كتبت – أ. د. سالي محمد فريد
أستاذ الاقتصاد ورئيس قسم السياسة والاقتصاد – كلية الدراسات الأفريقية العليا – جامعة القاهرة
شهدت كينيا نموًا مطردًا بفضل الاستثمارات الهائلة في البنية التحتية، والخطوات التي تتخذها الدولة لتحسين مناخ الأعمال وزيادة الصادرات. فقد سمحت السياسة المالية التوسعية التي تنتهجها كينيا بتمويل مشروعات البنية التحتية دون الضغط على الأسواق المالية المحلية، لا يعني ذلك عدم وجود مخاطر، فالهجمات الإرهابية لحركة الشباب تثير مخاوف أمنية وتؤثر سلبًا في السياحة التي تُعد أحد القطاعات الرئيسية في الدولة.
تراكمت على كينيا، وهي واحدة من أكبر الاقتصادات في شرق أفريقيا، قروض تتجاوز 10,1 تريليون شلن (68 مليار دولار)، وهو رقم يعادل 67 % من ناتجها المحلي الإجمالي. وتضخّمت كُلفة خدمة الديون، خاصة للصين، مع تدهور قيمة العملة الكينية إلى مستويات قياسية بلغت نحو 148 شلنًا للدولار.
فيما يتعلق بالتجارة الخارجية لكينيا، فإنّ الصّادرات الرئيسيّة في البلاد هي: البن، والشاي، والمنتجات النفطية، بالإضافة لصادرات أخرى منها: الإسمنت، والزهور، واللحوم، والأناناس والسيزال، كل ذلك بقيمة إجمالية : 6.228 بلايين دولار، وأهم الدول المستوردة: أوغندا 10.3%، وتنزانيا 10%، وهولندا 7.7%، والمملكة المتحدة 7.2%، والولايات المتحدة الأمريكية 6.3%، ومصر 4.8%، وجمهورية الكونغو الديمقراطية 4.4%. أما الواردات، فتشمل: الآلات الصناعية، الحديد، الفولاذ، والنفط، بقيمة واردات إجمالية قدرها 15.1 بليون دولار، من كلّ من: الهند 20.9 %، الصين 15.4%، الإمارات العربية المتحدة 9.8%، والمملكة العربية السعودية 6.9% . والشركاء التجاريون الرئيسيون لكينيا هم إنجلترا واليابان وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا والعديد من دول الشرق الأوسط كمصر والإمارات ودول الخليج .
تحليل حجم الديون الخارجية في كينيا
وفقًا لتصريحات صندوق النقد الدولي بخصوص فرص كينيا الحالية للاقتراض، فإن البلاد تعاني من ديون مستحقة ومتراكمة تبلغ 53% من إجمالي ثروتها الوطنية، كما أنها تواجه مخاطر منخفضة الشدة، في وقت تواصل فيه تراكم الديون فإنّ التخفيضات المقررة في الميزانية، التي أعلنتها الخزانة العامة، من شأنها مساعدة الدولة في الحفاظ على استقرار العجز في الميزانية، بينما يؤدي غيابها إلى تفاقم العجز بسبب زيادة تسديد الديون ذات معدلات فائدة محلية مرتفعة والديون الخارجية الدولارية، ومن المتوقع أن يساهم قطاع السياحة والسفر في نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5.2 % في كل سنة إلى حوالي 314 مليار شلن خلال عام 2024.[1]
يعتبر عبء الدين العام في كينيا مرتفعًا ولكنه ليس مفرطًا، حيث يمثل كل من المكونات الخارجية والمحلية حوالي 34٪ من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2022، لكن هيكل الدين الخارجي يعني أن تكاليف الخدمة مرتفعة نسبيًا. وقد ارتفعت ضغوط الديون الخارجية في عام 2022، حيث أدى التشديد النقدي الأمريكي الصارم والحرب الروسية الأوكرانية إلى ارتفاع العائدات على سندات اليورو الستة النشطة في كينيا، والتي تبلغ قيمتها الإجمالية 7.1 مليار دولار أمريكي.
نما الاقتراض الخارجي بسرعة في الفترة 2013-2020، حيث خاضت الحكومة في سوق سندات اليورو، التي جذبتها شروط التمويل التنافسية، واقترضت 5 مليارات دولار أمريكي بشروط تجارية من الصين، على ثلاث شرائح، لتمويل خط سكة حديد قياسي جديد (SGR). قفز إجمالي الدين الخارجي من 10.2 مليار دولار أمريكي في عام 2013 (16.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي) إلى 34.8 مليار دولار أمريكي في عام 2020 (35.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي) ، وفقًا للبنك المركزي الكيني (CBK) ، بما في ذلك قفزة عشرة أضعاف في الاقتراض التجاري (إلى 10.4 مليار دولار أمريكي) وبلغت القروض الخاصة بمشروع SGR حوالي 4.7 مليار دولار حصلت عليها كينيا من مصرف EXIM الصيني، وهي ليست قروض البنية التحتية الوحيدة في كينيا من الصين، فقد حصلت على 9.8 مليار دولار على الأقل بين عامي 2006 و2017، مما يجعل كينيا ثالث أكبر متلق للقروض الصينية في أفريقيا. ومع عجز مشروع خط سكة الحديد عن تحقيق الأرباح، ثمّة تحوّف كبير لدى الكينيين من عجز الدّولة عن تسديد القروض. وبالفعل تشعر كينيا بأزمة فخ الديون التي سببتها الصين.
شكل رقم (1) الديون الخارجية في كينيا خلال الفترة (2013 – 2022)
بليون دولار أمريكي
تغيرت ديناميكيات الديون في كينيا خلال الفترة 2020-2022 ، حيث تحولت كينيا إلى الاقتراض متعدد الأطراف الميسَّر من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي، للمساعدة في التعامل مع تأثير جائحة كوفيد 19. كما شرعت كينيا في برنامج صندوق النقد الدولي لمدة 38 شهرًا في أبريل 2021، ويستمر حتى منتصف عام 2024، مدعومًا بتمويل بقيمة 2.34 مليار دولار أمريكي، موجه نحو تعزيز إدارة المالية العامة والديون. وانخفض عجز الميزانية من 7.8٪ من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2020/21 (يوليو – يونيو) إلى 7.3٪ من الناتج المحلي الإجمالي في 2021/2022 (يوليو – يونيو).
شكل رقم (2) عائد سندات اليورو في كينيا (%)
كانت إحدى نتائج سندات اليورو لعام 2022 هي التآكل المطرد لاحتياطيات النقد الأجنبي في كينيا، من 8.9 مليار دولار أمريكي في يناير 2022 (5.3 أشهر من تغطية الواردات) إلى 7.5 مليار دولار أمريكي في نوفمبر (4.2 أشهر من تغطية الواردات) ، قبل ارتفاع مؤقت في ديسمبر إلى 8 مليارات دولار أمريكي (3.9 أشهر من الاستيراد في نهاية عام 2022). وينبع التحسن في ديسمبر من صرف شريحة خامسة من برنامج صندوق النقد الدولي، بقيمة 447 مليون دولار أمريكي، بما في ذلك مبلغ إضافي قدره 216 مليون دولار للمساعدة في تخفيف قيود التمويل الحالية.
شكل رقم (3) الاحتياطي من النقد الأجنبي وسعر الصرف في كينيا
تحولت الحكومة الكينية إلى خيارات تمويل أخرى في عام 2023 للتعامل مع المخاطر الحالية والمستقبلية، وذلك لتعزيز احتياطيات النقد الأجنبي. وارتفع دعم ميزانية البنك الدولي، الذي بلغ 750 مليون دولار في أبريل 2022، مليار دولار في عام 2023.
شكل رقم (4) الدين العام في كينيا خلال الفترة (2013 – 2022)
بليون دولار أمريكي
يشكل الدين المحلي، المدعوم بالنظام المصرفي المتطور نسبيًا وأسواق رأس المال في كينيا جزءًا أساسيًا من التمويل الحكومي. فقد ظل الدين المحلي بنفس حجم الدين الخارجي تقريبًا منذ عام 2014، حيث ارتفع كل منهما بنفس الوتيرة. وتماشيًا مع مسار الدين الخارجي، بلغ إجمالي الدين العام ذروته في عام 2020 عند 68٪ من الناتج المحلي الإجمالي (وفقًا لبيانات بنك كينيا المركزي)، قبل أن ينخفض قليلًا في عام 2021.
إن التزام الحكومة بضبط أوضاع المالية العامة، مصحوبًا بدعم مالي قوي من الوكالات المتعددة الأطراف، يُقرِّب كينيا من تحقيق مسار مستدام للميزانية والديون. ومع ذلك، ستكون هناك مطبات على الطريق، بما في ذلك النقص الحالي في النقد الأجنبي – الذي يعيق العمليات التجارية – وأزمة سداد سندات اليورو في عام 2024. ومن العيوب الأخرى لتشديد السياسة المالية على الأعمال التجارية تشديد القواعد الضريبية وانخفاض الإنفاق الحكومي على السلع والخدمات.
أهم المشروعات والمبادرات في كينيا وتفاقم حجم الديون
تعد السوق الكينية سوقًا استثمارية واعدة تشكل خيارًا ملائمًا ومجزيًا للاستثمارات في قطاعات عديدة منها قطاعات الزراعة والبنية التحتية والسياحة والطاقة، وغيرها من القطاعات الصناعية الأخرى، كما أن عضوية كينيا في تجمع دول شرق أفريقيا (اياك) والسوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا (كوميسا) يفتح آفاقًا استثمارية واسعة لمجتمع الأعمال في منطقة الشرق الأوسط ومنطقة الخليج والعالم، خاصّة مع ما شهدته كينيا مؤخرًا في قطاع الاستثمار من إصلاحات هيكلية شملت تحديث القطاع المالي وتطوير البورصة وإنشاء هيئة الاستثمار الكينية لمساعدة المستثمرين في مسائل تراخيص العمل والاستحواذ على الأراضي وتأسيس المكاتب والمصانع، الأمر الذي جعل مجلة فوربس مؤخرًا تضع كينيا في المرتبة السابعة كأفضل وجهات الاستثمار العالمية. ويعد ميناء مومباسا أحد عوامل الجذب الاستثماري من الدول الأفريقية المجاورة لكينيا، وكذلك من دول أخرى عديدة .
عززت مبادرة الحزام والطريق العلاقات بين الصين وكينيا من خلال تحفيز التنمية. حيث إن كينيا هي إحدى الدول الأفريقية التي نفذت بنجاح برامج مبادرة الحزام والطريق بدعم من الحكومة الصينية. فهناك علاقة ازدهرت على مدار الستين عامًا الماضية يوجد خط السكة الحديد القياسي، الذي يبلغ طوله حوالي 600 كيلومتر. وبرامج البنية التحتية للطرق التي شهدت ما يقرب من 2000 كيلومتر[2].
إن كينيا قامت بمواءمة برنامجها التنموي، رؤية 2030، مع برامج شركاء التنمية مثل الصين، الأمر الذي مكَّن البلاد من دمج مبادرات مثل مبادرة الحزام والطريق، إن المبادرات الصينية المختلفة، مثل مبادرة الحزام والطريق، ومبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية، تجسد رؤية الصين لتعزيز التنمية العالمية الشاملة والجامعة والمستدامة. كما أن كينيا تحدد القيم المشتركة مع الصين وتدعم المبادرات العالمية المقترحة من قبل الصين وتشارك فيها بنشاط.[3]
ويأتي المشروع الذي وقّعته الصين مع كينيا، والذي يقوم بشكل أساسي على ربط ميناء مومباسا بالعاصمة نيروبي، كجزء من الاستراتيجيّة الصينيّة المدروسة لتعزيز الوجود الصيني السياسي والاقتصادي في تلك الدّول. وترتفع أصوات كثيرة منتقدة الدّور الصيني، متهمة الصين بأنها تستثمر في مشروعات البنية التحتية، في الدول النامية في مقابل موارد الطاقة، وفي مقابل مزايا تجارية لبضائعها إذ تسعى من خلال بناء سكك الحديد إلى فتح أسواق جديدة لتسهيل نقل بضائعها داخل هذه البلدان التي قد تقلل سوء حالة البنية التحتية فيها من قدرتها على الاستيراد.
للوهلة الأولى تبدو مشروعات السكك الحديدية بأنها ضرورية ومفيدة لتسهيل حركة الأشخاص والبضائع حول العالم، ما يمكن أن يعزز نشاط السوق ويدفع بالتنمية الاقتصادية، لكن بالنسبة للصين، فإن الأمر يتجاوز ذلك لتصبح “دبلوماسية السكك الحديدية” آلية رئيسية تستخدمها بكين لتطوير البنية التحتية للسكك الحديدية في جميع أنحاء العالم، لتمنح الصين فرصة فريدة لتعزيز علاقاتها الإقليمية وجني فوائد اقتصادية وسياسية في آن.
وقد أُثيرت مخاوف كثيرة حول فقدان كينيا لملكيّة ميناء مومباسا في حال عجزها عن سداد القرض الصيني، وقد طالب ناشطون في كينيا الحكومة بإعلان شروط القروض الصينية المستخدمة في إقامة خط سكة الحديد. فيما أوضح وزير الخزانة أوكور ياتاني في بيان أنه “لا يوجد أي خطر على الإطلاق من الصين أو أي بلد آخر في الاستيلاء على ميناء مومباسا”، وأن الحكومة “لا يمكنها ولم تقم مطلقًا برهن الأصول العامة ضماناً لدين ما، لأن مثل هذا الإجراء لن ينتهك فقط الشروط الموضحة في القرض الحالي الخاص بالاتفاقات الثنائية المبرمة مع الدائنين الآخرين، ولكن الأهم من ذلك، لأن كينيا تعامل جميع دائنيها على قدم المساواة. ويزداد التخوّف من العجز عن دفع القروض وسط عجز المشروع عن تحقيق الأرباح وارتفاع تكلفة تشغيله. فقد أعرب أصحاب البضائع والمستوردون والمشرعون عن مخاوفهم بشأن التكاليف والتعريفات الإضافية بالإضافة إلى رسوم الشحن، بما في ذلك رسوم نقل الحاويات في مستودع الحاويات الداخلية، وتكاليف التخزين ومعدلات النقل إلى الوجهة النهائية، لقد أوصوا بأن تعيد الحكومة التفاوض بشأن اتفاقية تشغيل سكة الحديد، من خلال التخطيط لخفض تكاليف التشغيل بنسبة لا تقل عن 50٪، وقد اضطر مشغلو سكة الحديد إلى إيقاف خدمة الركاب لمدة ثلاثة أشهر تقريبًا بسبب المخاوف من الانتشار المحتمل للوباء.
- أصدرت المحكمة العليا في كينيا قرارًا بإلغاء عقدًا بقيمة 3.2 مليار دولار أمريكي كان مخصصًا لبناء خط سكة الحديد القياسيّة.
- وصفت المحكمة المشروع بأنه “غير قانوني”، مشيرة إلى أن السكك الحديدية الكينية التي تديرها الدولة فشلت في الامتثال لقانون البلاد في شراء سكك الحديد.
- نقلت Singapore Post عن دراسة نشرتها جامعة John Hopkins أنه بين عامي 2000 و2019 وقعت الصين 1,141 تعهدًا بقيمة 153 مليار دولار مع الحكومات الأفريقيّة التي وجدت نفسها عاجزة عن سداد هذه القروض الضخمة للصين التي فاقم الوباء من أعبائها وتداعياتها على الدول الأفريقيّة الفقيرة، نتيجة لذلك اتجهت تلك الأخيرة إلى تعليق تلك المشروعات المثيرة للجدل مع الصين أو إلغائها.
- معظم المشروعات الصينية التي يتم إلغاؤها في أفريقيا هي جزء من مبادرة الحزام والطريق الطموحة في بكين وهذا ما يقلق السلطات الصينية بالتحديد.
تعد الصين حالياً ثاني أكبر دائني كينيا بعد البنك الدولي؛ حيث تشكل القروض الصينية نسبة 67% من ديون كينيا، ووصل إجمالي ديونها إلى 82 مليار دولار، أي نحو ثلاثة أرباع الناتج المحلي الإجمالي. ومع تزايد أقساط ديونها، تقل الأموال المتبقية لأغراض أخرى، كالرعاية الصحية والأمن. وما إن أمسك وليام روتو بمقاليد الحكم حتى كشف عن ثلاثة أجزاء من القرض الصيني، وكانت أعلى محكمة في كينيا قد قضت ببطلان هذا القرض بسبب إبرامه بدون إجراء مناقصة تنافسية. وتنص وثائق القرض على الالتزام بسرية الشروط المتفق عليها. وطلبت حكومة كينيا من مقرضيها الصينيين تمديد فترة السداد 30 سنة أخرى لتسوية القرض الذي بلغ 5 مليارات دولار مع إضافة 1.4 مليار دولار لإنشاء مستودع الحاويات الداخلي في نيفاشا. كما أقرضت الصين كينيا 5 مليارات دولار لإنجاز مشروع البنية التحتية الأعلى تكلفة في البلاد منذ استقلالها، وهو خط القطار الرابط منذ العام 2017 بين مدينة مومباسا الساحلية ومدينة نيفاشا في وادي “ريفت”، عبر العاصمة نيروبي.[4]
كما طرح الجانب الأوروبي استراتيجية بديلة لمشروع الحزام والطريق، بل الأهم قام بتعزيز علاقته باليابان في مجال المواصلات والطاقة ومشروعات البنية التحتية الرقمية، وهو ما تنظر إليه بكين باعتباره محاولة لتطويقها والضغط عليها لتقديم تنازلات للأوروبيين؛ حيث إنه من السمات المهمة للتجارة الثنائية في حقبة ما بعد انضمام الصين لمنظمة التجارة العالمية قدرتها المستمرة في الحفاظ على فائض تجاري مع الاتحاد الأوروبي، فخلال الفترة ( 2000 – 2018 ) زاد العجز التجاري بين الاتحاد الأوروبي والصين من 49 مليار دولار إلى 300 مليار دولار أي ما يعادل تقريبًا 2 % من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي. إن مصدر الانزعاج الأوروبي يكمن فقط في الفائض التجاري الصيني، لكن الأهم التحول الجاري في الاقتصاد الصيني مقارنة بالاقتصاد الأوروبي، الذي يمكن اكتشافه من تحليل طبيعة الفائض التجاري.[5]
وقَّعت كينيا والاتحاد الأوروبي، اتفاقية شراكة اقتصادية تم التفاوض عليها منذ فترة طويلة، ويضمن هذا الاتفاق وصول المنتجات الكينية إلى السوق الأوروبية معفاة من الرسوم الجمركية ومن الحصص وتخفيضات جمركية على المنتجات الأوروبية المتجهة إلى الدولة الواقعة في شرق أفريقيا، وتشمل الاتفاقات تعهدًا بقيمة 200 مليون دولار من بنك الاستثمار الأوروبي لمساعدة بنك التجارة والتنمية، الذي تديره عدة دول أفريقية، ودعم الشركات في شرق وجنوب أفريقيا المتضررة من الحرب في أوكرانيا. فقد أصبحت أفريقيا ساحة مواجهة دبلوماسية بين روسيا والغرب منذ غزو أوكرانيا، مع اتخاذ الاتحاد الأوروبي أيضًا خطوات في مواجهة مبادرة الحزام والطريق الصينية لتمويل مشروعات بنى تحتية في الدول النامية.
ويضاف إلى ذلك مبادرة جلوبال جيتواي (Global Gateway) للاتحاد الأوروبي، والتي تسعى إلى حشد ما يصل إلى 340 مليار دولار لدعم مشروعات بنى تحتية عامة وخاصة في أنحاء العالم بحلول 2027. يعتبر الاتحاد الأوروبي حاليًّا أكبر وجهة تصدير للمنتجات الكينية بما فيها الزهور حيث يشكل الاتحاد الأوروبي وجهةً لأكثر من 20 % من صادرات كينيا. وإن أكثر من 70 % من الزهور المقطوفة في كينيا متجهة إلى أوروبا، وهي في أغلبها منتجات زراعية مثل الفواكه والخضار، إلى جانب الشاي والقهوة. وثالث أكبر موّرد للسلع إلى كينيا وفرنسا تساهم بمبلغ 30 مليون يورو (32 مليون دولار) لبناء ثماني منشآت رياضية في كينيا. وكان إجمالي التبادلات التجارية بين كينيا والاتحاد الأوروبي بلغ 3,3 مليارات يورو عام 2022، محققًا ارتفاعًا بنسبة 27 % منذ عام 2018. [6]
وختامًا فقد تتزايد الديون في كينيا 2024 عندما يتعين على البلاد سداد سندات يوروبوند بقيمة 2 مليار دولار أمريكي، كما أن الحكومة الكينية واجهت احتجاجات عنيفة بسبب خطط لزيادة الضرائب لسداد الديون، مما أدى إلى تراجع الحكومة عن هذه الخطط، في ظل ما أعلنه الرئيس ويليام روتو أن البلاد ستضطر للاقتراض أكثر بعد رفض مشروع قانون المالية الذي كان سيرفع الضرائب.
الهوامش
[1] Trading economics: Kenya indicators
[2] Overview of Kenya–China bilateral trade – ODI
[3] Foreign Policy Research Institute
[4] Mercator Institute for China Studies (MERICS): China-Kenya relations Economic benefits set against regional risks
[5] EU-China Relations factsheet
www.eeas.europa.eu/eeas/eu-china
[5] Kenya-China diplomatic relations enter a new cycle
[5] Kenya China Relations: Portrait of Economic Cooperation
[6] The World Bank: Kenya and European Union Relations