قال ويتني شنايدمان، مساعد وزير الخارجية الأمريكية للشؤون الأفريقية سابقًا، إن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تواجه أسئلة ملحة حول العلاقات الأمريكية الأفريقية، في ظل توجه من ترامب لخفض أو وقف المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة الأمريكية للدول الأفريقية والمبادرات التنموية في القارة.

وأضاف شنايدمان في مقال نشره موقع مؤسسة بروكينجز البحثية الأمريكية تحت عنوان “الكونجرس وأفريقيا وترامب: ماذا يحمل المستقبل؟“، أنه مع تولي الرئيس المنتخب منصبه، فإن القرارات المتخذة حول تمديد قانون النمو والفرص في أفريقيا (قانون أجوا)، وما إذا كان سيتم إعادة تمويل خطة بيبفار (للإغاثة من مرض الإيدز)، ستكون بمثابة مؤشرات مهمة لنهج إدارة ترامب في العلاقات الأمريكية الأفريقية.

وأكد أنه عندما تم إقرار قانون النمو والفرص في أفريقيا (أجوا) ليصبح قانونًا في عهد الرئيس بيل كلينتون في عام 2000، كان ذلك أكثر من مجرد رفع لمستوى التجارة والاستثمار على أجندة السياسة الأمريكية الأفريقية، إلى دعم العلاقات البينية بين أمريكا ودول القارة، كما ساعد ذلك في صياغة إجماع بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونجرس على أن الولايات المتحدة لديها مصالح في أفريقيا تستحق الاستثمار فيها.

وأشار شنايدمان إلى أن هذا الإجماع استمر على مدى السنوات الأربع والعشرين الماضية وأدى إلى إنشاء مبادرات تاريخية مثل مبادرة الشراكة الأفريقية، وخطة الطوارئ لرئيس إدارة جورج دبليو بوش للإغاثة من مرض الإيدز (بيبفار)، وإقرار قانون البناء، الذي وقعه الرئيس دونالد ترامب، مما أدى إلى إنشاء مؤسسة تمويل التنمية الدولية الأمريكية (DFC)، وقد دعم هذا الإجماع أيضًا تقديم ما يقرب من 8 مليارات دولار من المساعدات التنموية، لأفريقيا، عبر وزارة الخارجية الأمريكية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، بين 2012 و 2022.

وأشار شنايدمان إلى أن السؤال الملح الآن، هل الإجماع بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي حول أهمية العلاقات الأمريكية الأفريقية سوف يستمر أم أننا سنشهد في 2025 تغييرًا لبعض التشريعات الخاصة بالقارة الأفريقية؟.

وقال: يبدو أن هناك دعمًا واسع النطاق لإعادة تفويض مؤسسة تمويل التنمية ، المقرر أن تنتهي صلاحيتها في 6 أكتوبر 2025، وبذلك ستكون قادرة على العمل لمدة سبع سنوات أخرى، وستتضاعف التزاماتها الطارئة إلى 120 مليار دولار، وسيتم زيادة عدد البلدان التي يمكن لمؤسسة تمويل التنمية أن تستثمر فيها.

وأشار شنايدمان إلى أنه في السنة المالية 2024، التزمت مؤسسة تمويل التنمية باستثمارات قياسية بقيمة 12 مليار دولار عبر 181 صفقة في 44 دولة. ومن المرجح أن تلعب المؤسسة دورا مهما في سياسة إدارة ترامب تجاه أفريقيا، والتي يتوقع المحللون أن تكون معاملات ومؤيدة للأعمال التجارية.

وأضاف أنه: في الواقع، في إدارة ترامب الأولى، سعى آدم بوهلر، الرئيس التنفيذي لمؤسسة تمويل التنمية آنذاك، إلى استثمار 5 مليارات دولار في المغرب و5 مليارات دولار أخرى في إثيوبيا. وعلى الرغم من عدم تحقيق كلا الهدفين، إلا أنهما يعكسان نهجًا قويًا للقطاع الخاص من المرجح أن يظهر مرة أخرى في الإدارة القادمة، التي تنظر إلى الاستثمارات الأمريكية من خلال رواد الأعمال والشركات كمحركات للتنمية وخلق فرص العمل وتوليد الثروة في أفريقيا والولايات المتحدة.

وأوضح شنايدمان أنه في ظل إدارة ترامب الثانية، من المتوقع أن تكون المعادن الحيوية أولوية رئيسية، نظرًا لتوقيع الرئيس ترامب على قانون الطاقة عام 2020، وقد وجه القانون وزير الطاقة لتطوير توقعات شاملة للمتطلبات المعدنية الحرجة المتوقعة للأمن القومي الأمريكي، وفي ديسمبر 2024، قدم عضوا مجلس الشيوخ الأمريكي كريس كونز (ديمقراطي من ولاية ديلاوير) وتود يونغ (جمهوري من ولاية إنديانا) تشريعات من الحزبين من شأنها تعزيز سلاسل توريد المعادن المهمة في أفريقيا وأماكن أخرى.

وتشير التقديرات إلى أن القارة تحتوي على نحو 30% من المعادن المهمة في العالم، ومع إنتاج جمهورية الكونغو الديمقراطية 70% من الكوبالت في العالم، فإن مبادرات مثل مشروع لوبيتو كوريدور من الممكن أن تتلقى أيضاً دعماً مستمراً.

وأكد شنايدمان أنه في ديسمبر 2024 بُذلت جهود متضافرة لتجديد قانون النمو والفرص في أفريقيا،. وفي إبريل الماضي تلقى الكونجرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي مشروع قانون من شأنه تجديد الاتفاقية التجارية لمدة 16 عاما، أي حتى 2041.

وأشار إلى أن إحدى القضايا التي من المرجح أن تثير جدلًا هي إعادة تقييم العلاقات مع جنوب أفريقيا، فبعض أعضاء مجلس الشيوخ يرون ضرورة صد تصرفات جنوب أفريقيا المستمرة التي تقوض الأمن القومي الأمريكي ومصالح السياسة الخارجية الأمريكية، وسيتعين على أعضاء الكونجرس أن يوازنوا بين إجراءات السياسة الخارجية لجنوب أفريقيا وحقيقة أن تعد البلاد أقوى ديمقراطية في القارة وأكثر اقتصاد صناعي، وهي الرئيس القادم لمجموعة العشرين، وتوفر ما يقرب من 100٪ من الكروم الذي تستورده الولايات المتحدة وأكثر من 25٪ من متطلبات الولايات المتحدة من المنجنيز والتيتانيوم والبلاتين.

وأضاف أن التحدي الآخر الذي يواجه قانون النمو والفرص في أفريقيا (أجوا) هو ما إذا كان برنامج الأفضليات كافيًا لتمكين الولايات المتحدة من التنافس بفعالية مع الصين، أم لا؟، موضحًا أنه في عام 2023، بلغ حجم التجارة البينية بين الولايات المتحدة وأفريقيا 67.5 مليار دولار، في حين بلغ حجم التجارة البينية للصين أكثر من أربعة أضعاف ليصل إلى 282.1 مليار دولار. وقد بلغ متوسط الواردات غير النفطية بموجب قانون النمو والفرص في أفريقيا 4.3 مليار دولار بين عامي 2018 و2022، وهو ما يمثل يمثل ما يزيد قليلاً عن عُشر إجمالي واردات الولايات المتحدة من المنطقة.

وأكد أنه لتعزيز الوجود الأمريكي في السوق الأفريقية، يمكن للكونجرس أن يقدم حوافز ضريبية للشركات الأمريكية للاستثمار في مشاريع القيمة ال