كتبت – أسماء حمدي
تزخر القارة السمراء بالتاريخ والثقافة والإبداع، وتشكل الفنون والموسيقى عناصر أساسية في نسيجها الثقافي، كما تمتلك ثروة هائلة من التجارب الفنية والموسيقية التي تتردد صداها عبر شوارعها الصاخبة النابضة بالحياة.
وفي السنوات الأخيرة، برزت عدة مدن إفريقية، كمراكز إبداعية من خلال مساهماتها الهائلة في المشهد الفني والموسيقي وقدمت انعكاسات لمجتمعاتها وقصصها المتنوعة، بالإضافة إلى أنها تعد كمراكز ثقافية للفنانين والشباب الموهوبين في مجالات مختلفة مثل الأفلام والأزياء والموسيقى والتكنولوجيا من جميع أنحاء العالم.
كان هناك اعتراف متزايد في الآونة الأخيرة، بإمكانات الصناعة الإبداعية في أفريقيا. ووفقًا لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، تقدر قيمة الاقتصاد الإبداعي في أفريقيا بأكثر من 4.2 مليار دولار، مع إمكانية خلق فرص عمل وتحفيز النمو الاقتصادي.


لاجوس
كانت لاجوس أكبر مدن نيجيريا، وواحدة من أسرع المدن نموًا في غرب أفريقيا، من بين العديد من المدن المرموقة التي تنبض شوارعها بمشهد فني ولديها صناعة إبداعية مزدهرة، إذ تعد المدينة بمثابة مشهد موسيقى متطور، بالإضافة إلى امتلاكها عددًا من الاستوديوهات وشركات التسجيل والمهرجانات، بما في ذلك مهرجان لاجوس الموسيقي السنوي.
وتعد المدينة بمثابة لوحة فنية، يدمج فيها الفنانون الفن التقليدي بالحديث لخلق تجربة فريدة، كما تعد صناعة الأفلام في لاجوس المعروفة باسم نوليوود، ثاني أكبر صناعة أفلام في العالم من حيث الإنتاج، بعد بوليوود في الهند، بحسب “أفريقيا. كوم”.
وتعتبر لاجوس أيضًا موطنًا لصناعة الأزياء، حيث يستمد المصممون الإلهام من الملابس الأفريقية التقليدية، كما أصبحت ملاذا لبعض مصممي الأزياء الأكثر ابتكارًا في أفريقيا، مثل مصممة الأزياء النيجيرية ليزا فولاويو، التي تمزج الأقمشة الأفريقية التقليدية مع اتجاهات الموضة المعاصرة لتصميم قطع فريدة من نوعها.
تقدم لاجوس مشهدًا موسيقيًا متنوعًا، بما في ذلك الإيقاعات الأفريقية وأفروبوب وفوجي وهاي لايف، كما أنها القلب النابض لموسيقى أفروبيت وهي الموسيقى التي اشتهر بها الفنان النيجيري فيلا كوتي، وقد تشكلت بتأثير الموسيقيين الأسطوريين مثل كينج سوني أدي، كما تعتبر أيضًا موطنًا لبعض أكبر نجوم الموسيقى في القارة السمراء، مثل بورنا بوي وويز كيد، الذين اكتسبوا شهرة عالمية.


كيب تاون
تعرف كيب تاون باعتبارها عاصمة الفن في جنوب أفريقيا، إذ برزت المدينة كمركز للإبداع والابتكار في البلاد التي تشتهر بجمال مناظرها الطبيعية المذهلة، والتي توفر الإلهام للعديد من المبدعين في المدينة، وسط نمو صناعة الموسيقى والأفلام.
وتمتلك كيب تاون عددًا كبيرًا من الاستوديوهات والمعارض الفنية ومساحات التصميم، فضلًا عن استضافة العديد من المهرجانات والأحداث على مدار العام، بما في ذلك معرض كيب تاون للفنون، ومهرجان كيب تاون الدولي لموسيقى الجاز الشهير ويعد أحد أكبر أحداث الجاز على مستوى العالم ويقدم مجموعة من الفنانين المشهورين عالميًا إلى جانب المواهب المحلية.
وتحولت المدينة إلى مركزًا لإنتاج الأفلام، حيث يتم تصوير أفلام هوليوود الكبرى والبرامج التلفزيونية مثل Mission Impossible: Dead Reckoning لتوم كروز في المدينة، كما أنتجت صناعة الأفلام في المدينة أيضًا عددًا من الأفلام المحلية الحائزة على جوائز، مثل “Tsotsi” و”Inxeba “.
ويشتهر المشهد الموسيقي في كيب تاون، بمختلف أنواع الموسيقى من الجاز إلى الهيب هوب، وتمتلك أحد أبرز الفنانين مثل نكوسيناتي إنوسنت مافومولو، المعروف فنيا باسم “بلاك كوفي”، وهو أحد أهم الفنانين في البلاد، الذي اكتسب شهرة عالمية لمزيجه الفريد من موسيقى الهاوس.


أكرا
تحولت أكرا بسرعة إلى واحدة من أكثر مدن غرب إفريقيا ديناميكية، مع صناعة إبداعية متنامية، إذ تعد العاصمة الغانية موطنًا لعدد من الفنانين والمصممين الموهوبين، فضلًا عن امتلاكها مشهد موسيقي مزدهر، ما دفع الحكومة التي أدركت مؤخرا إمكانات الصناعة الإبداعية، إلى الاستثمار في المبادرات الفنية ودعم نموها.
ويزدهر مشهد فن الشوارع في المدينة، حيث تضيف الجداريات والكتابات على الجدران أجواء استثنائية إلى شوارع المدينة، وأصبح مهرجان Chale Wote Street Art أي “فن الشارع في شال ووتي” السنوي، والذي يحتفل بفنون الشوارع، حدثًا رئيسيًا في أكرا.
ويتنوع المشهد الموسيقي في أكرا والذي يستمد من مجموعة من أنواع الموسيقى المختلفة، مثل موسيقى الهاي لايف، وموسيقى الهيب لايف، وموسيقى الأفروبيتس.
كما تنمو صناعة الأزياء في المدينة، حيث اكتسب مصممون مثل كريستي براون وأوزوالد بواتينج اعترافًا دوليًا، بالإضافة إلى وجود عدد من المعارض التي تعرض أعمال الفنانين الناشئين والراسخين.


نيروبي
تتمتع العاصمة الكينية نيروبي، بصناعة فنية إبداعية ومتنوعة تشمل الموسيقى والأفلام والأزياء، وتضم عددًا من الفنانين والمصممين الموهوبين، وتزدهر بالعديد من المعارض الفنية للعديد من الفنانين المحليين والدوليين، فضلًا عن مشهد تكنولوجي متنامٍ.
وقد أنتج مشهد الموسيقى المزدهر في نيروبي بعضًا من أكثر الأعمال إثارة في أفريقيا، بما في ذلك Sauti Sol وBlinky Bill، كما اكتسب فنانون مثل Nyashinski وKhaligraph Jones شعبية كبيرة، كما تكتسب صناعة السينما في المدينة زخمًا، مع إنتاج عدد متزايد من الأفلام المحلية وعرضها في المهرجانات السينمائية الدولية.
وتشهد صناعة الأزياء في نيروبي ارتفاعًا، حيث اكتسب مصممون مثل Adele Dejak وKatungulu Mwendwa تقديرًا لتصميماتهم الفريدة.
وفي السنوات الأخيرة أظهر مشهد التكنولوجيا في نيروبي نموًا سريعًا، مع ظهور عدد من الشركات الناشئة في المدينة.


داكار
تتمتع العاصمة السنغالية داكار بتراث ثقافي غني، ويعد مشهد الفن المعاصر في داكار عامل جذب رئيسي للزوار، حيث تعرض العديد من المعارض أعمال الفنانين المحليين والدوليين، كما تعد داكار موطنًا لمشهد موسيقي متنامٍ وحياة ليلية صاخبة.
أصبحت المدينة مركزًا للإبداع والابتكار في غرب إفريقيا، حيث يجذب بينالي داكار السنوي الفنانين والزوار من جميع أنحاء العالم. مما يجعله حدثًا رئيسيًا في التقويم الفني الدولي، ويجتمع خلاله المنتجون الثقافيون من القارة ومن مهاجريها، من أجل أكبر وأكثر التجمعات الفنية كثافة وأكثرها استدامة.
الموسيقى في داكار، تنبض بإيقاعات الماضي والحاضر، وتشتهر المدينة بالموسيقى السنغالية التقليدية مثل مبالاكس وسابار، بالإضافة إلى موسيقى الهيب هوب.
تشتهر داكار بصناعة الأزياء، حيث اكتسب مصممون مثل سيلي رابي كين شهرة لتصميماتهم الفريدة التي تجمع بين الأنماط التقليدية والحديثة.