تحدث الباحث المتخصص في منطقة القرن الأفريقي، عبدالقادر علي، عن الوضع في الصومال، وتحركات الحكومة وإجراءاتها ضد حركة الشباب.
وقال إن الحكومة الصومالية تخوض حربًا ضارية ضد حركة الشباب التي تراجعت في أكثر من منطقة بسبب انخراط العشائر الصومالية في مواجهة الشباب بجانب الحكومة الصومالية .
وتطرق الباحث المتخصص في منطقة القرن الأفريقي، في تصريحات له للحديث عن فائدة هذا الانخراط وما هي محاذيره وماذا ينبغي على الحكومة الصومالية فعله لتجنب عواقب تلك المحاذير.
وأشار إلى أن الحرب الشاملة التي أعلنها الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، على حركة الشباب بدأت منذ مطلع رئاسته الصيف الماضي، حيث وضع الحركة على رأس أجندته واتخذ في سبيل ذلك عدة خطوات داخليا وخارجيا، حيث استضافت مقديشو قمة أمنية إقليمية ضمت الصومال وكينيا وأثيوبيا وجيبوتي.
وأضاف أن ما منح حملة الرئيس الصومالي زخما كبيرا هو انخراج القبائل الصومالية إلى جانب الحكومة في مواجهة الحركة وبالتالي تفكيك تحالفاتها وتكوين قوات محلية تسمى معاويسلي، وهو سيناريو يذكِّر بظاهرة الصحوات في العراق.
تحول في المواقف
حول سبب تحول مواقف بعض القبائل من حركة الشباب، لفت عبدالقادر علي، إلى أن ذلك يرجع لعدة عوامل منها فشل الحركة في محاولة تنشيط خلاياها في إثيوبيا الصيف الماضي، وهو ما يبدو أنه انعكس بشكل إيجابي على الصوماليين، وعلى الطرف الآخر من الحدود وكذلك اليقين بقدرة المجتمع على كسر حركة الشباب، بجانب هذا تركت العمليات التفجيرية التي قامت بها الحركة أثرا سلبيا في نفوس الصوماليين باعتبارها عمليات دامية أشعرت الصوماليين أن الحركة تجاوزت الخطوط.
وأضاف أنه يمكن الحديث عن الإجرءات العقابية التي اتخذتها الحركة ضد بعض المجموعات المتعاونة مع الحكومة، مثل تهجير المدنيين وردم الآبار المائية وحرق القرى، ما ترك أثرا سلبيا لسكان تلك المناطق.
وتابع : “بجانب هذا يمكن الحديث عن الضرائب التي فرضتها الحركة على المواطنين في مناطق سيطرتها، وبالنظر إلى الوضع الاقتصادي فإن هذا النوع أسهم في زيادة الأثر السلبي على الحركة، وأسهم هذا التحول في موقف بعض القبائل الصومالية في تعديل موازين القوى وفي تقدم القوات النظامية وتراجع حركة الشباب، والإجابة عن السؤال ترجع إلى أن تفكيك التحالف الذي كان قائما بين الحركة وبعض القبائل والقائم على تقديم القبول بالسلطة الموجودة مقابل الأمان، فأدى تفكيك هذا التحالف إلى أن تفقد الحركة الملاذات الآمنة التي كانت تلجأ إليها وبالتالي منح ذلك، فعالية أكبر للقوات النظامية”.
وأشار إلى أنه من المميزات التي تتلقاها القوات المحلية الدعم المحلي من أبناء المنطقة التي يقاتلون فيها، وبالتالي يقاتلون بين أهلهم أو بالقرب منهم وكذلك يتمتع المقاتلون بالمعرفة التامة بجغرافيا المنطقة وميدان المعارك وأكثر فهما لأدوات السياسة المحلية في مجتمع له خصوصياته، مبينا أن الكلفة التشغيلية للقوات المحلية تظل أخف وطأة من تشغيل القوات النظامية.
محاذير الاعتماد على القوات العشائرية
وتحدث عبدالقادر عن بعض المحاذير من الاعتماد على القوات العشائرية والتي تثير القلق، ومن أهمها أن هذا النوع من التحالف بين الحكومة المركزية وبعض القبائل يزيد من انخراط القبائل في الحياة السياسية، وبجانب ذلك لا يستبعد حدوث خلافات عشائرية مسلحة ناتجة عن المنافسات المحلية وهذا سيؤدي لتعقيد الهجوم على الحركة وفي حال نجح هذا الهجوم واستطاعت الحكومة تحييد الحركة فهذا الاحتمال قائم في مرحلة لاحقة، يمكن أن تظهر خلافات تتحول لمواجهات مسلحة، وبالتالي من الممكن أن تخرج الأمور عن سيطرة الحكومة.
ولفت إلى أن مثل هذه الحالة من الاضطرابات قد تهيئ الأرضية لدخول الشباب وتسربهم إلى المناطق التي انسحبوا منها أيضا بالحديث عن الشباب فإن الاعتماد على العشائر قد يفتح الباب لاحقا لمحاولة الحركة استمالة القادة العشائريين، وبالتالي قد يؤدي لضرب التحالف الحكومي العشائري، وقد تلجأ الحركة إلى استراتيجية عزل الميليشيات المحلية والتعامل مع كل ميليشيا على حدى، ما سيؤدي في النهاية إلى نفس النتيجة وقلب الطاولة على الحكومة وإعادة إنتاج الوضع السابق وبالتالي السؤال هنا ما الذي يمكن أن تفعله الحكومة لتجنب ذلك ؟
وتابع : “الامتحان أمام الحكومة يتطلب وضع استراتيجية مستقبلية لاحتواء العشائر وتطوير قدرات الجيش النظامي ليتمكن من فرض سيطرته على المناطق المنتزعة من الشباب بما يؤدي إلى قدر من السلام المستدام”.