إمكانات الطاقة المتجددة في أفريقيا

كتبت – أ.د. سالي محمد فريد

أستاذ الاقتصاد ورئيس قسم السياسة والاقتصاد – كلية الدراسات الأفريقية العليا – جامعة القاهرة

تدفع إمكانات القارّة السمراء لتصدّرها مجال الطاقة المتجددة عالميًا بتوقعات لقدرات إنتاجية تصل إلى 310 جيجاواط بحلول عام 2030. يأتي ذلك وفق دراسات أعدَّتها الوكالة الدولة للطاقة المتجددة “آيرينا”، وحسب التقديرات، تتنوع إمكانات وقدرات مصادر الطاقة الخضراء ما بين الطاقة الشمسية (10 تيراواط)، والطاقة المائية (350 جيجاواط)، وطاقة الرياح (110 جيجاواط). ويقلّ إسهام قارّة أفريقيا في الانبعاثات العالمية المسببة للاحتباس الحراري عن 5%، إذ تُسيطر المصادر المتجددة على ما يزيد عن 70% من كهرباء 30 دولة أفريقية، بينما تُنتج 5 دول فقط كهرباء متجددة بنسبة تقلّ عن 10%.

مصادر الطاقة المتجددة في أفريقيا

يُعدُّ الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة أبرز الحلول التي تحتاج أفريقيا التركيز عليها، في محاولة لإنقاذ 600 مليون نسمة من فقر الطاقة. وتعزز المصادر المتجددة (الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة المائية) دور الشبكات الصغيرة في توفير إمدادات الكهرباء منخفضة التكلفة إلى المجتمعات المعزولة كهربائيًا. وتملك أفريقيا الفرصة للاستفادة من إمكاناتها بمجال الطاقة المتجددة، في ظل وجود خطوات جادّة في عدّة دول أفريقية تدعم الاتجاه العالمي الرامي للتأقلم مع مزيج الطاقة لتطوير الاستدامة.

شكل رقم (1) مزيج توليد الكهرباء في أفريقيا

وفيما يلي نستعرض أبرز 5 دول أفريقية وإسهامات الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة بها، بالإضافة إلى إمكاناتها المستغلة وغير المستغلة حتى تسهم بأدنى حدّ ممكن من الانبعاثات بصفتها دولًا “خضراء”:

موزمبيق

تتصدّر موزمبيق الدول الأفريقية، وتنتقل للصدارة العالمية في إمكانات الطاقة المتجددة، ويمكن أن تصبح البلد الأكثر استخدامًا للكهرباء النظيفة في العالم إذا اعتمدت على 100% من مصادر الطاقة الخضراء والمستدامة. وتملك الدولة – الواقعة في الجنوب الأفريقي – الإمكانات الأكبر في المنطقة، إذ يمكنها إنتاج كهرباء تصل إلى 187 جيجاواط عبر الطاقة المائية والفحم والغاز والرياح مجتمعة.

وتحتل الكهرباء المولّدة عبر المصادر المائية النصيب الأكبر من القدرة المركّبة لموزمبيق بحصة تصل إلى 81%، بينما تُوزّع باقي القدرة على إنتاج الطاقة الشمسية والغاز والمصادر الأخرى. ويمثّل سدّ كاهورا باسا أكبر مورد للكهرباء في موزمبيق، وأكبر محطة لتوليد الطاقة الكهرومائية في الجنوب الأفريقي بالكامل، بالإضافة إلى كونه أكثر محطات الكهرباء كفاءة في موزمبيق. ورغم إمكانات موزمبيق الضخمة، فإن 34% من سكانها فقط يمكنهم الحصول على كهرباء موثوقة، لعدّة أسباب، من ضمنها شبكة النقل والتوزيع غير المتطورة، غير أن هذه النسبة متوقّع تغييرها العقد المقبل، بعد بلوغ إسهام الغاز الطبيعي في مزيج الكهرباء نسبة قدرها 44%.

إثيوبيا

تؤهل إمكانات إثيوبيا لتوليد ما يتجاوز 60 ألف ميجاواط من مصادر متجددة؛ نظرًا لتوافر إمكانات الطاقة الكهرومائية والشمسية، إذ تستمد الدولة 90% من إنتاج الكهرباء عبر مصادر كهرومائية، وتتولى طاقة الرياح والطاقة الحرارية نسبة 10% المتبقية. وتُخطط الحكومة للتوسع وإضافة 5 آلاف ميجاواط للسعة المركّبة بحلول العام المقبل، في محاولة لتلبية الطلب المتنامي على الكهرباء الذي يزداد بمعدل 30% سنويًا.

زامبيا

تحتل زامبيا المرتبة الثالثة بين دول العالم الأكثر اخضرارًا، إذ تُمثّل الطاقة المُتجددة 99% من إجمالي طاقتها المستخدمة، وتُسهم بانبعاثات قدرها 0.07 طن فقط للفرد. وتعتمد زامبيا على الطاقة المائية بنسبة 85% من إجمالي الكهرباء المُنتجة بـ6 محطات الكهرباء الرئيسية؛ ما يرفع القدرة المُركّبة لزامبيا إلى 2800 ميجاواط. والمحطات الـ6 هي: محطة كهرباء كاريبا بالضفة الشمالية وقدرتها 1.08 ميجاواط، ومحطتا كافو جورج العلوية والسفلية بقدرة 840 ميجاواط، ومحطة كهرباء شلالات فيكتوريا بقدرة 108 ميجاواط، ومحطة لونسنفوا للطاقة المائية بقدرة 24 ميجاواط، ومحطة الطاقة المائية آيتزهي-تيزهي بقدرة 120 ميجاواط.

كينيا

حجزت كينيا موقعها في الريادة العالمية للطاقة المتجددة؛ إذ تحصل على غالبية طاقتها عبر الطاقة الحرارية الأرضية، بينما تعدّ الطاقة الكهرومائية أكبر مصادر توليد الكهرباء في البلاد. وتوفر الطاقة الكهرومائية كهرباء قدرها 677 ميجاواط من إجمالي السعة المركّبة للشبكة الكينية. وتسبّب إنتاج محطة للطاقة الشمسية في كينيا بلغت قدرتها 50 ميجاواط في تشكيل الكهرباء المتجددة لما يقرب من 90% من مزيج الطاقة عام 2019. وفي عام 2016، شكّلت الطاقة المتجددة في كينيا 26% من إجمالي طاقة أفريقيا المتجددة.

وتمتاز الدولة الواقعة شرق أفريقيا بالريادة العالمية في نصيب الفرد من أنظمة الطاقة الشمسية المركّبة. ولم تتمكن كينيا حتى الآن من الاستفادة بكامل إمكاناتها الشمسية رغم وفرتها، إذ تمثّل الكهرباء المولدة من مصادر الطاقة الشمسية أقلّ من 1% فقط ضمن مزيج الطاقة الكينية للقدرة المركبة البالغة 2.3 جيجاواط، ما يتضمن 57% طاقة مائية و32% طاقة حرارية. في غضون ذلك، سجلت كينيا أدنى المعدلات العالمية لإسهامات الفرد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، بلغ 0.4 طن.

غانا

تعدّ غانا ضمن الدول الأعلى وصولًا للكهرباء في أفريقيا، بقدرة توليد مركبة تتجاوز 5 آلاف و300 ميجاواط، تتألف من 61% من الطاقة الحرارية و38% طاقة كهرومائية و1% للطاقة الشمسية. وطبقًا لخطّتها الرئيسية للطاقة المتجددة الصادرة عام 2019، تخطط غانا لخفض اعتمادها على الكتلة الحيوية – بصفتها مصدرًا أساسيًا مشتقًا من الوقود – في تطبيقات الطاقة الحرارية. وتسعى غانا – بحلول عام 2030- لزيادة نسبة حصة مزيج الطاقة الوطني عن مستويات عام 2015 المُقدّرة بـ42.5 ميجاواط إلى 1363.63 ميجاواط، طبقًا للخطة، بينما تُولّد غالبية طاقتها عبر مصادر متجددة، بما يعادل 68.26%. وتهدف غانا إلى توفير فرص وصول الكهرباء المتجددة لما يزيد عن 1000 مجتمع غير متصل بالشبكة، بجانب العمل على تعزيز الدعم المحلي بالمشاركة في صناعة الطاقة المتجددة. وتعدّ غانا ضمن أكثر بلدان العالم اخضرارًا، إذ تُسهم بانبعاثات ثاني أكسيد الكربون قدرها 0.4 طن فقط.

هناك خمسة وثلاثون دولة أفريقية لديها إمكانية الوصول إلى البحر ويمكن أن تكون دول موصي بها لتقوم بتحلية المياه وهي: الجزائر، أنجولا، بنين، الكاميرون، الرأس الأخضر، جزر القمر، كوت ديفوار، جمهورية الكونغو الديمقراطية، جيبوتي، مصر، إريتريا، غينيا الاستوائية، الجابون، جامبيا، غانا، غينيا بيساو، كينيا، ليبيريا، ليبيا، مدغشقر، موريتانيا، المغرب، موزمبيق، ناميبيا، نيجيريا، جمهورية الكونغو، ساوتومي وبرينسيب، السنغال، سيراليون، الصومال، جنوب أفريقيا، السودان، تنزانيا،  توجو وتونس.

وهناك العديد من المشروعات التي تعمل في عدد من الدول الأفريقية، وتتراوح هذه من محطات تحلية المياه المدعومة من الحكومة والممولة دوليًا إلى المشاريع الخاصة والتجريبية اللامركزية التي تعمل في تنزانيا وجنوب أفريقيا والمغرب وناميبيا. وفي بعض المناطق التي يصعب الوصول إليها، فإن أفضل طريقة لتوفير المياه العذبة من خلال أنظمة صغيرة لامركزية.

وتعتبر مصر من الدول الأكثر احتياجا نظرًا لتزايد عدد السكان ومخاوف تغير المناخ وتطورات المنبع على نهر النيل في تصاعد ندرة المياه. انخفضت البلاد إلى ما دون عتبة (500 م 3 / فرد / سنة) للفقر المائي المدقع في عام 2022. لذا سيشهد برنامج تحلية المياه الطموح في مصر بناء 6.5 مليون متر مكعب يوميًا من قدرة تحلية المياه بحلول عام 2050. وتقوم مصر بتنفيذ مشروعات محور المياه ضمن المنصة الوطنية لبرنامج «نُوَفِّــي»، والذي يتضمن تنفيذ 3 مشروعات وهي تحلية المياه باستخدام الطاقة المتجددة، وتوسيع نظم الري بالطاقة الشمسية، وتحسين مرونة المناخ الزراعي  بتحديث الممارسات الزراعية. في ضوء تلك المستهدفات فإن محور المياه ضمن برنامج «نُوَفِّــي»، يتضمن 3 مشروعات رئيسية، الأول مشروع تحلية المياه باستخدام الطاقة المتجددة تدشين 5 محطات لتحلية المياه بالطاقة الشمسية في 4 محافظات بإجمالي قدرات 525 ألف متر مكعب يوميًا. ترتفع إلى 1.75 مليون متر مكعب يوميًا بحلول عام 2050. بما يعزز التحول الأخضر ويحقق أهداف التنمية المستدامة وتنفيذ المساهمات المحددة وطنيًا وكذلك رؤية مصر 2030. وقد تم تدبير الدعم المالي اللازم لإعداد الدراسات اللازمة للمشروع من خلال المنحتين المزمع تقديمهما من موارد صندوق المساعدة الفنية للدول المتوسطة الدخل التابع لبنك التنمية الأفريقي بمبلغ 280  ألف وحدة حسابية، ومن مرفق المياه الأفريقي بمبلغ 500 ألف يورو.

الطاقة الكهرومائية في أفريقيا

تمتلك القارة الأفريقية الإمكانات لتوليد الطاقة الكهرومائية منذ عقود طويلة، وبلغت القدرة الإنتاجية لهذه الطاقة  34جيجاواط تقريباً نهاية 2020، وتعدّ مشروعات الطاقة الكهرومائية الضخمة أبرز المصادر المتجددة لتوليد الكهرباء في أفريقيا، وتتمتع بإمكانات غير مستغلة هائلة – قدرت بنحو 1753 جيجاواط وتسهم الطاقة الكهرومائية، في العديد من الدول الأفريقية التي تعبرها أنهار رئيسية، بنصف إجمالي إنتاج هذه الدول من الكهرباء أو أكثر. وتضم الدول الأكثر إنتاجاً للطاقة الكهرومائية في القارة كلًا من إثيوبيا، وأنجولا، وجنوب أفريقيا، ومصر، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وزامبيا، وموزامبيق، ونيجيريا، والسودان، والمغرب، وغانا.

شكل رقم (2) القدرة المركبة والإمكانات المحتملة للطاقة الكهرومائية في أفريقيا

وبحسب تقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا)، فإن الطاقة الكهرومائية – التي تُستخدم لتوليد الكهرباء – تستحوذ على 43% من سعة الطاقة المتجددة المركبة عالميًا. ومع ذلك، يجب مضاعفة هذه السعة بحلول عام 2050، إذا كان العالم يرغب في تحقيق الهدف المناخي المنصوص عليه بمقتضى اتفاقية باريس للمناخ. ومع حقيقة أن السدود كثيرًا ما كانت مصدرًا موثوقًا للطاقة الكهرومائية لعقود من الزمن، فإنها ميزة مهمة لتوليد كميات كبيرة من الكهرباء، بينما ينتقل العالم إلى الطاقة النظيفة.

وأسهمت وفرة أنظمة المياه بالقارّة السمراء في عودة بناء السدود الضخمة وإدارة توزيع المياه وتوليد الطاقة الكهرومائية في أنحاء أفريقيا كافة، بحسب تقرير لمنصة استثمار الطاقة في أفريقيا، إنرجي كابيتل آند باور. ويرصد التقرير أكبر 10 محطات لتوليد الطاقة الكهرومائية في القارّة الأفريقية، كالتالي:

السدّ العالي بأسوان – مصر

يأتي السدّ العالي بقدرة توليد قدرها 2100 ميجاواط. ويقع السدّ العالي بالقرب من مدينة أسوان في جنوب مصر، والذي جرى بناؤه عبر نهر النيل، ليكون أكبر سدّ في العالم؛ إذ يبلغ ارتفاعه 111 مترًا، ويبلغ طوله 4000 متر. ويوجد في السدّ 12 مولدًا، يعمل كل منها بمعدل 175 ميجاواط، ليكون إجمالي قدرة توليد السدّ العالي 2100 ميجاواط.

وهو قيد الإنشاء منذ عام 2011، وفي حقيقة الأمر، لا يزال هناك خلافات بين إثيوبيا ودولتي المصبّ (مصر والسودان)، حول المضي قدمًا في إتمامه، وسط عدم التوافق على قواعد الملء. ويقع سدّ النهضة على النيل الأزرق، في منطقة بنيشنقول-قماز بالقرب من الحدود الإثيوبية مع السودان، مع توقعات بتوليد نحو 6450 ميجاواط سنويًا.

سدّ كاهورا باسا – موزمبيق

يعدّ سدّ كاهورا باسا في موزمبيق أحد السدّين الرئيسين على نهر زامبيري، كما أنه أكبر محطة للطاقة الكهرومائية في جنوب أفريقيا، لكنه الثالث على صعيد القارّة الأفريقية. ويجري توليد الكهرباء من خلال 5 توربينات بقدرة 415 ميجاواط، بسعة مجمّعة تبلغ 2070 ميجاواط. وتُصدر معظم الكهرباء المولدة من سدّ كاهورا باسا إلى جنوب أفريقيا من خلال نظام خط عالي الجهد المباشر.

سدّ جيلجل جيب الثالث – إثيوبيا

يقع سدّ جيلجل جيب الثالث جنوب غرب العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، كما يمثّل رابع أكبر محطة لتوليد الطاقة الكهرومائية في أفريقيا. وتبلغ سعة محطة توليد الكهرباء جيب الثالث في سدّ جيلجل جيب الثالث -والذي يقع على نهر أومو- نحو 1870 ميجاواط. ويجري حاليًا تنفيذ الخطط لإضافة سدّي جيب الرابع وجيب الخامس بسعة قدرها 1472 ميجاواط، و560 ميجاواط، على الترتيب. وبموجب خطط التنمية الحالية للبلاد، تعهّدت إثيوبيا بتوليد 95% من الكهرباء عبر الطاقة الكهرومائية.

سدود إنجا – الكونغو الديمقراطية

يوجد في جمهورية الكونغو الديمقراطية سدّان منفصلان، وهما إنجا الأول بسعة 351 ميجاواط وإنجا الثاني بسعة 1424 ميجاواط، ما مجموعه 1775 ميجاواط، لتكون في المركز الخامس بالقائمة. وبُنيت سدود إنجا على شلالات إنجا، وهي أحد أكبر الشلالات في العالم، لكنها تعمل حاليًا بنصف طاقتها المحتملة فقط.

سدّ كاريبا – زيمبابوي – زامبيا

يقع سدّ كاريبا بين زيمبابوي وزامبيا، ليحلّ في المركز السادس مع سعة توليد قدرها 1626 ميجاواط. كما يجري حاليًا توسيع نطاق السدّ من أجل زيادة إنتاجه. وتعمل محطات الكهرباء الواقعة على الضفّتين الشمالية والجنوبية للسدّ على تزويد كل من زامبيا وزيمبابوي بالكهرباء الخاصة بهما.

سدّ مروي – السودان

يأتي سدّ مروي في الترتيب السابع بقائمة أكبر 10 محطات للطاقة الكهرومائية في أفريقيا، مع سعة توليد قدرها 1250 ميجاواط. ويقع في شمال السودان على نهر النيل، إذ يبلغ طوله 7 كيلومترات، ويصل ارتفاعه إلى 7 كيلومترات. كما يتكون من 10 توربينات، تبلغ سعة كل منها 125 ميجاواط، بإجمالي يصل لـ1250 ميجاواط.

سدّ تيكيزي – إثيوبيا

يحلّ سدّ تيكيزي في المرتبة الثامنة، الواقع في إثيوبيا، مع سعة قدرها 1200 ميجاواط. إذ يبلغ ارتفاعه 188 مترًا، كما إنه أحد أكبر مشروعات الأعمال العامة في البلاد بتكلفة 360 مليون دولار. وتحتوي محطة توليد الكهرباء في السدّ على 4 توربينات بسعة 75 ميجاواط، كل منها يُولّد 300 ميجاواط من الكهرباء، بما مجموعه 1200 ميجاواط.

سدّ أكوسومبو – غانا

يشغل سد أكوسومبو المرتبة التاسعة، من حيث محطات الطاقة الكهرومائية، مع قدرة توليد تبلغ 1020 ميجاواط. ويقع السدّ في جنوب شرق غانا عند قاعدة بحيرة فولتا، ما يعني أنه يستمد ّطاقته الكهرومائية من أكبر بحيرة من صنع الإنسان في العالم بمساحة تبلغ 8502 كيلومترًا مربعًا. وكانت محطة الطاقة الكهرومائية قد شُيّدت أساسًا من أجل توفير الكهرباء لصناعة الألومنيوم في البلاد، لكنها توفر حاليًا الكهرباء إلى كل من غانا وتوجو وبنين.

سدّ كاينجي – نيجيريا

يتذيّل سدّ كاينجي قائمة الأكبر في القارّة السمراء، مع سعة توليد 760 ميجاواط، مع حقيقة أنه يوفر الكهرباء لجميع المدن الرئيسة في نيجيريا. وعلى الرغم من أن تصميم السدّ في الأساس كان بسعة 960 ميجاواط، لكن جرى تركيب 8 فقط من التوربينات الـ12 المقترحة، ممّا قلّل من قدرة المحطة إلى 760 ميجاواط. ويُعدّ سدّ كاينجي، البالغ طوله 10 كيلومترات، من أطول السدود في العالم.

تعزز الطاقات المتجددة والنظيفة الحد من الكربون. وهذا يجعل آفاق التخفيف من الانبعاثات من خلال الوقود الحيوي في جدول أعمال انتقال الطاقة في أفريقيا، حيث إن استهلاك الطاقة في الوقود الحيوي يزيد بشكل كبير من مستويات خفض الكربون وكثافته في أفريقيا. وينبغي تشجيع زراعة وتجهيز وإنتاج الوقود الحيوي ومصادره في جميع الاقتصادات الأفريقية.[1]

لا يمكن التغاضي عن المساهمة الإجمالية للكربون الأسود (المرتبط بالطاقة) في أفريقيا. في الوقت نفسه، تحدث هذه الانبعاثات بشكل مباشر أو غير مباشر بسبب الأنشطة البشرية (البشرية المنشأ) في البيئة بالنسبة لأسباب طبيعية. وبالتالي، فإن البيئة تتضرر من الأنشطة البشرية التي لا مفر منها وتبذل الجهود لتجنب انبعاث الكربون من هذه الأنشطة البشرية الحيوية باستخدام طاقات وتقنيات أنظف ومتجددة.[2]

انبعاثات الكربون في أفريقيا

هناك استخدام كثيف نسبيًا للوقود الأحفوري في أفريقيا، التي تنبعث منها كميات أكبر من الكربون، مقارنة بالطاقات النظيفة والمتجددة الأخرى. ثم يتم توجيه الجهود الحالية في أفريقيا نحو استخدام واعتماد مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة التي من شأنها، على الأقل، تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة في أفريقيا.[3] في حين أن أفريقيا لا تتمتع حاليًا بالابتكارات التكنولوجية للطاقات النظيفة والمتجددة مثل طاقة الهيدروجين الخضراء، فإن أفريقيا غنية بمصادر ومحاصيل الطاقة المتجددة للوقود الحيوي. لقد ثبت أن الوقود الحيوي يقلل أو ينبعث منه كربون أو غازات دفيئة أقل نسبيًا، أي إنه على الرغم من أن استخدام الوقود الحيوي ينبعث منه أيضًا بعض مستويات الكربون، مهما كان صغيرًا، إلا أنه أنظف نسبيًا.[4]

تعتبر أفريقيا ثاني أكبر مصدر لانبعاثات الكربون، ويعتقد أن التحكم في الانبعاثات من خلال الأنشطة البشرية يمكن أن يؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر في الأنشطة الطبيعية نحو التخفيف من الانبعاثات في أفريقيا. ويتمثل الهدف الأساسي في التخفيف من انبعاثات غازات الدفيئة في أفريقيا من خلال تدابير مختلفة مجدية ويمكن السيطرة عليها.[5] إلى جانب ذلك، من بين الاقتصادات الأفريقية، تنبعث في جنوب أفريقيا حوالي 471.6 مليون طن متري من الكربون وتجعلها أعلى باعث للكربون تليها مصر والجزائر ونيجيريا والمغرب كأكبر خمسة مصادر رائدة في انبعاثات الكربون في أفريقيا، تمثل هذه الدول أكبر بواعث للكربون في أفريقيا حوالي 1.109 مليار طن متري من الكربون سنويًّا، وهو ما يمثل حوالي 77 ٪ من إجمالي انبعاثات الكربون في أفريقيا.[6]

ومع ذلك، تحافظ مصر والمغرب على المركزين الثاني والخامس في الإنتاجية والانبعاثات على التوالي. تتصدر نيجيريا الإنتاجية ولكنها تحتل المرتبة الرابعة في الانبعاثات، وتحتل جنوب أفريقيا المرتبة الثالثة في الإنتاجية ولكنها الأولى في انبعاثات الكربون. تميل نيجيريا إلى استخدام المزيد من الطاقة المتجددة في الإنتاج مع انبعاثات أقل بكثير بينما تستهلك جنوب أفريقيا المزيد من الوقود الأحفوري مقارنة بالطاقات المتجددة. تواجه نيجيريا، مثل معظم الاقتصادات، العديد من تحديات الطاقة، نظرًا لضعف مستوى إمدادات الطاقة الكهربائية في نيجيريا؛ حيث تبذل كل أسرة جهودا لتزويد نفسها بآلة توليد الطاقة.[7]

مصادر الوقود الحيوي في أفريقيا

تتمثل مصادر الطاقة الحيوية الوفيرة في أفريقيا في محاصيل الإيثانول مثل قصب السكر والذرة والذرة الرفيعة والكاسافا، ومحاصيل الديزل الحيوي مثل نخيل الزيت والجاتروفا، مما يخلق إمكانات وفرص إنتاج للطاقة الحيوية في أفريقيا لتلبية استمراريتها. بلغ طلب أفريقيا جنوب الصحراء عام 2022 على الإيثانول والديزل الحيوي 5.667 و 4.044  مليون لتر على الترتيب. وتنتج أفريقيا جنوب الصحراء نحو 90 % من المتوسط العالمي من قصب السكر و78% من الكاسافا و67% من الذرة الرفيعة و35% من الذرة و57% من نخيل الزيت، ويعتبر إنتاج الوقود الحيوي أرخص نسبيًا في أفريقيا جنوب الصحراء، مما يضع أفريقيا في دائرة الضوء لتحسين إنتاج وتوريد الطاقة الحيوية لكل من أفريقيا والعالم بأسره.[8]

أما عن عامل الكربون لإجمالي طاقات الوقود الحيوي للاقتصادات الأفريقية فتعبر عنها نسبة انبعاثات الكربون لإجمالي استهلاك الطاقة من الوقود الحيوي، على أنها كيلو طن من الكربون المنبعث لكل استهلاك للطاقة من الوقود الحيوي، حيث تبعث نيجيريا أقل من كيلوطن من الكربون لكل استهلاكها من الوقود الحيوي. وهذا يجعل نيجيريا أقل الاقتصادات الأفريقية فيما يتعلق بعامل الكربون.[9]

هناك إمكانات واعدة للوقود الحيوي في أفريقيا؛ لأن الاقتصادات الأفريقية زراعية في معظمها، لديها أكثر الأراضي الصالحة للزراعة، وفقًا لتقرير الوكالة الدولية للطاقة المتجددة  (IRENA)، هناك موارد هائلة وإمكانات مستدامة للوقود الحيوي السائل في أفريقيا. ويعرض التقرير كمية المواد الأولية (lignocellulosic) التي يمكن توليدها وتحويلها إلى وقود حيوي في أفريقيا. ويبدو أن هذا الخيار هو الأمثل لأن إنتاجه لا يعوق إنتاج وإمداد الاقتصادات الأفريقية بالأغذية. حدد التقرير ثلاث خطوات نحو تحقيق هدف توليد واستخدام الوقود الحيوي في أفريقيا، متمثلة في المنتجات الحرجية ومخلفات المحاصيل الغذائية، والزراعة المكثفة للأراضي الزراعية التي تحل محل الطلب على الأغذية، وأخيرًا، زراعة محاصيل الطاقة الحيوية. وقد تم تطوير هذه الخطط إلى مشروعات في جنوب أفريقيا ومالاوي وزامبيا وزيمبابوي وتنزانيا وموزمبيق ومدغشقر. بالتالي فإن توافر واستدامة محاصيل أو مصادر الطاقة الحيوية يجذب شركات الطاقة الحيوية الكبرى إلى أفريقيا، مثل شركةD1 Oils Plc  (شركة بريطانية)، و Diligent Tanzania Plc (شركة هولندية)، و SEKAB (شركة سويدية). ومع ذلك، فإن التحدي الرئيسي يتمثل في توافر تكنولوجيات الوقود الحيوي وجاهزيتها في أفريقيا.[10]

يتم فقد كميات كبيرة من الغذاء في الإنتاج والتوزيع أو الهدر عند الاستهلاك، وجدت منظمة الأغذية والزراعة FAO أن ثلث الأغذية المنتجة للاستهلاك البشري تفقد أو تهدر على مستوى العالم، وتصل إلى 1.3 مليار طن سنويا. وتبلغ 31-33٪ في أوروبا وأمريكا الشمالية وتصل إلى 26-37٪ في أفريقيا جنوب الصحراء،[11] يظهر الجدول التالي نسبة الفاقد من الغذاء في أفريقيا وفقًا لكل مجموعة غذائية على النحو التالي:-

جدول رقم 1

نسبة الفاقد من الغذاء في مختلف مراحل إنتاج الغذاء في أفريقيا %

 Source: The International Renewable Energy Agency (IRENA) Biofuel Potential in Sub-Saharan Africa: Raising

food yields, reducing food waste and utilizing residues.

وإذا ارتفعت الغلة على النحو الذي تتوقعه منظمة الأغذية والزراعة، بحيث يتم إنتاج الأغذية المفقودة أو المهدرة على مساحة أقل من الأراضي، فإن تقليل الهدر والخسائر سيؤدي إلى توفير الأراضي وتكوين أراضي محتملة يمكن استغلالها لإنتاج الوقود الحيوي، على النحو التالي:

جدول رقم 2

الأراضي المحتمل تكوينها بسبب انخفاض هدر الطعام في عام 2050  (هكتار)

Source: The International Renewable Energy Agency (IRENA) Biofuel Potential in Sub-Saharan Africa: Raising food yields, reducing food waste and utilizing residues.

وعند النظر في الإمكانات الذي يمكن الحصول عليه من خلال تنفيذ أفضل الممارسات العالمية، وهي المنطقة التي لديها أقل حصة من النفايات أو الخسائر في كل مرحلة من مراحل الإنتاج الغذائي؛ حيث تحتل أفريقيا أفضل الممارسات العالمية أو تقترب منها بالنسبة لمعظم المجموعات الغذائية في التجهيز والتعبئة (باستثناء الفواكه والخضروات)، والتوزيع (باستثناء الفواكه والخضروات والألبان) والاستهلاك (حيث تمثل أفريقيا أفضل الممارسات العالمية لجميع المجموعات الغذائية).[12] ويعرض الجدول التالي أمثلة لبعض الدول الأفريقية على النحو التالي:-

جدول رقم 3

إمكانات الوقود الحيوي في الأراضي المحتمل تكوينها بسبب انخفاض هدر الطعام في عام 2050 (هكتار)

Source: The International Renewable Energy Agency (IRENA) Biofuel Potential in Sub-Saharan Africa: Raising food yields, reducing food waste and utilizing residues.

تقود جنوب أفريقيا بقية الاقتصادات الأفريقية في معالجة وإنتاج الوقود الحيوي، فإذا تم تحقيق الاستدامة الكاملة وإمكانات الإنتاج للوقود الحيوي في جنوب أفريقيا، فيمكنها تزويد البلدان الأفريقية الأخرى باحتياجات نقل الوقود الحيوي بحلول عام 2050. وتقود نيجيريا استهلاك الوقود الحيوي في أفريقيا تليها جنوب أفريقيا، فهناك اتجاه متزايد لاستهلاك الوقود الحيوي في نيجيريا وجنوب أفريقيا، فإذا تم جمع 25٪ من مخلفات الحصاد في أفريقيا، فمن المتوقع أن تولد نيجيريا وحدها حوالي 1.7٪ من المخلفات الزراعية في العالم. فهناك صناعات عالية الأداء لتحويل النفايات لتوليد الطاقة من الوقود الحيوي. وفي جنوب أفريقيا، تؤدي هذه الصناعات أدوارًا رائدة في قطاعاتها الاقتصادية والتجارة والطاقة والنقل. وتتجه اهتمامات أفريقيا بالوقود الحيوي نحو تجهيز وإنتاج الإيثانول الحيوي والديزل الحيوي نظرا لانخفاض الغازات الدفيئة المنبعثة منها، فانبعاثات الغازات الدفيئة في أفريقيا تمثل حوالي 2  – 3 ٪ من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية.[13]

وختامًا تواجه أفريقيا – بشكل عامّ – عدّة تحدّيات تعوق تصدّرها العالمي في مجالات الطاقة، رغم أن إمكاناتها الطبيعية تؤهلها لذلك، إذ تحتاج القارّة إلى التمويل والاستثمارات الأجنبية والتقنيات الحديثة. ويعد الجانب المميز لإمكانات الطاقة المتجددة الوفيرة في أفريقيا أن الاستفادة منها بشكل ملائم يدفع نحو تحوّلها إلى دول “خضراء” تُنتج نِسبًا طفيفة من الانبعاثات الكربونية المُسبّبة لغازات الاحتباس الحراري، بما يتلاءم مع الأهداف المناخية العالمية. تبذل الجهود لتشجيع استخدام واستهلاك بدائل ومصادر الطاقة النظيفة والمتجددة للحد من مستوى الانبعاثات في أفريقيا، وتعد مصادر ومحاصيل الوقود الحيوي واحدة من الموارد الوفيرة في أفريقيا، وعلى هذا النحو، توجه الجهود نحو استكشاف واستغلال استخدام الوقود الحيوي في أفريقيا، نظرًا لتوافره. ومع ذلك، فإن هذه ليست نقطة النهاية بالنسبة لأفريقيا، ولكنها بداية الانتقال نحو استخدام واستهلاك المزيد من الطاقات النظيفة والمتجددة في أفريقيا على الرغم من التحديات المتمثلة في وجود تقنيات قليلة أو معدومة للوصول إلى المزيد من الطاقات النظيفة والمتجددة الأخرى مثل الهيدروجين الأخضر والطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

قائمة المراجع


[1] K. Jeong et al. LMDI decomposition analysis of greenhouse gas emissions in manufacturing sector

[2] F.V. Bekun et al. (2019) Beyond the environmental Kuznets curve in E7 economies: Accounting for the combined impacts of institutional quality and renewables

[3] S. Adams et al. Reducing carbon emissions: The role of renewable energy and democracy

[4] The International Renewable Energy Agency (IRENA) Biofuel Potential in Sub-Saharan Africa: Raising food yields, reducing food waste and utilising residues.

[5] G. Ding et al. (2020) A study on the classification of provincial carbon emissions trading policy instruments: Taking Fujian province as an example

[6] L. Charfeddine et al. (2018) Do information and communication technology and renewable energy use matter for carbon emissions reductions? Evidence from the Middle East and North Africa region

[7] J. Chai et al. (2021) The future natural gas consumption: Based on the LMDI-STIRPAT-PLSR framework and scenario analysis

[8] FAOSTAT  

[9] B. Gu et al. (2020) CO2 Emission Reduction Potential in Electricity Sector: Scenario Analysis Based on LMDI Decomposition

[10] The International Renewable Energy Agency (IRENA) Biofuel Potential in Sub-Saharan Africa: Raising food yields, reducing food waste and utilising residues.

[11] Heliyon (2023) An overview of biomass solid fuels: Biomass sources, processing methods, and morphological and microstructural properties

[12] K.U. Ehigiamusoe et al. (2023) The moderating role of energy consumption in the carbon emissions-income nexus in middle-income countries

[13] X. Chen et al. (2023) Analysis on the carbon emission peaks of African’s industrial, building, transport, and agricultural sectors