العيد في أفريقيا.. موسم الأناقة والبهجة

مارس 27, 2025

أماني ربيع
عيد الفطر عند المسلمين، هو مكافأة للصائمين بعد 30 يوما من العبادة والتقرب إلى الله في شهر رمضان، ويُطلق عليه أسماء عديدة مثل: “عيد الحلوى” و”عيد السكر” و”عيد السعادة”، ولكل بلد طقوسها في الاحتفال بهذه المناسبة الكريمة، وتشارك معظم دول أفريقيا في هذا الاحتفال الذي يستمر ثلاثة أيام.
يُحتفل بهذا الاحتفال الديني كعطلة رسمية في معظم أنحاء القارة، حيث يُشكل المسلمون 43.3% من سكان أفريقيا، وهو يومٌ للتواصل والفرح وتبادل الهدايا، وتعجّ الشوارع بالاحتفالات، بينما يرتدي الناس أزياءً أنيقةً في طريقهم لصلاة العيد وزيارة أحبائهم وأقاربهم.


موسم الخياطين في نيجيريا
في شمال نيجيريا التي تضم ثالث أكبر عدد من المسلمين بعد المغرب ومصر، يعرف عيد الفطر بـ “الصلاة” وهو وقتا احتفاليا لشكر الله، والتواصل مع الأصدقاء والعائلة ومشاركة الطعام والحلوى، وتذكر المحتاجين بالتبرع بالطعام والمال، وهو أيضا موسما مربحا للخياطين المحليين، حيث تبدأ النساء في النصف الثاني من رمضان في التخطيط لما سوف يرتدينه في عيد الفطر الذي يستمر لثلاثة أيام، حيث أوصى الرسول صل الله عليه وسلم المؤمنين بارتداء أجمل ملابسهم.
وفي مدينة أبوجا الواقعة في الجزء الشمالي من البلاد، يُشكل المسلمون أكثر من 50% من إجمالي عدد السكان، يقدم الخياطون والمصممون مجموعات أزياء مخصصة للعيد، كما يصممون أيضا الطلبات الخاصة للزبونات في الأسابيع التي تسبق العيد.
وتقليديا في هذه المنطقة، إذا كانت الفتاة غير متزوجة ولا تزال تعيش في منزل والدها، فمن واجب الأب شراء الأقمشة لها ولجميع أفراد الأسرة خلال الأسبوع الأول من رمضان، أما إذا كانت المرأة متزوجة، يقع هذا الواجب على عاتق الزوج.
على الرغم من أن التقاليد القديمة قد انفتحت هذه الأيام ويمكن للنساء الحصول على ملابس العيد المصممة خصيصًا أو الجاهزة في المحلات، فقد اعتاد العديد من المصممين المحليين في أبوجا على ازدحام الطلب على خدماتهم لخياطة ملابس العيد خلال شهر رمضان، بحسب موقع ” essence”.


أناقة عصرية ومحتشمة
تقول زينب صالحيجو من ولاية أداماوا، وهي المصممة الإبداعية لعلامة الملابس النسائية، “بينك فلور” ومقرها أبوجا: “أصنع نحو 200 زي في رمضان، وأصمم لمجموعة واسعة من النساء، وعندما أصمم الملابس أفكر في صنع فساتين تخدم أكثر من غرض واحد، مثلا: عليّ أن أفكر فيما إذا كانت المرأة المسلمة ستتمكن من الصلاة بهذه الملابس أثناء وجودها خارج المنزل”.
تحب عائشة أبو بكر صاحبة علامة “عائشة فالكي”، أن تصمم ملابس أنيقة وعصرية للمرأة المسلمة، تقول: “أنا من ولاية كانو في شمال نيجيريا، ومعظم النساء المسلمات اللاتي أعرفهن في هذه المنطقة يرتدين ملابس محتشمة لكن مع لمسة متميزة”.
وتضيف أبو بكر: “أحب تصميم الفساتين الطويلة الفضفاضة والقفاطين، وأقدم تصميمات نابضة بالحياة للنساء اللاتي يعشقن الألوان”، مشيرة إلى أن الطلب في كل عيد يتركز في الغالب على أنواع مختلفة من أقمشة الدانتيل والأقمشة المطبوعة.


ميت جالا المسلمين
في عام 2021، شاركت نيما جوب في مهرجان على الإنترنت باسم “ميت جالا المسلمين”، وذلك بعد انتهاء حفل ميت جالا الشهير في مدينة نيويورك الأمريكية والذي يعتبر أضخم مهرجان سنوي للموضة يحضره النجوم والمشاهير، وحصد وقتها، هاشتاج #eidoutfit و#muslimmetgala أكثر من 1.1 مليون مشاهدة على تيك توك، كان وقتها المسلمون يستعدون للعيد الذي هو وقت للعبادة والاحتفال.
تقول نيما جوب، من جامبيا في حديث لصحيفة “الجارديان” البريطانية: “لطالما كان العيد بالنسبة لي، مرتبطًا بالطعام قبل الموضة، حيث رائحة الطبخ التي تفوح عندما أصل إلى منزل أجدادي، وكنت أعدّ الأيام حتى أستمتع بطبق “بيناشين” المكون من أرز الجولوف المصنوع من الطماطم والتوابل، ويُقدّم مع اللحم والخضراوات، وهو الطبق الوطني في بلدي”.
وتضيف جوب: “عندما نضجت، أعاد الإنترنت اهتمامي بالجانب الأنيق من الاحتفال بالعيد، وعلى مدار السنوات الأخيرة، حضرتُ حفلي الخاص، مرتديةً ملابس أنيقة مع صديقاتي، ومررتُ على مطاعم فاخرة للاحتفال، ونفضل حضور العيد بالعباءات الملونة مع رسوم الحناء الرقيقة”.


تعبير عن الثقافة
واهتمت منشئات المحتوى من أصول أفريقية في الغرب بالتأكيد على تناغم الموضة مع الاحتفال بالعيد، حيث ينصحون المتابعات بارتداء أجمل ملابسهن ليصبحن مميزات في هذا اليوم السعيد، وتتذكر عائشة ديالو، التي تعيش في نيوريورك أنها شاركت في حفل ميت جالا الإسلامي رغبة منها في أن يدرك الجميع مدى تأنق المسلمين في مناسباتهم بالخاصة، تقول:
“ليس كل يوم تتاح الفرصة لارتداء شيء باهظ الثمن للتعبير عن ثقافتنا، خاصةً إذا كنا نعيش في الغرب”.
وتضيف عائشة: “بصفتي من عائلة أفريقية من غينيا، فنحن نتميز بحيوية كبيرة في طريقة لباسنا، وأحاول دمج كل هذا في العيد، وعادةً ما أرتدي ثوبًا مصنوعًا من قماش يُسمى بازان، المعروف بصلابته ولمعانه النابض بالحياة”.
وتتابع ديالو: “هذا التوجه يجعل المسلمين أكثر ارتباطًا بالآخرين، أرى أشخاصًا غير مسلمين على تيك توك يُقيّمون الملابس، مما يزيد من الوعي بالدين ويتحدثون عن روعته”.
وبعيدًا عن عنصر الموضة، تواصل ديالو: ” العيد يعني الكثير، إنه وقت نجتمع فيه مع عائلاتنا وأصدقائنا وأحبائنا، أشخاص ربما لم نلتقِ بهم منذ زمن طويل، إنه وقتٌ للتواصل الاجتماعي، نتناول الطعام معًا، نصلي معًا، ونجتمع، حيث يغمر الحب كل من حولنا”.
تتذكر عائشة حماسة العيد في الطفولة، تقول: ” في الليلة التي تسبق العيد، كانت أمي تُعلق ملابسنا الجديدة، كان لا بد أن يكون كل شيء جديدًا تمامًا، لم يكن العيد كما هو الآن، فسحره يتلاشى مع التقدم في السن، لكن حفل ميت جالا الإسلامي أعاد إشعاله نوعًا ما، أعتقد أن هذا هو السبب الذي دفع الناس إلى بذل المزيد من الجهد في إظهار أناقتهم وثقافتهم”.


أناقة تقليدية في المغرب
ومن نيجيريا إلى المغرب حيث تنتعش سوق الملابس التقليدية في العيد بشكل خاص، حيث يحرص أهل المغرب على الظهور في مناسباتهم المختلفة بالملابس التقليدية التي تعكس هويتهم وثقافتهم، من جلابة، وجابادور، وقفطان، وطربوش، وكلها تمثل جانبا من التراث المغربي بأقمشتها الفاخرة وتطريزها المميز.
وخلال العشر الأواخر من رمضان تحرص السر المغربية على النزول لشراء الملابس الجديدة مفضلين الجلباب المغربي الفضفاض أو “الجابادور” التقليدي سواء للكبار أو الأطفال لأنهم يرون أن العيد مناسبة لها مكانة خاصة ولابد من الظهور فيها بأبهى حلة، وفي أقدامهم يرتدون الحذاء التقليدي “بلغة”، بينما تتباهى النساء خلال الزيارات في صباحات الأعياد بارتداء القفطان المغربي المميز بتطريزه الفاتن وألوانه الجميلة.
وفي موريتانيا يرتدي الرجال “الدراعة” التقليدية بلونها الأزرق الزاهي، بينما تحافظ المرأة الموريتانية على ارتداء “الملحفة” وهي قطعة كبيرة من القماش السادة أو الملون المنقوش، وتفضل الفتيات ارتداء ألوان زاهية ونقشات مليئة بالبهجة خلال الأعياد.


مذاق خاص للعيد في مصر
في مصر للعيد بهجة خاصة، وتتحضر له الأسر المصرية مع النصف الثاني من شهر رمضان، حيث تبدأ النساء في إعداد حلوى العيد من كحك وبسكوت وغيرها، وتنشط الأفران لتسوية صاجات الكعك اللذيذ، بينما تمتلئ الأسواق بالناس الذين يفدون بأعداد كبيرة لشراء ملابس العيد الجديدة.
وللأناقة في العيد بمصر مذاق مختلف، حيث يبدأ الاحتفال ليلة الوقفة، وتفضل الفتيات والنساء شراء ملابس بيتيه جديدة “بيجامات” مع عطور وإكسسوارات للشعر من أجل قضاء أمسية مختلفة مع الصديقات ليلة العيد تمتد إلى ما قبل صلاة العيد في الصباح، ويتنافسن في مشاركة صور ملابسهن الجديدة على الجروبات النسائية على مواقع التواصل المختلفة.
والبعض يفضل النزول لصلاة العيد بملابس خاصة بخلاف ملابس العيد المخصصة للنزهات، حيث يرتدي الرجال الجلباب المصري التقليدي وبخاصة باللون الأبيض، بينما ترتدي الفتيات والنساء إسدالات زاهية الألوان أو عباءات مطرزة، ونفس الشيء للأطفال، وعند تبادل الزيارات العائلية أو عند الخروج للنزهات في المساء يرتدي الجميع ملابس على أحدث موضة.