بقلم – د.أسماء الحريري
حاصلة على دكتوراة العلوم السياسية – كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة

  قامت الدولة المصرية ببناء الجمهورية الجديدة بكل عناصرها المعتمدة على العنصر البشري وتأهيله، وإنشاء المشروعات القومية، والتي ساعدت على رفعة شأن الإنسان المصري. وفي هذه الأثناء لم تنس الدولة أن تضع الخطة الاستراتيجية طويلة المدى لتحقيق مبادئ “التنمية المستدامة الشاملة” بحيث تعكس الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة (البعد الاقتصادي، والاجتماعي، والبيئي)، والتي تمثَّلت في رؤية مصر  2030. وقد تناول المقال الهدف السادس من تلك الرؤية والخاص بحوكمة مؤسسات الدولة والمجتمع، وخاصة الحوكمة في المنظمات غير الحكومية.

  • مفهوم الحوكمة أو الحكم الرشيد:

       زاد الاهتمام بمفهوم الحوكمة، وأصبحت من الركائز الأساسية التي يجب أن تقوم عليها الوحدات الاقتصادية، ولم يقتصر الأمر على ذلك؛ بل قامت الكثير من المنظمات والهيئات بتأكيد مزايا هذا المفهوم والحث على تطبيقه في الوحدات الاقتصادية المختلفة، مثل: لجنة كادبوري Cadbury Committee، والتي تم تشكيلها لوضع إطار لحوكمة عام 1992 في المملكة المتحدة، ومنظمة (OECD) التعاون الاقتصادي والتنمية، والتي قامت بوضع مبادئ حوكمة الشركات في (Calpers) عام 1999، وصندوق المعاشات العامة of Corporate Governance  في الولايات الولايات المتحدة الأمريكية، كذلك لجنة Blue Ribbon Committee    في المتحدة الأمريكية، والتي أصدرت مقترحًا عام 1999 م.[1]

مكونات الحكم الرشيد[2]:

  •     الدولة: التي توفر بيئة سياسية وإطارًا تشريعيًّا ملائمًا يسمح بالمشاركة.

  •   القطاع الخاص: الذي يوفر مناصب شغل، وكشريك في الإدارة .

• المجتمع المدني من أحزاب وجمعيات، ودورها في تسهيل تقاطع الفعل السياسي والاجتماعي عبر تعبئة الجماعات حتى تقوم بالمشاركة في الأنشطة.

 في  ظل تزايد وتنامي دور المنظمات غير الحكومية، كشريك ثلاثي في عملية التنمية الشاملة، يمكن تقييم هذه الأدوار من خلال الاستفادة من مؤشرات الحكم الرشيد ووضع المبادئ (المساءلة، الشفافية، الديموقراطية الداخلية) كمؤشرات لتقييم دور المنظومات باعتبارها من العوامل المهمة المؤثرة في قدرة هذه المنظمات على القيام بدورها. ويُلاحَظ أن المجتمع المدني يلعب دورًا ملموسًا وفاعلًا في تحقيق التنمية الشاملة، وأحداث التحول الديموقراطي من خلال العمل على غرس القيم وتعزيز الممارسات الديموقراطية في المجتمع، وتوفير البيئة الملائمة لتأسيس الحكم الرشيد.

     وبناء على ما سبق يمكن تعريف الحوكمة بأنها “مجموعة من القوانين والنظم والقرارات التى تهدف إلى تحقيق الجودة والتميز في الأداء الإداري عن طريق اختيار الأساليب المناسبة والفعالة لتحقيق خطط وأهداف أي عمل منظم سواء في وحدات القطاع الخاص أو في وحدات القطاع العام”.

مؤشرات الحوكمة:

قبل الحديث عن مؤشرات الحوكمة، هناك اتفاق على أن التطبيق الجيد لحوكمة المنظمات من عدمه يتوقف على مدى توافر ومستوى جودة مجموعتين من المحددات الخارجية والداخلية، ويمكن عرض هاتين المجموعتين من المحددات :

    •    المحددات الخارجية: تشير إلى المناخ العام للاستثمار في الدولة، والذي يشمل – على سبيل المثال – القوانين المنظمة للنشاط الاقتصادي، وكفاءة القطاع المالي، وكفاءة الأجهزة والهيئات الرقابية في إحكام الرقابة على جميع منظمات المجتمع، وترجع أهمية المحددات الخارجية إلى أن وجودها يضمن تنفيذ القوانين والقواعد التي تضمن حسن إدارة المنظمات، والتي تُقلل من التعارض بين العائد الاجتماعي، والعائد الخاص.

•  المحددات الداخلية: تشير إلى القواعد والأسس التي تحدد كيفية اتخاذ القرارات وتوزيع السلطات داخل المنظمة بين الجمعية العامة ومجلس الإدارة والمديرين التنفيذيين، والتي يؤدي توافرها من ناحية وتطبيقها من ناحية أخرى إلى تقليل التعارض بين مصالح هذه الأطراف الثلاثة .[3]

ومن ثَم تتمثل  مؤشرات الحوكمة في التالي:

  •  مشاركة المواطن ومؤسسات المجتمع في الشأن العام: أي أن يكون للأفراد رأي في صنع القرار سواء بطريقه مباشرة أو غير مباشرة (عن طريق مؤسسات الوساطة المشروعة) وهذه المشاركة تقتضي:
  • توافُر القوانين التي تضمن حرية تشكيل الجمعيات والأحزاب وحرية التعبير والمشاركة في الحياة العامة.
  • وجود أُطر ومؤسسات يمكن من خلالها المشاركة في الشأن العام.
  • الشفافية: الحق في الوصول إلى المعلومات والقدرة على الاطلاع على الموازنات ومراقبة مسار تنفيذ المشروعات والبرامج ذات العلاقة بالشأن العام. وتتحقق الشفافية من خلال الإعلان عن الأنشطة وأهدافها ومصادر تمويلها، فالشفافية هي أحد العناصر الرئيسية للحكم الرشيد، وتقوم على مبدأ عدم وجود أمور في الشأن العام تخفى عن المواطن، وبهذا فهي تعني الوضوح في الوظيفة وسير المعاملات.
  • وفي تعريف آخر للشفافية فإنها “تعني أن القرارات التي اتُّخذت، وكيفية تنفيذها، تتم بطريقة تتبع القواعد والأنظمة”.
  • المساءلة: تعني أن يكون متخذو القرار، في كل من الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، مسؤولين أمام الجمهور ودوائر محددة ذات علاقة. وكذلك أمام من يهمهم الأمر ولهم مصلحة في هذه المؤسسات، بل تمتد لتشمل القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، والتي يجب أن تكون مسؤولة أمام كافة الأطراف المشاركة في المجتمع.
  •  التوافق في الآراء: تعني أن الحوكمة تقتضي الوساطة بين المصالح المختلفة في المجتمع، من أجل التوصُّل إلى توافق آراء واسع النطاق على ما هو في مصلحة المجتمع وكيفية تحقيق ذلك، من أجل التنمية البشرية المستدامة، وكيفية تحقيق أهداف هذه التنمية.
  • الفاعلية والكفاءة: وهي تتحقق عند حسن استغلال الموارد البشرية والمالية والمادية من قِبل المؤسسات لتلبية الاحتياجات المحددة؛ حيث إنه من خلال التعرف على الاحتياجات عن طريق المشاركة، يجب على كل المؤسسات المعنية بالتخطيط أو التنفيذ الاستغلال الأمثل للموارد حتى يمكن الحصول على النتائج المرجوة.[4]

           وهذا يعني أن هذا المؤشر نتيجة لما سبق من المؤشرات، فعند تطبيق المشاركة والمساءلة والشفافية      والتوافق في الآراء تحدث الكفاءة والفعالية.

  • رؤية مصر 2030:

   رؤية مصر ٢٠٣٠ هي أجندة وطنية أُطلقت في فبراير ٢٠١٦ تعكس الخطة الاستراتيجية طويلة المدى للدولة لتحقيق مبادئ وأهداف التنمية المستدامة في كل المجالات، وتوطينها بأجهزة الدولة المصرية المختلفة. تستند رؤية مصر ٢٠٣٠ إلى مبادئ “التنمية المستدامة الشاملة” و”التنمية الإقليمية المتوازنة”، وتعكس رؤية مصر ٢٠٣٠ الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة: البعد الاقتصادي، والبعد الاجتماعي، والبعد البيئي.

 وإيمانًا بكون الاستراتيجيات وثائق حية، قررت مصر في مطلع عام ٢٠١٨ تحديث أجندتها للتنمية المستدامة بمشاركة كافة أصحاب المصلحة من شركاء التنمية، وذلك لمواكبة التغييرات التي طرأت على السياق المحلي والإقليمي والعالمي. واهتم الإصدار الثاني لرؤية مصر ٢٠٣٠ بأن تصبح رؤية ملهمة تشرح كيف ستخدم المساهمة المصرية الأجندة الأممية، وكيف سيخدم ذلك السياق العالمي. وتؤكد الرؤية المُحدثة على تناول وتداخل كل القضايا من منظور الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة: البيئي والاقتصادي والاجتماعي، فهي رؤية شاملة ومتسقة تتكون من استراتيجيات قطاعية للجهات الحكومية المختلفة. وتستعرض الدراسة أهداف رؤية مصر 2030 علمًا بأن تركيز الدراسة على الهدف السادس وهو حوكمة المجتمع المدني.

  • الهدف الأول:

           جودة الحياة: الارتقاء بجودة حياة المواطن المصري وتحسين مستوى معيشته. يتحقق الارتقاء بجودة حياة المواطن المصري وتحسين مستوى معيشته بالحد من الفقر بجميع أشكاله، والقضاء على الجوع، وتوفير منظومة متكاملة للحماية الاجتماعية، وإتاحة التعليم وضمان جودته وجودة الخدمات الصحية، وإتاحة الخدمات الأساسية، وتحسين البنية التحتية، والارتقاء بالمظهر الحضاري، وضبط النمو السكاني، وإثراء الحياة الثقافية، وتطوير البنية التحتية الرقمية.

  • الهدف الثاني:

          عدالة واندماج: العدالة والاندماج الاجتماعي والمشاركة. تسعى الأجندة الوطنية إلى تحقيق العدالة من خلال تحقيق المساواة في الحقوق والفرص، وتوفير الموارد في كل المناطق الجغرافية، في الريف والحضر على حد سواء، وتعزيز الشمول المالي، وتمكين المرأة والشباب والفئات الأكثر احتياجًا، ودعم مشاركة كل الفئات في التنمية، وتعزيز روح الولاء والانتماء للهُوية المصرية.

  • الهدف الثالث:

    اقتصاد قوي: اقتصاد تنافسي ومتنوع تعمل مصر على تحقيق نمو اقتصادي قائم على المعرفة كما تعمل على تحقيق التحول الرقمي ورفع درجة مرونة وتنافسية الاقتصاد، وزيادة معدلات التشغيل وفرص العمل اللائق وتحسين بيئة الأعمال وتعزيز ثقافة ريادة الأعمال، كما تسعى إلى تحقيق الشمول المالي وإدراج البعد البيئي والاجتماعي في التنمية الاقتصادية.

  • الهدف الرابع:  

معرفة وابتكار: المعرفة والابتكار والبحث العلمي. تتخذ مصر المعرفة والابتكار والبحث العلمي ركائز أساسية للتنمية، وذلك من خلال الاستثمار في البشر وبناء قدراتهم الإبداعية والتحفيز على الابتكار ونشر ثقافته ودعم البحث العلمي وربطه بالتعليم والتنمية.

  •  الهدف الخامس:

 الاستدامة البيئية: نظام بيئي متكامل ومستدام. نسعى إلى الحفاظ على التنمية والبيئة معًا من خلال الاستخدام الرشيد للموارد بما يحفظ حقوق الأجيال القادمة في مستقبل أكثر أمنًا وكفاية، ويتحقق ذلك بمواجهة الآثار المترتبة على التغيرات المناخية، وتعزيز قدرة الأنظمة البيئية على التكيف والقدرة على مواجهة المخاطر والكوارث الطبيعية، وزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة، وتبني أنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامة.

  • الهدف السادس:

الحوكمة: حوكمة مؤسسات الدولة والمجتمع. تحقق حوكمة مؤسسات الدولة والمجتمع الكفاءة والفاعلية لأجهزة الدولة الرسمية ومؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني؛ لذا فرؤية مصر للمستقبل تضع الحوكمة والالتزام بالقوانين والقواعد والإجراءات في ظل سيادة القانون وإطار مؤسسي ضرورة لتحقيق الشفافية والمساءلة ومحاربة الفساد.

  • الهدف السابع:

 السلام والأمن المصري: تضع الدولة أولوية قصوى للأمن بمفهومه الشامل على المستويين الوطني والإقليمي كضرورة حتمية لتحقيق التنمية المستدامة والحفاظ عليها، ويتضمن ذلك ضمان الأمن الغذائي والمائي، وأمن الطاقة المستدام والاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والبيئي والأمن المعلوماتي (السيبراني) وتأمين الحدود المصرية ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.

  • الهدف الثامن:

المكانة الريادية: تعزيز الريادة المصرية حرصت الأجندة الوطنية على ارتباط أهدافها التنموية بالأهداف الدولية من جهة، وبالأجندة الإقليمية من جهة أخرى، لا سيما أجندة أفريقيا ٢٠٦٣ فبعد النجاح في استعادة الاستقرار أصبح هدف تعزيز مكانة مصر وريادتها على المستويين الإقليمي والدولي ضرورة لدفع عجلة التنمية الشاملة، ويتحقق ذلك من خلال العديد من الآليات من ضمنها دعم تعزيز الشراكات إقليميًا ودوليًا.[5]

تطبيق مؤشرات الحوكمة على المجتمع المدني في مصر:

  •  المؤشر الأول: مشاركة المواطن ومؤسسات المجتمع في الشأن العام. بخصوص هذا المؤشر لا يوجد لدينا أقوى من الحوار الوطني كدليل على مشاركة المواطن ومؤسسات المجتمع، وعلى رأسها المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية في الشأن العام؛ فالمجتمع المدني هو مرآة عاكسه للمجتمع المصري، تلك النتيجة يجب أخذها في الاعتبار عند النظر لموقع المجتمع المدني والتنظيمات الأهلية من الحوار الوطني، وأيضًا عند النظر لخريطة مكوناته وتباين الوزن النسبي لفاعلية تنظيماته وحجم إسهامها الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، ومردوها السياسي، وارتباطها بالنخب السياسية والاجتماعية. وهو ما تجلى بوضوح في إعلان رئيس الجمهورية عام 2022 عامًا للمجتمع المدني، وإطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وإعادة تشكيل المجلس القومي لحقوق الإنسان، ومن قبل إصدار القانون الجديد 149 لعام 2019 ولائحته التنفيذية، وتنامي الخطاب الرسمي الداعم للنهج التشاركي في مجالات التنمية، وخاصة المبادرات الرئاسية المتعلقة بحياة كريمة (تنمية القرية المصرية وتنمية الأسرة المصرية وغيرها). [6]
  • المؤشر الثاني: الشفافية، ينطبق هذا المؤشر في تطبيق فعاليات قانون المنظمات الأهلية، من حيث إلزام الجمعيات بالإعلان عن مصادر التمويل، وتوضيح الميزانيات السنوية لهذه المنظمات، واشتراط الشفافية لاستكمال الإجراءات، والحصول على بعض المزايا النسبية من قِبل الدولة ووزارة التضامن تطبيقًا لأحد مبادئ الحوكمة وهو الشفافية. وهو ما تؤكده المادة رقم 28 في القانون رقم 149 لعام 2019 على التزام الجمعية بالشفافية والعلانية والإفصاح وبإعلان مصادر تمويلها وأسماء أعضائها وميزانيتها السنوية وأنشتطها. وتلتزم بنشر ذلك داخل مقرات الجمعية وعلى موقعها الإلكتروني وغيره من وسائل النشر الأخرى. كما تتضمن المادة التزام الجمعية باتباع قواعد الحوكمة والإدارة الرشيدة، وأن يكون لدى الجمعية لائحة داخلية تتضمن أبوابًا لكل من المشتريات والشئون المالية والموارد البشرية والجزاءات، وأن يكون لديها مدونة سلوك وظيفي وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون قواعد الحوكمة التي يتعين على الجمعية الالتزام بها. [7]
  • الموشر الثالث: المساءلة، وهو متابعة عمل هذه المنظمات من الناحية الإدارية والفنية حتى لا يوجد مخالفات، وتطبيق هذا المؤشر يتطلب المتابعة والتنفيذ لبنود القانون دون إخلال به. ويمكننا القول بأن تصريح الرئيس السيسي، باعتباره رأس السلطة التنفيذية وما تبعه من خطوات إصلاحية تشاركية مع الأطراف المعنية والخبراء بهدف الوصول إلى صيغة توافقية – إلى حد كبير – حول مشروع قانون ينظم ممارسة العمل الأهلي، وتبني المؤسسة التشريعية مشروع قانون قائم على فلسفة تؤكد على الدور الرائد والملموس لمنظمات المجتمع المدني المختلفة كشريك للدولة في تحقيق خطط وأهداف التنمية المستدامة، لاقى استحسان نسبة كبيرة من الجمعيات الأهلية. [8]
  • المؤشر الرابع: التوافق في الآراء، فقد تم اشتراك كافة المنظمات في الحوار الوطني الذي دعت له الدولة من أجل الوصول لهذا التوافق في الرأي من أجل مصلحة المجتمع وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتُعتبر إحالة الرئيس السيسي لمُخرجات الحوار الوطني إلى الجهات المعنية بمثابة تأكيد على حرص الدولة على خَلق حالة وطنية متفردة فى بناء الوطن يتشارك في ترسيخها كافة أبنائه. وأن هذه الخطوة تأتي أيضًا كالتزام صريح من الرئيس بعهوده بالموافقة على أية مخرجات منذ الوهلة الأولى لإطلاق الحوار، وأن الدولة المصرية تصنع تاريخًا جديدًا يليق بجمهوريتها الجديدة؛ فقد صرح الرئيس عبد الفتاح السيسي: “تلقَّيت باهتمام بالغ مجموعة من مُخرجات الحوار الوطني، والتي تنوعت ما بين مُقترحات تشريعية، وإجراءات تنفيذية، في كافة المحاور السياسية والاقتصادية والمجتمعية”. وأضاف الرئيس: “وإنني إذ أتقدم لكافة المُشاركين في إعداد وصياغة هذه المُخرجات بالشكر والامتنان، أؤكد على إحالتها إلى الجهات المعنية بالدولة لدراستها وتطبيق ما يُمكن منها في إطار صلاحياتي القانونية والدستورية، كما سأتقدم بما يستوجب منها التعديل التشريعي إلى مجلس النواب لبحث آلياتها التنفيذية والتشريعية. [9]
  • الموشر الخامس: الفاعلية والكفاءة. يتمثل الهدف السادس من رؤية مصر 2030 في حوكمة مؤسسات الدولة والمجتمع؛ إذ تشير إلى أن حوكمة مؤسسات الدولة والمجتمع تحقق الكفاءة والفاعلية لأجهزة الدولة الرسمية ومؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني؛ لذا فرؤية مصر للمستقبل تضع الحوكمة والالتزام بالقوانين والقواعد والإجراءات في ظل سيادة القانون وإطار مؤسسي ضرورة لتحقيق الشفافية والمساءلة ومحاربة الفساد. فقد جاءت الجمهورية الجديدة برؤى استباقية وتخطيط استراتيجي بعيد المدى، انتبهت فيها القيادة السياسية لأهمية منظمات المجتمع المدني في صنع السياسات العامة المستنيرة، إذ إنها تلعب دورًا رئيسيًا كوسيط بين المواطنين من جهة، من خلال الاتصال المستمر مع المواطنين بما في ذلك الفئات المهمشة أو الضعيفة، ومنحهم دورًا رئيسيًا في الحوار المدني وتمكين المواطنين البعيدين عن المشاركة من التعبير عن احتياجاتهم ومخاوفهم؛ والحكومة من جهة أخرى، من خلال الحوار المنظم ذات المغزى في صنع القرار إذ تُثمِّن الدولة المصرية وعلى رأسها القيادة السياسية الدور الحيوي للمجتمع المدني في تعزيز الحقوق والحريات، وتحث على تكوين الجمعيات من أجل مجتمع مدني قوي نابض بالحياة.[10]

النتائج: توصلت الدراسة إلى عدد من النتائج منها:

  • إشراك المنظمات غير الحكومية في الحوار الوطني دليل على جدية الدولة في تطبيق مؤشر التوافق في الآراء.
  • تعديل قانون رقم 149 لعام 2019 ولائحته التنفيذية أكدت على حرص الدولة على تطبيق مبادئ الحكم الرشيد.
  •  نتيجة دمج الجهود بين الجهات الحكومية والخاصة والمجتمع المدني تراجعت معدلات الفقر في مصر من 32.5 % في عام 2017/2018 إلى 29.7 % في العام 2019/2020، وهي المرة الأولى التي تنخفض فيها معدلات الفقر منذ 20 عامًا، وفقًا لتقرير التنمية البشرية 2021، والذي يعد أحد أهم التقارير الدولية التي ترصد وضع التنمية البشرية على مستوى العالم.
  • المساءلة من أهم مؤشرات الحوكمة التي يترتب عليها متابعة الدولة لمدى تطبيق منظمات المجتمع المدني للحوكمة من عدمه.
  • تطبيق مؤشرات الحوكمة على المنظمات غير الحكومية في مصر يؤدى إلى اقتراب الدولة من تحقيق “الجمهورية الجديدة”.
  • تقديم الدولة الدعم المالي للمنظمات غير الحكومية بصورة متوازنة وشفافة وتوفير شروط عملية لحصول المنظمات غير الحكومية على المساعدات من الدولة بما فيها الدعم المالي والإعفاء من الضرائب، يساعد المنظمات على تطبيق الحكم الرشيد.

التوصيات:

  • إجراء استطلاعات رأي لتحديد الأولويات في تطبيق مبادئ الحوكمة في منظمات المجتمع المدني، خاصة المنظمات غير الحكومية.
  • تشجيع الحكومة على تقديم جوائز معنوية للجمعيات والمؤسسات الأهلية لتعزيز التنافس في تحسين مستوى الحوكمة.
  • المساھمة في تعزيز مبادئ الحوكمة من خلال تنظيم ورش العمل ودعم سياسات مكافحة التميز وإجراء البحوث المتعلقة بالشفافية.
  • تعزيز سيادة القانون والمشاركة الفعّالة، ودعم تمویل البحوث المرتبطة بحوكمة المجتمع المدني.
  • تعزيز استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كوسيلة للتواصل والتفاعل مع المجتمع.
  • عقد لقاءات دورية مع ممثلي المجتمع المدني للتواصل بشكل مستمر تطبيقًا لمبادئ الحوار الوطني، وتنفيذًا لمؤشرات الحوكمة.

[1]  التركماني، عمر حمزة ( 2018 )، الجماعات السياسية الضاغطة ودورها في تعزيز الحكم الرشيد: دراسة تحليلية، مجلة جيل الأبحاث القانونية المعمقة، ع 26 ،  صص33 – 36 . مسترجع من

http://search.mandumah.com/Record/946577

[2]  سامية حسنين، الحكم الرشيد وغياب المشاركة المجتمعية، المجلةالإصدار الثاني ع 51( 2016 ): مسترجع من  893465/Record/com.mandumah.search//:http 2023، صص24 -26.

[3]  سليمة بن حسين، االحوكمة… دراسة فـي الـمفهوم، مجلة العلوم القانونية والسياسية، عدد 10، جانفي 2015، ص 188.

[4]   محمد ياسين غادر، محددات الحوكمة ومعاييرها، المؤتمر العلمي الدولي “عولمة الإدارة في عصر المعرفة” (15-17 ديسمبر 2012)، كلية إدارة الأعمال جامعة الجنان ليبيا، صص 10-15.

[5] https://www.presidency.eg/ar/%D9%85%D8%B5%D8%B1/%D8%B1%D8%A4%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%B5%D8%B1-2030/    on 2/1/2025.

[6]https://pomed.org/publication/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%88%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B7%D9%86%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A-%D8%A7%D9  on 25/4/2023.

[7]  ريهام سعيد أحمد، المجتمع المدني ركيزة أساسية من ركائز تنمية واستقرار المجتمعات المعاصرة،  ON 18/6/2023.          https://www.almasryalyoum.com/news/details/2914218.

[8]  د. سالي محمود عاشور، معالجة إشكاليات القانون (70) لعام 2017،

https://hrightsstudies.sis.gov.eg/%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D8%AA%D9%82%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B1/%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8  on 25/5/2023.

[9] https://www.youm7.com/story/2023/8/16/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%B3%D9%89-%D9%8A%D8%AA%D9%84%D9%82%D9%89

[10]https://www.youm7.com/story/2022/4/22/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D9%86%D9%89-%D9%8A%D8%AA%D8%AC%D9%87-%D9%86%D8%AD%D9%88-%D8%AD%D9%88%D9%83%D9%85%D8%A9-%D8%AC%D9%8  on2/ 8/2023.`