تسعى أوكرانيا لاستغلال الأزمات الأفريقية لخلق فرص حركة لها في القارة في إطار صراعها مع روسيا، حيث افتتحت منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية عام 2022، ثماني سفارات في دول أفريقية، من بينها السفارة الأوكرانية في موريتانيا، التي تتخذها كييف كنقطة انطلاق لتحركاتها داخل أفريقيا.
وقال مسؤولون أوكورانيون في تقرير نشرته وكالة “رويترز” اليوم الأربعاء، إن السفارة الأوكرانية في نواكشوط تشرف على توصيل مساعدات غذائية للاجئين من مالي المجاورة.
وأكد كبير مبعوثي أوكرانيا إلى أفريقيا مكسيم سوبخ لـ”رويترز” أن كييف عرضت أيضًا على موريتانيا تدريب جنودها، وسط توتر العلاقات بين موريتانيا ومالي، حيث تدعم موسكو القوات الحكومية المالية ضد متمردي الطوارق. وقال سويخ إن الوجود العسكري الروسي في منطقة الساحل “قوّض الاستقرار”، مضيفًا أن “أوكرانيا قدمت تدريبات لضباط وممثلي القوات المسلحة الموريتانية قبل اندلاع الحرب، وهي الآن مستعدة لمواصلة هذا التدريب ومشاركة التقنيات والإنجازات التي حققتها في ساحة المعركة ضد روسيا”.
في وقت سابق من يونيو، صرّح الكرملين بأن روسيا ستعزز تعاونها مع الدول الأفريقية، بما في ذلك في مجالات حساسة كالدفاع. وتُعدّ روسيا أكبر مورد للأسلحة إلى أفريقيا، وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام. وتكشف المقابلات التي أجرتها رويترز مع أربعة مسؤولين أوكرانيين كبار، ومسؤولَي إغاثة، ودبلوماسيين ومحللين غربيين، تفاصيل جديدة حول استراتيجية كييف في أفريقيا، بما في ذلك تسليم المساعدات للاجئين الماليين، ومقترح تدريب الجيش الموريتاني، والجهود الأوسع لمواجهة الوجود الروسي الأكثر ترسخًا. في بداية حرب أوكرانيا، رفضت العديد من الدول الأفريقية الوقوف إلى جانب كييف في الأمم المتحدة، حتى بعد أن أدى قصف روسيا لموانئ أوكرانيا إلى ارتفاع الأسعار في القارة مع تقليص صادرات الغذاء والأسمدة. وبعد أشهر، أصدرت أوكرانيا استراتيجيتها الأولى تجاه أفريقيا، وهي وثيقة عامة.
وكانت الأهداف المعلنة هي مواجهة الرواية الروسية وزيادة التجارة والاستثمار في قارة تتمتع بعلاقات قوية مع الروس. وتم تعيين سوبخ لتنفيذ هذه الاستراتيجية، ومنذ ذلك الحين، افتتحت كييف ثماني سفارات من أصل عشر سفارات جديدة أُعلن عنها في عام 2022، على حد قوله، ليصل عدد البعثات الدبلوماسية الأوكرانية في أفريقيا إلى 18 بعثة.
كما تخطط كييف لافتتاح سفارة هذا العام في السودان. ومع ذلك، لا تستطيع كييف مجاراة خصم يتمتع بعلاقات تجارية وأمنية عميقة، بما في ذلك وجود طويل الأمد لأجهزة الاستخبارات الروسية. وفي المجموع، لدى روسيا حوالي 40 بعثة في أفريقيا، وأعلنت مؤخرًا عن خطط لافتتاح سبع بعثات أخرى.
وتركزت جهود أوكرانيا في زمن الحرب لكسب حلفاء أفارقة بشكل كبير على الغذاء، حيث تقول كييف إنها أرسلت ما يقرب من 300 ألف طن كمساعدات، وُزِّعت من خلال برنامج الغذاء العالمي في إطار برنامج ممول من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يُسمى “حبوب من أوكرانيا”، والذي يُنافس خطة مساعدات غذائية روسية مماثلة لأفريقيا.
وأفاد مركز السياسة الأوروبي، وهو مركز أبحاث، في أبريل أن المساعدات التي تحمل العلامة التجارية الأوكرانية وصلت إلى 8 ملايين شخص في 12 دولة. وشملت الدول المستفيدة الكونغو وإثيوبيا والصومال ونيجيريا وكينيا والسودان. وفي موريتانيا، وُجِّهت معظم المساعدات إلى مبيرا، أكبر مخيم للاجئين في غرب أفريقيا، والذي يؤوي أعدادًا متزايدة من الماليين الفارين من الصراع عبر الحدود.
وبعد إعادة فتح موانئ البحر الأسود التي قصفتها روسيا وحاصرتها في أول عامين من الحرب، صدّرت أوكرانيا ما يقرب من 10 ملايين طن من الحبوب إلى أفريقيا في عام 2024، أي ما يقارب ضعف العام 2023، وفقًا لبيانات وزارة الزراعة. وفي أبريل الماضي أصبح فولوديمير زيلينسكي أول رئيس أوكراني يزور جنوب أفريقيا، الحليف الوثيق لروسيا. ودعا إلى الاعتراف بنضال أوكرانيا، واستغلال الصفقات المحتملة في مجالات الطاقة وإنتاج الأسمدة والأمن.
وقد شهدت مساعي أوكرانيا نحو أفريقيا انتكاسات، مثل تخفيض مستوى قمة أوكرانيا-أفريقيا التي عُقدت في أكتوبر 2024 إلى مؤتمر عبر الفيديو. في حين استضافت موسكو قمة أفريقية حضرها عدد كبير من الحضور في عام 2023. ويُذكر أن مالي والنيجر وبوركينا فاسو قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع كييف في يوليو الماضي بعد اتهام باماكو لأوكرانيا بدعم متمردي الطوارق ضد الجيش.