تركز بشكل كبير على الاستثمار المباشر، خاصة في البنية التحتية، بهدف تعزيز نفوذها ومصالحها الاستراتيجية. بينما تظهر الاستثمارات الأمريكية تقلبات وقد تفوقت على الصينية في عام 2022، لكنها تتركز في قطاعات ودول مختلفة. بالإضافة إلى ذلك، تسعى الولايات المتحدة لتعزيز العلاقات التجارية من خلال مبادرات مثل AGOA، على الرغم من التحديات المتعلقة بفعاليتها وتراجع حجم الواردات بموجبه في السنوات الأخيرة. وتجدر الإشارة إلى أن أفريقيا ككل تتلقى تدفقات استثمار أجنبي مباشر أقل مقارنة بمناطق أخرى في العالم. [9].
3- تفاقم معدلات الاقتراض الأفريقي من الصين
منذ عام 2020، أصبحت المؤسسات المالية الصينية تمثل نحو 12% من إجمالي الديون الخارجية المستحقة على الدول الأفريقية، في وقت شهد فيه هذا الدين قفزة كبيرة، إذ تضاعف بأكثر من خمس مرات منذ عام 2000 ليبلغ 696 مليار دولار، وذلك خلال الفترة الممتدة من 2000 حتى عام 2023، قدمت هذه المؤسسات ما مجموعه 1306 قرضًا إلى 49 دولة أفريقية و7 جهات إقليمية، بقيمة إجمالية بلغت 182.28 مليار دولار. وقد خُصصت هذه القروض بالدرجة الأولى لمشروعات البنية التحتية، وخصوصًا في قطاعات الطاقة والنقل والاتصالات، التي تُعد أساسية لدفع عجلة التنمية في القارة.
وقد أسهمت هذه التمويلات في تنفيذ عدد من المشروعات الاستراتيجية، من بينها تشييد شبكات الطرق والجسور والسكك الحديدية، إلى جانب إنشاء محطات لتوليد الطاقة، وهو ما أدى إلى تحسن ملحوظ في الوصول إلى الكهرباء والبنية التحتية في مناطق متعددة من القارة. وقد كانت دول مثل إثيوبيا ونيجيريا وكينيا من بين أبرز المستفيدين من هذه الاستثمارات، حيث أسهمت في دعم التنمية الاقتصادية لديها. ورغم التأثير الإيجابي لهذه المشروعات، إلا أن الجدل لا يزال قائمًا بشأن الأعباء المالية المترتبة على تلك القروض، خاصة في ظل تعثر بعض الدول في سداد التزاماتها المالية، نتيجة ضعف العائدات الناتجة عن المشروعات المنفذة وارتفاع كلفة خدمة الدين.
وتظهر الفجوة بوضوح عند النظر في التوزيع غير المتكافئ للديون الصينية عبر القارة، حيث تُظهر بعض الدول اعتمادًا مفرطًا على التمويل الصيني، مما يُثير تساؤلات حول استدامة هذا النوع من الاقتراض على المدى البعيد. فعلى سبيل المثال، تُشكل القروض الصينية نحو 57% من الدين السيادي الخارجي لجيبوتي، و49% بالنسبة لأنغولا، و45% لجمهورية الكونغو الديمقراطية. وتدين أنغولا وحدها للصين بنحو 20 مليار دولار، صُرفت أساسًا على مشروعات تتعلق بالطاقة والنقل. كما تصل ديون إثيوبيا إلى حوالي 13.5 مليار دولار، خُصصت لتمويل مشروعات استراتيجية مثل شبكات السكك الحديدية والمجمعات الصناعية. أما كينيا، فتبلغ قيمة التزاماتها نحو الصين حوالي 9.8 مليار دولار، تم توجيهها إلى تطوير مشروعات ضخمة من ضمنها خط سكة حديد “ستاندرد غاغ” (SGR) وشبكات الطرق. وفي السياق ذاته، تدين زامبيا للصين بما يقارب 6.5 مليار دولار، خُصصت غالبًا لمشروعات البنية التحتية وقطاع التعدين.[10]
ثانيًا: التأثيرات غير المباشرة للحرب التجارية في الاقتصادات الأفريقية
تواجه الدول الأفريقية تحديات كبيرة في التكيف مع التغيرات الإقليمية والدولية، حيث تكون في كثير من الأحيان أول من يتأثر بتقلبات النظام العالمي. رغم ذلك، تظل القارة هدفًا رئيسيًا للقوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين بسبب ما تمتلكه من ثروات طبيعية هائلة، معادن ثمينة، وإمكانات اقتصادية كبيرة. وبينما تختلف أساليب ومقاربات كل من واشنطن وبكين في تعزيز مصالحهما في أفريقيا، يثير التوسع السريع للصين وعلاقاتها المتنامية مع الدول الأفريقية قلقًا متزايدًا في الولايات المتحدة، التي ترى في هذا النفوذ تهديدًا لموقعها الاستراتيجي والاقتصادي.
تُعتبر الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، ولا سيما فرض الرسوم الجمركية المتبادلة، من العوامل التي تؤثر بشكل غير مباشر في الاقتصادات الأفريقية. إذ تسهم التوترات بين أكبر اقتصادين في العالم في اضطراب سلاسل الإمداد العالمية وتقلب الأسواق، مما يؤدي إلى تأثير سلبي على الطلب على السلع الأولية التي تشكل مصدر الدخل الأساسي للعديد من الدول الإفريقية. كما أن هذه الحرب التجارية تؤدي إلى تباطؤ أو إعادة تمركز بعض الاستثمارات الأجنبية، خاصةً الصينية، مما يقلل من فرص الحصول على التمويل وتحسين البنية التحتية في القارة.
1- توقعات بتأثيرات محدودة في الاقتصادات الأفريقية
منذ بداية عام 2025، مع تولي الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” منصبه، أصبح استخدامه المكثف للرسوم الجمركية من أكثر السياسات الاقتصادية المثيرة للجدل. وعلى الرغم من أن فرض الرسوم الجمركية، خاصة على السلع الصينية، يُعتبر أداة تقليدية لحماية الصناعات الوطنية وتصحيح العجز التجاري، إلا أن ذلك أثار حربًا تجارية عالمية كانت تداعياتها تتجاوز الولايات المتحدة وشركاءها التجاريين الرئيسيين، لتشمل أيضًا الأسواق الناشئة في أفريقيا.
في البداية، قد يبدو أن النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين لا يؤثر على أفريقيا بشكل مباشر. لكن في ظل العولمة الاقتصادية، يمكن للسياسات التجارية أن تخلق تداعيات غير مباشرة تمتد عبر القارات. فرض الرسوم الجمركية الأمريكية على الصين، إلى جانب الردود الانتقامية من الصين، أطلق سلسلة من التأثيرات التي قد تؤثر بشكل غير مباشر على التجارة والاستثمارات والتنمية الاقتصادية في أفريقيا. بناءً على ذلك، قد تجد القارة نفسها أمام وضع معقد يتضمن فرصًا وتحديات كبيرة[11].
وقد أشارت التقديرات إلى أن الرسوم الجمركية الأمريكية من المرجح أن يكون لها تأثير مباشر محدود في أفريقيا، إلا أن الخطر الأكبر يكمن في مدى قدرة الصين على الصمود في وجه حرب الرسوم الجمركية، مضيفةً أنه في حال ساهمت هذه الاحتكاكات التجارية في تباطؤ مستمر في النمو الاقتصادي الصيني، فقد تواجه أفريقيا رياحًا معاكسة خطيرة.
2- تأثر التمويل الصيني الموجه للدول الأفريقية
تُعتبر الصين الوجهة الرئيسية للعديد من صادرات أفريقيا من السلع الأساسية مثل النفط والنحاس والكوبالت والمنتجات الزراعية. لذلك، فإن انخفاض الطلب الصيني قد يؤدي إلى تراجع عائدات التصدير للدول التي تعتمد بشكل كبير على الموارد الطبيعية، مثل أنغولا ونيجيريا وزامبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية. كما أن تباطؤ الاقتصاد الصيني قد يدفع بكين إلى إعادة النظر في استراتيجيتها للاستثمار الخارجي، بما في ذلك التزاماتها ضمن مبادرة الحزام والطريق.
قد تواجه الدول الأفريقية، التي تعتمد بشكل كبير على رأس المال الصيني لتطوير بنيتها التحتية الحيوية، تراجعًا في تدفق التمويل الخارجي. هذا التراجع قد يعطل المشروعات الكبيرة وقد يزيد من الأعباء المالية على الاقتصادات التي تعاني من الديون. بين عامي 2000 و2023، خصصت الصين حوالي 182.3 مليار دولار لدعم بناء موانئ، سدود كهرومائية، طرق سريعة، وسكك حديدية في أفريقيا[12].
3- تأثير الحرب التجارية في الاتفاقات التجارية بين الدول الأفريقية والولايات المتحدة والصين
ستتأثر الاتفاقيات الخاصة التي تفضلها الدول الأفريقية التي تتعامل مع الولايات المتحدة على مدار الخمس والعشرين من المتوقع أن تُلحِق الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة على الواردات من القارة الأفريقية ضررًا واضحًا بالاتفاقيات التجارية التفضيلية التي اعتمدت عليها الدول الأفريقية في علاقاتها مع واشنطن خلال العقود الأخيرة. ويُرجّح أن تطال هذه التأثيرات السلبية صادرات النفط الخام من دول مثل نيجيريا وغانا والغابون وأنغولا، فضلاً عن صادرات المنسوجات من كينيا ومدغشقر وليسوتو، كونها من أبرز السلع ضمن المبادلات التجارية مع الولايات المتحدة. كما أن صادرات كوت ديفوار من الكاكاو وجنوب أفريقيا من المركبات والمعادن الثمينة ستواجه تحديات مماثلة. وتشير البيانات إلى أن الصادرات الأفريقية إلى الولايات المتحدة خلال عام 2024 بلغت نحو 39.5 مليار دولار، بينما وصلت قيمة الصادرات الأمريكية إلى أفريقيا إلى حوالي 32.1 مليار دولار، مسجلة نمواً نسبته 11.9% مقارنة بالعام السابق، بما يعادل زيادة قدرها 3.4 مليار دولار[13].
ثالثًا: الفرص المتاحة للقارة في ظل تصاعد الحرب التجارية
مع اتجاه العديد من الشركات الأمريكية نحو تقليص اعتمادها على سلاسل التوريد القادمة من الصين، بدأت هذه الشركات في استكشاف أسواق بديلة، من بينها القارة الأفريقية. وقد برزت دول مثل إثيوبيا وكينيا وغانا كخيارات واعدة، خصوصاً في مجالات الصناعات الخفيفة والنسيج، نظرًا لانخفاض تكلفة الأيدي العاملة وإمكانية الاستفادة من الإعفاءات الجمركية التي يتيحها قانون النمو والفرص في أفريقيا (AGOA). وفي حال تصاعدت الرسوم المفروضة على المنتجات الصينية، فقد تتمكن هذه الدول من استغلال الفرصة لجذب الاستثمارات وتحقيق مكاسب اقتصادية. كما أن بعض الشركات متعددة الجنسيات، الساعية إلى تقليل تعرضها للمخاطر الجيوسياسية في آسيا، قد تنقل جزءًا من أنشطتها التصنيعية إلى أفريقيا كخطة احتياطية ضد أي اضطرابات مستقبلية، مما قد يُسهم في تعزيز خلق الوظائف، وتنمية القدرات المحلية، وتحفيز الاستثمار في البنية التحتية.
لكن رغم هذا التوجه الإيجابي، فإن نجاحه ليس مضمونًا، إذ لا تزال القارة تعاني من مشكلات هيكلية مثل عدم انتظام إمدادات الكهرباء، وضعف شبكات النقل، والتعقيدات الإدارية. وإذا لم تُنفذ إصلاحات فعالة واستثمارات مدروسة في القطاعات اللوجستية والإدارية، فإن هذه العوامل قد تُقوّض فرص أفريقيا في الاستفادة من التحولات العالمية في سلاسل الإمداد.[14].
1- فرص تعزيز الصادرات التجارة في أفريقيا
يمكن لمنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية أن تستفيد بشكل كبير من تداعيات النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين، لتُعزز مكانتها في الاقتصاد العالمي عبر جذب مزيد من الاستثمارات الخارجية وتوسيع نطاق التبادل التجاري بين دول القارة. هذا التوجه من شأنه أيضًا أن يرفع من وزن أفريقيا في صياغة قواعد الحوكمة الاقتصادية الدولية. وتتمثل إحدى نقاط القوة الاستراتيجية لهذه المنطقة في موقفها المتوازن تجاه النزاعات التجارية الدولية، وهو ما يجعلها خيارًا جاذبًا للشركات العالمية الباحثة عن أسواق بديلة خالية من التوترات الجيوسياسية والقيود الجمركية. كما أن توفر سوق موحدة يتجاوز عدد سكانها 1.4 مليار نسمة يعزز من جاذبية القارة بوصفها وجهة واعدة للتجارة والاستثمار على المستوى الدولي[15].
تُعد القارة الأفريقية مصدرًا رئيسيًا للمواد الخام والمنتجات الزراعية التي يعتمد عليها الاقتصاد العالمي، وهي قطاعات تتسم بحساسية عالية تجاه التحولات في حركة التجارة الدولية. وخلال فترة الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين في عهد إدارة ترامب، اتجهت بكين إلى تنويع مصادر توريد بعض السلع الزراعية الاستراتيجية، كرد فعل على الرسوم الجمركية الأمريكية، مما دفعها للبحث عن شركاء جدد لتأمين احتياجاتها من سلع مثل فول الصويا وزيت النخيل. وقد وفر هذا التوجه فرصة مؤقتة للدول الأفريقية لتعزيز صادراتها الزراعية نحو الأسواق الآسيوية، في ظل تراجع الاعتماد على الموردين التقليديين.
2- تعزيز جذب استثمارات أجنبية
نظرًا لانخفاض تكلفة الأيدي العاملة وإمكانية النفاذ إلى السوق الأمريكية دون رسوم جمركية في إطار قانون النمو والفرص في أفريقيا (AGOA)، أصبحت دول مثل إثيوبيا وكينيا وغانا من الوجهات المرشحة بقوة لنمو صناعات النسيج والأنشطة الصناعية الخفيفة. وفي القطاع الزراعي، فإن تعزيز الاستثمارات في تقنيات الزراعة الحديثة والري، وتطوير مرافق التخزين والبحث العلمي، يمكن أن يسهم بشكل كبير في رفع الإنتاجية وتقليص الفاقد بعد الحصاد. كما أن دعم صغار المزارعين عبر تسهيل حصولهم على التمويل، وتوفير مستلزمات الإنتاج بأسعار مناسبة، وتحسين فرص الوصول إلى الأسواق، يمثل ركيزة أساسية لتحقيق أمن غذائي قائم على المرونة والاستدامة.
أما في مجال الصناعة، فإن إنشاء مناطق صناعية متكاملة، وتوسيع نطاق الحصول على مصادر طاقة مستقرة، إلى جانب الحد من التعقيدات الإدارية، تُعد من العوامل المحفزة لجذب المستثمرين وتعظيم القيمة المضافة للموارد الأولية بدلاً من تصديرها في شكلها الخام. ويؤدي تعزيز التصنيع المحلي إلى خلق وظائف جديدة، وتنمية المهارات، وتقوية شبكات التوريد الداخلية، مما يقلل من الاعتماد على الأسواق العالمية المتقلبة. كما يمكن أن يُسهم الدعم الحكومي الفعّال، سواء عبر تحسين البنية التحتية أو تنفيذ سياسات اقتصادية داعمة، إلى جانب تعزيز التكامل الإقليمي من خلال اتفاقيات مثل منطقة التجارة الحرة القارية، في تسريع النمو داخل هذه القطاعات الحيوية وتقليل أثر أية رسوم جمركية محتملة على اقتصادات القارة مستقبلاً.[16].
3- الاستفادة من التنافسات الاستراتيجية في مجال البنية التحتية والتكنولوجيا
تواصل كل من الولايات المتحدة والصين سعيهما لتوسيع نفوذهما في أفريقيا، عبر تقديم استثمارات في مشروعات البنية التحتية ومبادرات تنموية، من أبرزها “الحزام والطريق” التي تقودها الصين، ومبادرة “ازدهار أفريقيا” التي أطلقتها واشنطن. وبينما تُعتبر هذه المنافسة ذات طابع جيوسياسي، فإنها تمثل أيضًا فرصة أمام الدول الأفريقية لتعظيم مكاسبها من خلال توظيف منطقة التجارة الحرة القارية كأداة تفاوضية فعالة. ويمكن للدول الأفريقية استغلال هذا الوضع للمطالبة بشروط أكثر عدالة، تشمل تعزيز الشفافية، وضمان استدامة المشروعات، إلى جانب إشراك الكفاءات المحلية في تنفيذ وتسيير مشروعات البنية التحتية. ومن خلال تبني استراتيجية موحدة في التعامل مع القوى العالمية، تستطيع القارة تحسين مركزها التفاوضي وضمان توجيه الاستثمارات الخارجية بما يخدم أولوياتها الإنمائية على المدى الطويل[17].
وختامًا في ضوء ما تقدم، يتضح أن القارة الأفريقية ليست بمنأى عن التداعيات المتشابكة للصراع التجاري المتصاعد بين الولايات المتحدة والصين، بالرغم من أن هذا النزاع ينطلق أساسًا من التنافس بين قوتين اقتصاديتين عالميتين. فقد تسببت الرسوم الجمركية المتبادلة والسياسات التجارية الانعزالية في إحداث اضطراب على مستوى الاقتصاد العالمي، مما انعكس سلبًا على أفريقيا عبر تراجع الطلب على المواد الخام، واضطراب سلاسل التوريد العالمية، وتقلب مسارات الاستثمار الأجنبي المباشر. وفي الوقت ذاته، دفعت هذه التوترات بعض الشركات الكبرى إلى إعادة هيكلة شبكات الإنتاج والتوزيع الخاصة بها، مما أتاح فرصًا لبعض الدول الأفريقية لدخول سلاسل القيمة العالمية، وإن كانت هذه الفرص مشروطة بمدى جاهزية البنية المؤسسية وقدرة الدول على صياغة استراتيجيات مرنة وفعالة.
وما ينبغي التأكيد عليه هو أن هذا النزاع لا يُختزل في كونه صدامًا جمركيًا، بل يُمثل مظهرًا من مظاهر التحول العميق في موازين النظام الاقتصادي الدولي وإعادة رسم ملامح العولمة ذاتها. ومن هذا المنطلق، فإن قدرة الدول الأفريقية على التفاعل مع هذه التحولات بشكل ذكي ومتوازن، سوف تشكل المحدد الرئيس لنجاح القارة في التعامل مع التحديات والفرص الناجمة عن هذه البيئة الاقتصادية العالمية المتقلبة.
المراجع
[1] Ecofin Agency, 20 Jnuary2025, China-Africa Trade up 4.8% to $295bn in 2024, accessible at: https://www.ecofinagency.com/public-management/2001-46339-china-africa-trade-up-4-8-to-295bn-in-2024?utm_source=chatgpt.com
[2] Elizabeth Schmid, 17 August 2024, China and the US battle it out over Africa, accessible at: https://responsiblestatecraft.org/china-unitedstates-africa/
[3] TOP AFRICA NEWS, April202, New Data Shows Significant Growth in U.S.- Africa Trade and Investment Engagement, accessible at: https://www.topafricanews.com/2024/09/06/new-data-shows-significant-growth-in-u-s-africa-trade-and-investment-engagement/?utm_source=chatgpt.com
[4] Charles Wachira,Global Finance, 8 October 2024, Africa’s Chinese Trade Tie-Up, accessible at: https://gfmag.com/economics-policy-regulation/africa-china-trade-debt
[5] china africa research initiative, China-Africa bilateral trade data overview, accessible at: http://www.sais-cari.org/data-china-africa-trade
[6] Census, Trade in Goods with Africa, accessible at: https://www.census.gov/foreign-trade/balance/c0013.html
[7] Global Development Policy Center, China-Africa Economic Bulletin, 2024 Edition, accessible at: https://www.bu.edu/gdp/2024/04/01/china-africa-economic-bulletin-2024-edition/
[8] [viii] Reuters, Nqobile Dludla and Nellie Peyton, 3April 2025, The US-Africa trade programme under threat from Trump tariffs, accessible at: https://www.reuters.com/world/africa/us-africa-trade-programme-under-threat-trump-tariffs-2025-04-03/?utm_source=chatgpt.com
[9] china africa research initiative, China-Africa bilateral trade data overview, accessible at: http://www.sais-cari.org/data-china-africa-trade
[10] Charles Wachira,Global Finance, 8 October 2024, Africa’s Chinese Trade Tie-Up, accessible at: https://gfmag.com/economics-policy-regulation/africa-china-trade-debt-loans/#:~:text=China%20solidified%20its%20position%20as,%2C%20up%201.5%25%20from%202022.
[11] Shuaib Mahomed, April , Trump’s Tariffs and Africa: The Ripple Effects of a Trade War, accessible at: https://www.trt.global/afrika-english/article/003f307c0844
[12] Jevans Nyabiage, Scmp, 12April 2025, If trade war hits China’s economy it may be devastating for Africa, experts say, accessible at: https://www.scmp.com/news/china/diplomacy/article/3306211/if-trade-war-hits-chinas-economy-it-may-be-devastating-africa-experts-say.
[13] BBC, Chiamaka Enendu (Lagos) & Jewel Kiriungi (Nairobi), 5April 2025, African export products wey Trump new US tariffs hit well, accessible at: https://www.bbc.com/pidgin/articles/cz79qz27xq5o
[14] Shuaib Mahomed, April , Trump’s Tariffs and Africa: The Ripple Effects of a Trade War, accessible at: https://www.trt.global/afrika-english/article/003f307c0844
[15] Michael Mensah Ahorlu, Graphic Online, AfCFTA and the US-China Trade War: A strategic opportunity for Africa, accessible at: https://www.graphic.com.gh/features/opinion/afcfta-and-the-us-china-trade-war-a-strategic-opportunity-for-africa.html
[16] Shuaib Mahomed, April , Trump’s Tariffs and Africa: The Ripple Effects of a Trade War, accessible at: https://www.trt.global/afrika-english/article/003f307c0844
[17] Michael Mensah Ahorlu, Graphic Online, AfCFTA and the US-China Trade War: A strategic opportunity for Africa, accessible at: https://www.graphic.com.gh/features/opinion/afcfta-and-the-us-china-trade-war-a-strategic-opportunity-for-africa.html