كتبت – أسماء حمدي
توصلت الأبحاث إلى أن قانون الأسرة في عدد كبير من البلدان الأفريقية لم يواكب التحولات الاجتماعية، وسط استمرار مشاكل العنف الأسري وزواج الأطفال ونقص حقوق الملكية والحضانة.
ووفقا لبحث جديد، فإن قوانين الأسرة التمييزية في أجزاء من أفريقيا تعرقل التقدم في مجال حقوق المرأة في بعض البلدان.
حقوق وحماية المرأة
في العقود الأخيرة وجدت قوانين وممارسات الأسرة في 20 دولة أفريقية تقدما كبيرا، لكن عدم المساواة لا يزال قائمة في قوانين الزواج والطلاق وحضانة الأطفال والميراث والملكية.
وتشير منظمة المساواة الآن لحقوق الإنسان، في تقرير نشرته صحيفة “الجارديان” البريطانية، إلى مشاكل تتعلق بالأنظمة القانونية التعددية، حيث توجد القوانين التشريعية جنبًا إلى جنب مع القوانين العرفية والدينية ويمكن أن تجعل تفسيرها وتطبيقها صعبًا.
صدقت غالبية الدول على بروتوكولين يضمنان حقوق وحماية قوية للمرأة، بما في ذلك بروتوكول الميثاق الأفريقي لحقوق المرأة في أفريقيا (بروتوكول مابوتو) واتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة .
ومع ذلك، في بعض البلدان، كما هو الحال في أجزاء أخرى من العالم، لا يُحظر الاغتصاب في الزواج، وفي حالات أخرى، لا تستطيع المرأة تقديم طلب الطلاق وليس لديها ضمان لوراثة الممتلكات عند وفاة الزوج، وفي دول مثل الكاميرون ونيجيريا، تحصل النساء على ميراث أقل من الرجال.
ويقول المدافعون عن التغيير أن قوانين الأسرة لم تواكب التحولات الاجتماعية في العصر الحديث، بما في ذلك التغيرات في المسؤوليات الأسرية وزيادة معدلات الطلاق.
ذكر التقرير أنه تم تحقيق بعض النجاح في جميع أنحاء القارة، بما في ذلك رفع السن القانوني للزواج إلى 18 عامًا. وحظرت دول من بينها جمهورية الكونجو الديمقراطية وكينيا وموزمبيق زواج الأطفال.
ومع ذلك، لا تزال الكاميرون والسنغال وتنزانيا تسمح بذلك، وقد حظرت بلدان مثل نيجيريا زواج الأطفال في عام 2003، ولكن هذه الممارسة لا تزال مستمرة في شمال البلاد، حيث يتم تزويج ما يقرب من 50٪ من الفتيات قبل سن 18 عاما.

نضال من أجل المساواة
تقول المؤلفة المشاركة للتقرير والمستشارة القانونية البارزة في منظمة المساواة الآن، إستر وايرو: “الثقافة والدين كثيرا ما يشكلان عائقًا رئيسيًا في النضال من أجل المساواة في قانون الأسرة، مما يعطل الإصلاحات، وتعمل بعض البنود على تخفيف التأثير الكامل لبعض القوانين التقدمية، ونحن نشهد الآن ردة فعل عنيفة من الحركات المناهضة للحقوق التي تسعى إلى عكس المكاسب التي تحققت بشق الأنفس في إنهاء الممارسات الضارة مثل زواج الأطفال وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث”.
تضيف وايرو: “يمثل الركود أيضًا مشكلة، حيث تعهدت الحكومات بإصلاح القوانين التمييزية، لكنها فشلت في اتخاذ إجراءات مجدية، وفي بعض الحالات، ظلت قوانين الأسرة التقدمية في طي النسيان لعقود من الزمن، في انتظار سنها”.
تقول هاديزا داودا، 37 عاما، من مدينة باوتشي شمال شرق نيجيريا، والتي لديها خبرة مباشرة في القوانين العرفية التمييزية، إنها تزوجت عندما كانت طفلة تبلغ من العمر 12 عامًا، مما عرضها للأمومة المبكرة، وتوفي زوجها لاحقا في عام 2020، ثم ضغط عليها أهل زوجها للزواج من صهرها، وهددوها بحضانة أطفالها وطردها من منزل الزوجية إذا رفضت.
استعادت داودا أرضها بمساعدة منظمة “نساء من أجل النساء”، التي تدرب المهمشين على حقوقهم، وتعمل الآن كناشطة مجتمعية، وتدافع ضد الزواج القسري وطرد الأرامل في بلدتها.
تشير داودا إلى أن هذه الممارسات تؤثر سلبا على النساء، مضيفة: “أولئك الذين لا يعرفون ماذا يفعلون يقعون في الفقر، ويقومون بجميع أنواع الوظائف الوضيعة لإطعام أسرهم، ويصاب آخرون بالاكتئاب، ولا يعرفون من أين يبدأون، لم يكن لدي خيار بشأن متى أتزوج، أو متى وكيف أنجب، لكننا نقول إنه يجب أن يكون للنساء رأي، وهذا يحتاج إلى التغيير”.
بروتوكول مابوتو
يعرف بروتوكول الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب بشأن حقوق المرأة في أفريقيا، باسم “بروتوكول مابوتو”.
ويضمن البروتوكول حقوقا شاملة للمرأة بما في ذلك الحق في المشاركة في العملية السياسية، والمساواة الاجتماعية والسياسية مع الرجل، وتحسين الاستقلالية في قرارات الصحة الإنجابية، ووضع حد لتشويه الأعضاء التناسلية للإناث.
وانطلاقا من الاعتراف بأن حقوق المرأة غالبا ما يتم تهميشها في سياق حقوق الإنسان، عقدت منظمة المرأة في القانون والتنمية في أفريقيا اجتماعا في مارس 1995 في لومي، توجو، دعت خلاله إلى وضع بروتوكول محدد للميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب لمعالجة حقوق المرأة.
تم تقديم المسودة الأولى التي أعدها فريق من الخبراء من اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب وممثلي المنظمات غير الحكومية الأفريقية والمراقبين الدوليين، إلى اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب في دورتها الـ22 في أكتوبر 1997، ومكنت المنظمات غير الحكومية الأخرى من التعليق عليها.
وفي 11 يوليو 2003 ، اعتمد الاتحاد الأفريقي البروتوكول في قمته الثانية في مابوتو، موزمبيق، وفي الـ25 من نوفمبر 2005، دخل البروتوكول حيز التنفيذ، بعد أن صدقت عليه الدول الأعضاء الـ15 اللازمة في الاتحاد الأفريقي.
ومن بين 54 دولة عضو في الاتحاد الأفريقي، وقعت 49 دولة البروتوكول وصدقت 37 دولة على البروتوكول وأودعته حيز التنفيذ.